أثار الاتصال الهاتفي أمس بين الرئيس الامركي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جينبينغ تساؤلات حول مدى إمكانية تجاوز الخلافات الأوسع نطاقاً بين البلدين، في ظل تصاعد التوترات حول قضايا مثل تايوان وبحر الصين الجنوبي، وحتى ملفات حقوق الإنسان، في خطٍ متوازٍ مع الحرب التجارية القائمة بين البلدين، التي امتدت آثارها، ليس فحسب على مستوى الدولتين، بل على المستوى العالمي، بما يهدد حركة التجارة العالمية برمتها وقال ترامب ان الاتصال أفضى الى «خلاصة إيجابية للغاية»، مشيرا الى أن كلا منهما دعا الآخر لزيارة بلاده.

    وكتب ترامب على منصته للتواصل الاجتماعي تروث سوشال «دام الاتصال قرابة ساعة ونصف ساعة، وأثمر خلاصة إيجابية للغاية لصالح البلدين»، مشيرا الى أن مسؤولين تجاريين من الطرفين سيلتقون «قريبا».

    وتابع «الرئيس شي دعاني والسيدة الأولى بلباقة لزيارة الصين، وقمت بالمثل. كوننا رئيسين لأمتين عظيمتين، هذا أمر نتطلع كلانا للقيام به».

    ورغم وجود فرص لتفاهمات تجارية، تبقى الملفات السياسية أكثر تعقيداً، بسبب تباين الأولويات والرؤى الاستراتيجية، فالصين تسعى لتثبيت نفوذها الإقليمي، بينما تعتبر واشنطن هذا تهديداً لمصالحها الاقتصادية.

    ويرى محللون أن استمرار الحوار، ولو بالحد الأدنى، ضروري لتجنب التصعيد، خاصة مع تداخل المصالح الاقتصادية.

    وفيما قد يسهم الاتصال في تهدئة مؤقتة، فإن تحقيق اختراق سياسي أوسع، يظل مرهوناً ببيئة دولية أكثر توازناً.

    الكاتبة الصحافية الصينية ياي شين هوا، ترى أن العلاقات بين الصين والولايات المتحدة، باعتبارهما أكبر اقتصادين عالميين، لا تخدم فقط مصالح شعبيهما، بل تعزز السلام والتنمية العالمية، مشيرة إلى أن بكين تؤكد تمسكها بسياسة خارجية سلمية، ترتكز على الاحترام المتبادل والعدالة والتعاون لتحقيق المنفعة المشتركة.

    في الملفات الاقتصادية والتجارية، هناك فرص واسعة للتعاون، والصين مستعدة لحل الخلافات بالحوار والتشاور، لتعزيز تنمية مستقرة للعلاقات الثنائية.

    أما في القضايا السياسية الأكثر تعقيداً، فتلتزم الصين بسياسة مستقلة وسلمية، وتشدد على احترام المصالح الجوهرية للدول، وتعزيز التفاهم عبر الحوار المتساوي، وفق شين، التي تلفت إلى أن التواصل المرتقب بين قادة البلدين، يُعد محوراً مهماً لتطوير العلاقات ودفعها نحو الأمام، منبهة إلى التساؤلات القائمة حول إمكانية توسيع الاتصالات بين الجانبين، لتشمل ملفات سياسية، كمسألة تايوان وبحر الصين الجنوبي وأمن المنطقة.

    في تقديرها، فإن «التعاون الاقتصادي هو المجال الأكثر قابلية للتنفيذ والأولوية، لأنه يمس الاستقرار الاقتصادي العالمي، ويعزز بناء ثقة متبادلة، تفتح المجال للحوار السياسي لاحقاً.

    مع ذلك، تبقى الملفات السياسية أكثر تعقيداً، متعلقة بخطوط حمراء استراتيجية، واختلافات أيديولوجية، وصراعات نفوذ، ما يصعب التوصل لتفاهمات سريعة فيها».

    بالتالي، التعاون الاقتصادي هو نقطة الانطلاق التي يمكن أن تمهد تدريجياً لإدارة الخلافات السياسية، ولكن تحقيق اختراقات حقيقية، يتطلب إرادة سياسية ورؤية استراتيجية مشتركة من الجانبين.

    يأتي ذلك في وقت أضفت فيه تصريحات ترامب الأخيرة مزيداً من الغموض على فرص التفاهم، إذ أكد عبر «تروث سوشيال»، تقديره للرئيس شي، لكنه وصف التوصل إلى اتفاق معه بأنه «صعب للغاية».

    هذا التباين بين المودة الشخصية والتعقيدات السياسية، يعكس جوهر العلاقة الأمريكية الصينية، حيث يمتزج التنافس الاستراتيجي بالاعتماد المتبادل، وتظل مساحة الحوار مفتوحة، لكنها محفوفة بالتحديات.

    ويقول خبير الشؤون الصينية، جعفر الحسيناوي، إن «التصعيد في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، سيؤدي إلى خسائر جسيمة للطرفين، ومن المؤكد أن الحلول والتوصل إلى اتفاق يحافظ على مصالح الجانبين، أمر ممكن وضروري.. ومع ذلك، فإن الأهمية الأكبر في أي لقاء أو زيارة رسمية بين الرئيسين الأمريكي والصيني، تكمن في محاولة نزع السلاح النووي، وإنتاج الصواريخ البالستية المتطورة، التي تطورها كوريا الشمالية.

    فالولايات المتحدة تدرك جيداً قدرة الصين على التأثير في القرار السياسي لكوريا الشمالية، ومن المتوقع أن تطلب الصين بالمقابل من واشنطن، تخفيض نشر الصواريخ المتطورة في كوريا الجنوبية، والسعي نحو تحقيق استقرار في شبه الجزيرة الكورية».

    مفاوضات

    ويضيف: المحادثات بين البلدين، قد تركز بشكل أساسي على القضايا السياسية الحساسة، في خطٍ متوازٍ مع التطرق إلى الملفات التجارية، التي تبدو أسهل نسبياً، نظراً للمصالح المشتركة التي تجمع الطرفين.

    ويختتم حديثه قائلاً: «بالتالي، يمكننا استنتاج أن التفاوض بين الصين والولايات المتحدة، سيركز على الجانب السياسي كأولوية، فيما يشكل التعاون التجاري الثنائي مجالاً أكثر قابلية للتقدم والاتفاق، بفضل المصالح الاقتصادية المتبادلة، التي تحفز الطرفين على التفاهم»، على حد قوله.