في قلب الرمال الحارقة، حيث تندر الحياة وتشتد قسوة المناخ، تظهر مخلوقات فريدة تعرف باسم “أسماك الصحراء”، ولكن لا تنخدع بالاسم، فهي لا تمت بصلة لعالم البحار، بل تنتمي إلى فصيلة الزواحف، وتملك خصائص مزدوجة تجمع بين الزواحف والأسماك، ما يجعلها محط دهشة وفضول الباحثين ومحبي الغرائب، تعيش هذه الكائنات في البيئات الصحراوية القاحلة، وتتغذى على الحشرات والنباتات، كما تتميز بقدرتها المدهشة على الغوص في الرمال تمامًا كما تفعل الأسماك في الماء، وهو ما أكسبها هذا الاسم العجيب والمثير.
ليست سمكة حقيقية.. بل زاحف يتقن السباحة في الرمال
رغم أنها تُعرف شعبيًا باسم “أسماك الرمال” أو “أسماك الصحراء”، إلا أن هذه الكائنات لا تعتبر أسماكًا حقيقية، فهي من الزواحف ذوات الدم البارد، لكنها حظيت بهذا اللقب بسبب قدرتها الفريدة على الغطس والانسياب داخل الرمال وكأنها تسبح في الماء، مما يجعلها تجمع صفات شكلية وسلوكية بين الزواحف والأسماك.
موطنها الأصلي ومجالات انتشارها
تنتشر هذه الكائنات في المناطق الصحراوية الشاسعة، خاصة في شمال إفريقيا، والصحراء العربية، وأجزاء من بلاد الشام وجنوب الأردن، حيث تعيش في البيئات الجافة والقاحلة، وتتغذى بشكل رئيسي على جذور النباتات الصغيرة والحشرات.
أسماء متعددة وصفات مميزة
تحمل هذه الزواحف الصحراوية عدة تسميات تختلف باختلاف المناطق، منها “سمكة الرمال”، و”الشرشمانة”، و”السقنقور”، وتُعرف في الجزائر باسم “أسماك الشرشمان”، ويطلق على ذكرها اسم “العبودي”، بينما تُسمى الأنثى “شرشمانة”، أما صغارها فلها اسم خاص هو “أسماك الزغدودي”.
تشبه السحالي وتُعد فريسة مفضلة لعدد من المفترسات
تتشابه هذه الكائنات بشكل كبير مع السحالي، فهي زاحفة صغيرة تتغذى على الحشرات واليرقات، وتدخل ضمن النظام الغذائي لعدد من الحيوانات المفترسة الصحراوية مثل القنافذ، الفنك، الطيور الجارحة، الأفاعي، وحيوان الورل الصحراوي، كما أنها تحمي نفسها بالغوص السريع في الرمال.

التكاثر والتمييز بين الذكر والأنثى
تتكاثر هذه الزواحف بالبيض، وتختلف ألوانها وأحجامها حسب الجنس، فالأنثى تكون صغيرة الحجم ويميل لونها إلى الأصفر مثل لون الرمال، بينما الذكر يكون أكبر حجمًا ويملك خطوطًا بنية عرضية على ظهره تميّزه بوضوح عن الأنثى.
أثرها في الرمال يكشف أماكن وجودها
يُمكن تتبع أماكن وجود هذه “الأسماك” من خلال الآثار التي تتركها في الرمال، وهي آثار مشابهة لتلك التي تخلفها الأفاعي الصحراوية، وغالبًا ما تكون على شكل مجموعات صغيرة، مما يسهل على الصيادين أو المهتمين العثور عليها.
هواية غربية.. تربية أسماك الرمال
في بعض الدول الغربية، يلجأ البعض لتربية هذه الكائنات الغريبة كنوع من الهواية، ويحتفظون بها كحيوانات أليفة نظرًا لشكلها اللافت وسلوكها غير المعتاد، وهي تعد من الزواحف النادرة التي يتم اقتناؤها بهذا الشكل خارج بيئتها الأصلية.
