الأنباء الكويتية

     

    أرخى العدوان الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت مساء الجمعة بثقله على المواقف والتحركات والاتصالات ولو أن جزءا منها هو بعيد عن الأضواء، لاسيما في ضوء عطلة عيد الأضحى المبارك.

    وفي هذا الإطار، علمت «الأنباء» الكويتية أن قريبين من رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون عادوا إلى طرح فكرة أن يقوم موفد اميركي بمفاوضات مستمرة على خط بيروت – تل ابيب أولا لضبط التصعيد الإسرائيلي الحاصل، وثانيا لمحاولة ايجاد حلول للنزاع الحدودي وملف الأسرى.

    وينطلق هؤلاء من فكرة أن الموفد الأميركي إلى سوريا توم براك، وهو من أصل لبناني، يمكنه القيام بهذه المهمة نظرا إلى قربه من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ولنجاحه الأولي في الملف السوري حتى الآن، وثانيا لأنه يفهم الواقع اللبناني والعقل اللبناني إلى حد كبير.
    إلا أن المهم أن تقبل تل ابيب باقتراح كهذا، وهي التي تكرر موقفها بضرورة نزع سلاح «حزب الله» شمال الليطاني فورا وعدم التلكؤ في ذلك، متهمة الحزب بالعمل على بناء ترسانته العسكرية مجددا من خلال مراكز لتصنيع وتجميع المسيرات أقامها في الآونة الأخيرة.

    وسط هذه الأجواء، لا تزال الأسئلة تتزاحم حول أبعاد العدوان الإسرائيلي والمدى الذي سيبلغه، وما اذا كان مجرد استهداف لمراكز «حزب الله» كما قالت إسرائيل، أو انه استدراج للحزب ومعه لبنان إلى حرب جديدة من الواضح أن موازين القوى أو المواجهة فيها غير متوافرة على الاطلاق، و«الحزب» ليس في وضع ميداني أو سياسي يسمح له بفرض قراراته كما كان عند اطلاق «حرب الإسناد»، حيث كان يرفض على مدى نحو سنة أي حديث عن وقف هذه «الحرب المتقطعة» أو الوصول إلى تسوية قبل وقف الحرب على غزة.

    وقالت مصادر مقربة من مرجع رسمي لـ«الأنباء» ان الغارات الأخيرة على الضاحية الجنوبية والتي جاءت في سياق تصعيد تدريجي منذ اتفاق وقف اطلاق النار في 27 تشرين الثاني الماضي قد بلغت ذروتها، ووصلت إلى مرحلة لا يمكن تجاهلها أو السكوت عليها، على رغم ان هذا العدوان لم يتوقف طوال الاشهر الماضية.
    وتضيف المصادر ان ردة الفعل اللبنانية سواء من رئاسة الجمهورية أو من قيادة الجيش بالتلويح بوقف التعاون مع لجنة الإشراف على وقف النار، تشير إلى المستوى الذي وصلت اليه الامور ونفاد «سلاح الصبر» الذي يتحلى به لبنان كما أشار رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل فترة قصيرة، الأمر الذي يدفع الأمور إلى معركة «سياسية – ديبلوماسية» لتجنب الذهاب إلى مواجهة «ميدانية عسكرية».

    وأشارت المصادر إلى قناعة لدى المسؤولين اللبنانيين بأن اسرائيل تريد ان ترمي بأزماتها الداخلية والخارجية على لبنان في ظل العزلة الدولية التي تواجهها في هذا المجال.
    وذكرت المصادر بما حصل خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأخيرة إلى واشنطن، حيث قطع زيارة رسمية إلى المجر للتوجه إلى واشنطن على وجه السرعة، بناء لدعوة عاجلة توقع خلالها الحصول على «ضوء أخضر» لتوجيه ضربة عسكرية إلى ايران، لكن النتيجة كانت عكسية، واستقبل بفتور بالغ.
    وأشارت المصادر إلى انه أمام هذا الوضع المأزوم، فإن المسؤولين في لبنان سيكثفون من اتصالاتهم خلال الأيام المقبلة مع الدول الراعية لاتفاق وقف النار بعد عطلة العيد، اذ يتوقع ان تشهد العاصمة اللبنانية حركة نشطة، لقطع الطريق على اي مسعى إسرائيلي لتفجير الوضع، مشيدة بالموقف الفرنسي الحازم تجاه العدوان الإسرائيلي.

    ويستعد لبنان الرسمي لإطلاق حملة واسعة، تتضمن التزامه باتفاق وقف إطلاق نار، والفصل بين ما تسعى اليه إسرائيل من جعل الدولة اللبنانية تعمل في خدمتها. ويكرر أركان الحكم في لبنان أمام من يلتقونه من دبلوماسيين وموفدين أجانب، ان إسرائيل دولة عدوة للبنان منذ تاريخ قيامها في 1948، ويبرزون الاعداءات الثقيلة التي قامت بها على لبنان منذ ذلك التاريخ.