(MENAFN- Al-Bayan) أكد معالي الدكتور أنور محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، أن المشهد الدولي والإقليمي يعاني اليوم من عدم الوضوح وغياب اليقين، وأن المرحلة الراهنة تشهد حالة كبيرة من عدم الوضوح، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية مثل التكنولوجيا، التي تعول عليها دولة الإمارات محركاً رئيسياً للاستثمار في المستقبل، مشيراً إلى أن الذكاء الاصطناعي أحدث تغيراً أكبر من الإنترنت في طريقة عملنا، ما يجعل كل المنظومات، التي نعمل ضمنها عرضة لتغييرات جذرية وعميقة في الأمد القريب.

    ودعا معاليه إلى مواجهة الحملات الإعلامية الموجهة ضد الإمارات التي وصفها بالمصطنعة، والابتعاد عن الانجراف وراء ((إعلام القاع)) على مواقع التواصل الاجتماعي، مشيراً إلى أن الحملة الإعلامية اليوم على دولة الإمارات هي حملة مصطنعة، ولا نراها في الإعلام الرصين، مشدداً على ضرورة زيادة التركيز على السرديات الإيجابية في الإعلام الرسمي، والتفاعل بذكاء مع منصات التواصل الاجتماعي، لتعزيز صورة الأمن والاستقرار الذي تعيشه الإمارات.

    وقال: ((بالنسبة للحكم على تجربة دولة الإمارات أتركه للآخرين، لكن هناك إنجازات وأرقام تتكلم عن ريادة هذه التجربة النوعية)).

    جلسة

    جاء ذلك في جلسة بعنوان ((تداعيات الفوضى وتحديات صناعة الاستقرار))، التي أدارها الإعلامي طاهر بركة في قناة العربية، ضمن فعاليات قمة الإعلام العربي، بحضور سمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية، وسمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي، ومنى غانم المرّي نائب الرئيس العضو المنتدب لمجلس دبي للإعلام رئيسة نادي دبي للصحافة.

    وأشار معالي الدكتور أنور قرقاش إلى غموض المشهد الاقتصادي الدولي، الذي يتسم بتحولات نحو سياسات تعيد تشكيل قواعد العولمة، التي سيطرت على العقود الماضية، مضيفاً أن النظام الدولي نفسه يمر بعدم استقرار، مع تحول مصلحة الولايات المتحدة نحو أولوية وطنية واضحة تتجاوز التوجهات السياسية التقليدية.

    انقسامات

    وفي معرض حديثه تطرق معاليه إلى الانقسامات، التي تعاني منها الدول العربية، موضحاً أن دول الخليج نجحت في تجاوز العديد من التحديات، في حين أن هناك دولاً عربية أخرى تواجه أزمات حادة وصفها بأنها ((عنق الزجاجة)). وقال: ((إن مسؤوليتنا الوطنية والعربية تقتضي التعامل مع هذه التحولات، خاصة في المجالات التكنولوجية والسياسية والاقتصادية، لضمان حماية مصالحنا المشتركة وتحقيق الاستقرار)).

    وبين معاليه أن زمن الأيديولوجيات، الذي أسهم في تكريس الفرقة وتقزيم بعض الدول انتهى، وأن هناك سقوطاً للأيديولوجيا في السياسة العربية، وتكرر هذا السقوط، لكن للأسف لم يدرك البعض الدروس، لافتاً إلى أن هذا السقوط المأساوي، بسبب التمسك الأعمى بمصطلحات أيديولوجية غير منسجمة مع الواقع

    وشدد على ضرورة التركيز على التحول إلى القضايا الأساسية التي تهم الناس مباشرة، مثل الازدهار الاقتصادي، ومستوى المعيشة، وتأمين الاستقرار الأمني والاقتصادي.

    أولويات

    وأكد معاليه ضرورة وجود دولة وطنية واضحة السيادة لا تديرها ميليشيات أو جيشان متوازيان، وأن الأولويات يجب أن ترتكز على التعليم، وتوفير فرص العمل للشباب، والواقعية السياسية التي تقدمها دول الخليج نموذجاً ناجحاً في المنطقة، كما حذر من وهم الشعارات السياسية الفارغة، التي أوصلت العديد من الدول العربية إلى أوضاع مأزومة، داعياً إلى التخلص من هذا الوهم، والعمل على بناء واقع جديد قائم على فرص حقيقية.

    مساعدات إنسانية

    وقال معاليه إن دولة الإمارات العربية المتحدة أسهمت في 42 % من المساعدات الإنسانية التي دخلت إلى غزة.

    وأشار معاليه إلى أننا لو نظرنا اليوم إلى العالم العربي لنجده عالمين، فإذا انتعشت سوريا ولبنان سيشكل هذا الانتعاش إضافة للمنظومة الاقتصادية والاجتماعية العربية.

    وبين معاليه فيما يتعلق بلبنان أن هناك قوى تسعى للبقاء في واقع سابق، وأخرى تحاول دفع التغيير نحو مستقبل قائم على الكفاءة والعدالة والازدهار، معتبراً أن دعم النخب الجديدة التي تسعى لتغيير الواقع في هذين البلدين يمثل ضرورة حتمية، يسهم في خلق واقع عربي جديد.

    خيار وطني

    ولفت إلى أن استخدام قضية التطبيع فزاعة لمنع التغيير الإيجابي هو استثمار في سياسات فاشلة أدت إلى تفتيت دول عربية وإضعافها.

    وأوضح أن السياسة الخارجية الإماراتية تعنى بالتعامل الواقعي مع أزمات المنطقة وتحويلها إلى فرص، حيث تعتبر الإمارات متنفساً لجاليات عربية متعددة تعمل وتبدع داخلها، ما يعكس قدرة العرب على الإنتاج والإبداع في بيئة مستقرة.

    شراكات استراتيجية

    وأكد أن العلاقات الإماراتية مع القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا والصين تأخذ منحى اقتصادياً وتكنولوجياً يركز على المستقبل، مشيراً إلى تطور العلاقات الإماراتية – الفرنسية، وأن دولة الإمارات أحد المستثمرين والشركاء الرئيسيين لإنشاء مجمع للذكاء الاصطناعي في فرنسا بقيمة 50 مليار دولار، معتبراً الإمارات اليوم شريك أساسي في بناء مستقبل مشترك مع هذه الدول.

    وأكد معاليه ضرورة إعادة النظر في الفلسفة السياسية والأيديولوجية، التي تكرس التقسيم والتشتت في العالم العربي، داعياً إلى الخروج من عنق الزجاجة، مع التركيز على منع هجرة العقول، ورفع مستوى التعليم، وتحسين الظروف المعيشية، والحفاظ على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بدولة مستقلة.

    قطاع الإعلام

    وأشار معاليه في ختام الجلسة الحوارية إلى أن القطاع الإعلامي يمر بفترة عدم وضوح طويلة مرتبطة بالتطورات التكنولوجية، وأن الإعلام اليوم يقف عند مفترق طرق، يحتاج فيه إلى دراسة معمقة، لتحديد الأدوات والوسائل التي ستظل فاعلة، وتلك التي ستتراجع في ظل التحولات المتسارعة.

    MENAFN28052025000110011019ID1109605072