حسام عبدالنبي (أبوظبي)

    تبرز أبوظبي قوة صناعية صاعدة، تمتلك المقومات التي تؤهلها لقيادة جهود تشكيل مستقبل القطاع، حسب محمد علي الكمالي، الرئيس التنفيذي للتجارة والصناعة في مكتب أبوظبي للاستثمار، والذي أكد لـ«الاتحاد» أن الخريطة الصناعية العالمية تشهد تحولات جوهرية، بفعل زيادة التعرفات الجمركية، وتقلبات أسعار الطاقة، وتغير أنماط التجارة الدولية، مشيراً إلى أنه في ظل هذا الواقع الجديد، لم يعد حجم الإنتاج معياراً كافياً لضمان الصدارة، بل ظهرت معايير جديدة تحدد النجاح، بما في ذلك الكفاءة والاستدامة والتفوق التكنولوجي.
    ويرى الكمالي، أن تحول أبوظبي قوة صناعية صاعدة، لم يكن وليد المصادفة، بل ثمرة رؤية استراتيجية طموحة، وتنفيذ دقيق، واستثمارات مدروسة، تجسدت في «استراتيجية أبوظبي الصناعية 2031»، التي تهدف إلى مضاعفة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي، وترسيخ مكانة الإمارة مركزاً عالمياً للتصنيع المستدام والذكي. 

    وقال: إن ثمار هذه الاستراتيجية انعكست في الإنجازات اللافتة التي حققها القطاع الصناعي لإمارة أبوظبي، حيث بلغت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي للإمارة حوالي 111 مليار درهم خلال عام 2024، بزيادة قدرها 2.7% مقارنة بعام 2023، ما يضع أبوظبي ضمن الاقتصادات الصناعية الأعلى إنتاجية للفرد في المنطقة. وأضاف: كما ارتفعت قيمة الصادرات غير النفطية بنسبة 15% لتصل إلى 107 مليارات درهم، فيما زاد عدد المنشآت الصناعية النشطة بنسبة بلغت 10%، لتصل إلى أكثر من 1100 منشأة، وقفزت نسبة الشركات العاملة في إعادة تدوير المنتجات الثانوية بنسبة 200%، لافتاً إلى المساهمة في استقطاب استثمارات إضافية بقيمة 3.5 مليار درهم خلال عام 2024.

    قوة المنظومة 
    ووفقاً لـ الكمالي، فإن نجاحات أبوظبي، ليست مجرد أرقام، بل هي انعكاس لقوة المنظومة الصناعية في أبوظبي، والتي ترتكز على الصناعات المستقبلية، والابتكار والتقنيات المتقدمة، والتركيز على الكفاءات الماهرة، محدداً أبرز ما يميز أبوظبي في قدرتها على تحويل الطموحات إلى واقع، بكفاءة عالية وعلى نطاق واسع، مقدمة للمصنعين والمستثمرين حزمة متكاملة من المزايا التي قلما تجتمع في وجهة واحدة، بدءاً من بنية تحتية عالمية المستوى، مروراً بتكاليف تشغيل تنافسية، وصولاً إلى بيئة أعمال مستقرة، تستند إلى أطر تنظيمية مرنة وتشريعات داعمة للنمو طويل الأمد.
    وأكد الرئيس التنفيذي للتجارة والصناعة في مكتب أبوظبي للاستثمار، أن أهمية أبوظبي الاستراتيجية تتزايد مع توجه الشركات الصناعية العالمية نحو تقريب سلاسل الإمداد من الأسواق سريعة النمو، تماشياً مع مستهدفات الاستدامة وتوجهات إعادة الهيكلة الصناعية. وقال: إن الإمارة توفر بيئة مثالية تلبي هذه التطلعات، من خلال مناطق صناعية متكاملة تجمع بين البنية التحتية المتطورة، والخدمات اللوجستية المتعددة الوسائط، والمنصات الرقمية الذكية، بما يسهم في تسهيل رحلة المستثمر، وتعزيز قدرة الشركات على التوسع، منوهاً بأن البرامج الداعمة، مثل «برنامج دعم الطاقة» و«برنامج دعم إيجارات الأراضي»، أسهمت في تقليص تكاليف التشغيل، ما سرّع من وتيرة النمو الصناعي، في حين عزز إطار القيمة المحلية المضافة الإنفاق على الموردين المحليين بنحو 48 مليار درهم خلال عام 2024، محافظاً بذلك على القيمة الاقتصادية داخل الدولة، وداعماً لتنمية القدرات الإنتاجية الوطنية.

    سلسلة القيمة 
    عن الرؤية الاستشرافية الطموحة لأبوظبي، أفاد الكمالي، بأن أبوظبي تستثمر في كافة مراحل سلسلة القيمة الصناعية، بدءاً من توظيف التقنيات المتقدمة والتحول للاعتماد على الطاقة المستدامة، وصولاً إلى تمكين البحث والتطوير وتنمية الكفاءات الوطنية، مبيناً أنه في هذا السياق، جرى تصميم مجمعات صناعية متخصصة تستهدف قطاعات محددة، بما في ذلك مجمع صناعة المركبات الذكية وذاتية القيادة (SAVI)، ومجمع الصحة والطب واللياقة لحياة مستدامة (HELM)، ومجمع تنمية الغذاء ووفرة المياه (AGWA).  وأكد أن جاذبية أبوظبي لا تقتصر على ما توفره من تسهيلات، وما تمتلكه من مقومات صناعية متقدمة، بل تمتد إلى قدرتها على فتح آفاق واسعة أمام المستثمرين للوصول إلى الأسواق العالمية.

    الشراكات الاقتصادية 
    قال محمد علي الكمالي إنه بفضل شبكة اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة (CEPA)، تحظى الشركات الصناعية في دولة الإمارات بإمكانية الوصول إلى أسواق تضم أكثر من 2.5 مليار مستهلك حول العالم، كما تكتمل هذه المزايا بتوفر منظومة أعمال مستقرة، مدعومة بصناديق سيادية تتجاوز قيمتها 1.7 تريليون دولار، وأطر تنظيمية متطورة تواكب المتغيرات، وتدعم النمو طويل الأمد، ما يجعل من أبوظبي وجهة مثالية للاستثمار الصناعي المستدام. وأوضح الكمالي، أن الدورة الأخيرة من منصة «اصنع في الإمارات» تؤكد مضي الإمارة قدماً في مسار التحول الصناعي، عبر مشاريع نوعية وشراكات استراتيجية ترسّخ مكانتها مركزاً إقليمياً وعالمياً للصناعة المتقدمة، وبما يعزز دورها شريكاً استراتيجياً يدعم نمو الصناعات والابتكار فيها، مختتماً بدعوة قادة الصناعة حول العالم للانضمام إلى مسيرة التحول التي تقودها الإمارة للمشاركة الفاعلة في صياغة مستقبله، وتحقيق أثره الإيجابي على المستويين الإقليمي والدولي.