مع استمرار الحرب في قطاع غزة، يبرز اسمٌ واحدٌ في الخطاب المحلي والدولي: ياسر أبو شباب. حتى وقتٍ قريب، كان يُعتبر شخصيةً هامشيةً ذات سجلٍّ إجرامي، لكنه أصبح من الشخصيات المحورية على الأرض، لا سيما لدوره في تأمين المساعدات الإنسانية وتعاونه مع إسرائيل.

    ووفقًا لتقرير نشر الأحد في صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية، فإن أبو شباب وعناصر المجموعة المسلحة التي يقودها – والتي يتراوح عددهم بين 100 و300 مقاتل – يقيمون منذ أسابيع في المناطق الواقعة بين شرق رفح وجنوب شرق خان يونس، الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية. ينتمي معظم أعضاء المجموعة إلى قبيلة “الترابين” البدوية الكبيرة، وهي قبيلة أبو شباب، المعروفة بحبها للسلاح وعلاقاتها التقليدية مع عناصر محلية.

    وبحسب مصادر الصحيفة، فإن أبو شباب أميّ، لا يعرف القراءة والكتابة وهناك تساؤلات كثيرة حول الهوية الحقيقية لمدير صفحته المهنية على فيسبوك. تتضمن الصفحة رسائل عامة ضد حماس، ودعوات للوحدة الفلسطينية، وتصريحات حول جهود حماية شحنات المساعدات – وهي مناطق لا يمكن لأحد دخولها دون تنسيق مع إسرائيل.

    قد يعجبك أيضًا –

    في الوقت نفسه، ينشر معهد دراسات الأمن القومي (INSS) تحليلاً للباحثة أوريت بيرلوف، يُقدم صورة أعمق لشخصيته: في الماضي، كان أبو شباب متورطاً في تهريب الأسلحة والمخدرات، وكانت له علاقات بتنظيم داعش في سيناء – مع أنه لم يتبنَّ قط أيديولوجية التنظيم. خلال حكم فتح في قطاع غزة، عمل حارساً أمنياً لمؤسسات السلطة الفلسطينية. في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، تبرأت قبيلته منه علناً بسبب تعاونه مع إسرائيل – مما أدى إلى انتقام حماس، التي حاولت اغتياله مرتين على الأقل.  

    عمليًا، يقود أبو شباب حاليًا ميليشيا محلية تُسمى “القوات الشعبية”، تعمل بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي، ومكلفة بحراسة قوافل المساعدات الإنسانية، وخاصةً في مشاريع تجريبية مثل توزيع المواد الغذائية في حي العمور شرق رفح. في النموذج العملياتي، تُخلي قوات الجيش الإسرائيلي منطقة سيطرت عليها حماس، وتُنشئ جيبًا فلسطينيًا آمنًا، ويقوم أعضاء أبو شباب بتأمين المنطقة وتوزيع المواد الغذائية على المدنيين – مع إبقاء حماس خارج المنطقة.

    لنتذكر أنه في نهاية الأسبوع الماضي، كشف عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان أن إسرائيل “تُسلح ميليشيات في غزة تابعة لداعش”. أكد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو هذه التصريحات، مُشددًا: “ما العيب في ذلك؟ إنه يُنقذ أرواح جنود الجيش الإسرائيلي”. وقال إن الأسلحة المذكورة صودرت من حماس ووُزعت على منظمات تعارضها في قطاع غزة، بما في ذلك ميليشيا أبو شباب.

    وهكذا أصبح أبو شباب اختبارًا ميدانيًا: هل من الممكن إنشاء حكومة محلية براغماتية، مجهولة الهوية سياسيًا، تملأ الفراغ المتزايد منذ انهيار مؤسسات حماس؟ هل ستتمكن السلطة الفلسطينية من استعادة السيطرة على القطاع مستقبلًا بمساعدة شخصيات مثله؟

    في هذه الأثناء، تحول ياسر أبو شباب في غزة منذ زمن من شخصية هامشية ذات ماضٍ إجرامي إلى لاعب رئيسي في الصورة الجديدة للقطاع.