06:12 م
الثلاثاء 27 مايو 2025
كتبت- دينا كرم:
مع دخول فصل الصيف الذي يزداد الطلب فيه على الغاز، تجد مصر نفسها أمام تحد جديد يتمثل في تقلص وارداتها من الغاز الإسرائيلي، الذي يشكل ما بين 40% و60% من إجمالي وارداتها، ونحو 15% إلى 20% من استهلاكها، وفقًا لبيانات “مبادرة البيانات المشتركة”.
وتواجه إمدادات الغاز الإسرائيلي تراجعًا ملحوظًا بسبب أعمال صيانة دورية في حقل “ليفياثان” البحري، وهو ما أجبر القاهرة على تقليص أو وقف ضخ الغاز إلى بعض مصانع الأسمدة لمدة 15 يومًا على الأقل، وتزداد الضغوط مع اقتراب أشهر الصيف، إذ أبلغت الشركات المصدرة للغاز الإسرائيلي الجانب المصري بعزمها خفض الكميات الموردة من مليار قدم مكعب يوميًا إلى 800 مليون قدم مكعب، نتيجة ارتفاع الاستهلاك المحلي في إسرائيل، بحسب “الشرق بلومبرج”، فما هي بدائل مصر عن الغاز الإسرائيلي وكيف تستطيع تخطي “شبح أزمة الطاقة” بأقل الخسائر؟
خطوات استباقية
يرى وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، الذي تحدث مع “مصراوي”، أن الدولة المصرية تحركت مبكرًا هذا العام لتأمين احتياجاتها من الغاز، من خلال زيارات إلى دول مثل قطر والجزائر لتوقيع اتفاقيات طويلة الأجل، بالإضافة إلى التعاقد مع سفينة تغويز من تركيا لتوفير كميات إضافية خلال الصيف.
وأضاف النحاس، أن هذه المرة لم ننتظر حتى تقع الأزمة، بل تحركنا بشكل منظم، حيث أن المفاوضات مع دول مثل قطر والجزائر شملت أيضًا تسهيلات في الدفع، على عكس ما كان يحدث مع الجانب الإسرائيلي الذي كان يطلب مستحقاته أولًا بأول.
وحذر النحاس من أن أي تصعيد في المنطقة – سواء مع غزة أو في البحر الأحمر أو بين إسرائيل وإيران– قد يؤدي إلى شلل في عمليات نقل الغاز، مما يهدد الإمدادات حتى لو تم استيراد دفعة أولى، فالوصول إلى دفعة تالية قد يتعطل.
وتابع: لذلك فإن الحكومة رسمت سيناريوهات بديلة تشمل تحويل مسارات الإمدادات من البحر الأحمر إلى البحر المتوسط، والاعتماد على دول مثل الجزائر المطلة عليه، كما جرى التخطيط لجلب ثلاث سفن تغويز إضافية، بهدف توزيع المخاطر وتأمين وفرة مستمرة.
وأكد أن مصر تتحرك بخطة محكمة لتوزيع المخاطر الجغرافية وزيادة التنقيب المحلي لتقليل الاعتماد على الاستيراد في المستقبل، مضيفًا أنه إذا كانت هناك مشكلة متوقعة في يوليو، فالدولة بدأت التحرك قبلها بشهرين، وهو ما يعكس نوعًا من التخطيط الجيد.
توسيع الأسطول وزيادة الإنتاج
وقال جمال القليوبي، أستاذ هندسة البترول والطاقة، “لمصراوي” إن لدى مصر عدة بدائل حيث تعمل على ثلاثة مسارات متوازية لتأمين احتياجاتها من الغاز، أولها توقيع اتفاقيات طويلة الأجل مع دول عدة مثل قطر والجزائر وروسيا، وثانيها التوسع في عدد سفن التغويز.
وأوضح القليوبي،”وصلت السفينة الثانية بالفعل إلى مصر، وهناك مفاوضات لاستقدام سفينتين إضافيتين، بالإضافة إلى السفينة الموجودة لدى الأردن في خليج العقبة، والتي يمكن استخدامها عند الحاجة، ليصبح لدينا أسطول من أكثر من أربع سفن، ما يوفر مرونة كبيرة في الاستيراد”.
وأضاف القليوبي، أن المسار الثالث أن وزارة الكهرباء لديها خطة لإدخال عدد من مشروعات الطاقة المتجددة إلى الخدمة خلال أشهر الصيف، وهو ما من شأنه تقليل الاعتماد على الغاز في توليد الكهرباء.
وأشار القليوبي، إلى أن “قطاع البترول يواصل تنفيذ خطة تطوير عدد من الحقول، منها حقل ظهر، وتسريع عمليات الإنتاج من الاكتشافات التي أُعلن عنها خلال عام 2023، لزيادة الإنتاج المحلي وتقليل الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك.
واختتم القليوبي بأن مصر باتت تمتلك اليوم بدائل متعددة، من خلال اتفاقيات استيراد مرنة وخطط تنمية داخلية، مما يعزز الثقة في قدرتها على تجاوز الأزمة المقبلة دون انقطاع في الإمدادات أو ضغط كبير على السوق المحلي.