المشهد الأول للفيلم يعرض تسجيل لحفلة زفاف جماعي في جمهورية أرتساخ مطلع العام 2008. الكاهن الذي يقيم مراسم الزواج يبارك السبعمئة زوج وزوجة ويعلن أن أبناءهم سيعيدون إعمار المنطقة وسيقاتلون من أجل الدفاع عن الوطن. فريج هو الولد البكر بين ثلاثة أطفال لأبوَين تزوّجا في ذلك الزفاف، والمنذور بالميلاد مع غيره لمصير الحرب. تتبع مخرجة الفيلم، سارين هيرابديان، الأردنية ذات الأصول الأرمينية والفلسطينية، فريج وعائلة خاتشريان، بين العامين 2020 و2023، من دون التطرق إلى الخلفيات الجيوساسية للصراع في المنطقة. باستثناء لقطات تظهر قوات حفظ السلام الروسية، يكتفي الفيلم بالتركيز على الحياة اليومية للصبي المقبل على سن المراهقة.
يعيش فريج في قرية صغيرة لا يتجاوز عددها سكانها الـ150 نسمة، ويسخر بالقول إن علاقة قرابة تربطه بنصفهم. لكن الحياة التي تبدو هادئة يظللها شبح الحرب الحاضر دائماً. تقول الجدّة التي لم تتجاوز الستين من عمرها، إنها شهدت ثلاثة حروب ولا تريد أن ترى أحفادها يخوضون حرباً أخرى. بلقطات مغلفة بطاقة شعرية، تتبع الكاميرا كيف تتم عسكرة الطفولة، في الأغاني، والملابس وحصص الدراسة، والمناسبات العائلية، والمعسكرات الصيفية، وجدران المدرسة المغطاة بصور شهداء الوطن. في أحد المَشاهد، يقول ضابط جيش حضر إلى الصف لإلقاء درس حول القتال، إن المدرسة هي حضانة الجنود.
على تلك الخلفية، نتابع فريج وهو يتجول في مزرعة العائلة، ببندقية خشبية صنعها بنفسه، ويلهو مع أخوته الأصغر سناً بإطلاق رصاصات وهمية ترافقها أصوات فرقعات يصدرونها بشفاههم. تقطيع المَشاهد يراكم شعوراً طاغياً بحضور القتال في كل تفصيل من الحياة اليومية. في فترة تصوير الفيلم، تهجّرت عائلة خاتشريان مرتين بسبب الحرب، وفي إحداهما يبقى الوالد في القرية ليشارك في القتال. ومع تتابع الاشتباكات، تسيطر على أحاديث المجالس العائلية نغمة قدرية لها إيقاع ثقيل.
“حلوة يا أرضي” هو فيلم بلوغ، عن اكتشاف الذات واكتشاف العالم الذي سلّمه البالغون للأطفال، لكنه فيلم بلوغ بذروة مقلوبة. في سن الثالثة عشرة، وبعدما انضم إلى معسكر تدريب حيث تعلّم استخدام بندقية حقيقية، أدرك فريج أن القتال ليس أمراً ممتعاً، وأمام الكاميرا يوجز نظريته الصغيرة: “بدأت الحرب عندما اخترعوا البنادق”. يصير المراهق أقل يقيناً بما يؤمن به، ويضيف: “ربما علينا أن ندخل الجيش، لكن لا يجب أن نحمل البنادق”.
لا يتخلص فريج من ميراث الحرب، حتى بعد انتهاء القتال. فبعد اختيار الفيلم لتمثيل الأردن في الدورة الـ97 من جوائز أوسكار 2025 عن فئة أفضل فيلم دولي، قامت الهيئة الملكية الأردنية للأفلام بإلغاء قرار الترشيح بعد ضغوط دبلوماسية من أذربيجان التي اعتبرت الفيلم متحيزاً لطرف على حساب آخر.