فقد ألغت الكثير من شركات الطيران رحلاتها إلى لبنان، كما علقت شركة طيران الشرق الأوسط MEA الرسمية اللبنانية العديد من رحلاتها إلى وجهات مختلفة، في الوقت الذي كان من المرجح أن يشهد لبنان حركة سياحية لافتة هذا الصيف.
بالإضافة إلى ذلك، سعت المؤسسات السياحية خلال الفترة الماضية إلى التحضير لموسم سياحي لافت، من خلال افتتاح عدد من المطاعم، والفنادق، والمؤسسات السياحية، وقد يكون مصير هذه المؤسسات مجهولاً مع استمرار الحرب. ورغم غياب الإحصاءات الرسمية، لكن التقديرات تشير إلى إفتتاح عشرات المطاعم والمقاهي والنوادي الليلية في مناطق مختلفة خلال الأشهر الماضية.
الاستثمارات
طغت خلال الأشهر الماضية مؤشرات إيجابية عن إمكانية عودة الاستثمارات العربية والدولية إلى لبنان بداية العام، مع الاستقرار النسي الذي شهده البلد، إلا أن موجة التفاؤل تلك، تواجه تحديات الحرب.
وبالنسبة للمستثمرين، تُثير الأزمات الجيوسياسية حالة من القلق وعدم اليقين، ما ينعكس سلباً على سلوكهم الاستثماري. فمن الطبيعي أن تؤدي اضطرابات السوق إلى ردود فعل انفعالية، كالخوف أو التردد، تدفعهم إلى اتخاذ قرارات حذرة أو انسحابية، الأمر الذي يُضعف فرص ضخ رؤوس الأموال في الاقتصاد اللبناني، لا سيما في قطاعات حيوية كالعقارات، والبنى التحتية، والتكنولوجيا.
الأثر الاجتماعي والاقتصادي
تأثرت أعمال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة سلباً نتيجة العدوان الإسرائيلي على لبنان في العام الماضي، ومع بدء مرحلة التعافي، عادت هذه المؤسسات إلى نشاطها بشكل تدريجي. إلا أن استمرار التوترات الجيوسياسية الحالية يُهدد بإبطاء هذا التعافي، خصوصاً في ظل تراجع ثقة المستهلك وارتفاع منسوب القلق لدى اللبنانيين، ما يدفعهم إلى التركيز على شراء السلع الأساسية والمواد الغذائية، على حساب الخدمات والأعمال المحلية، بما فيها المهن الحرة والحرف اليدوية.
أحدثت الحرب بين إيران وإسرائيل تحولاً في سلوك المستهلكين في لبنان، حيث شهدت الأيام الأولى من اندلاعها إقبالاً كثيفاً على شراء السلع الغذائية وتخزينها، في ظل المخاوف من انزلاق البلاد إلى نزاع جديد أو مواجهة أزمة اقتصادية حادة. هذا السلوك الاستهلاكي، القائم على أولويات البقاء والاحتياجات الأساسية، انعكس في تراجع الإنفاق على قطاعات غير أساسية، مثل الأزياء، والترفيه، وسواها من مجالات الاستهلاك الكمالي.
أسعار الطاقة وأزمة الزراعة
مع بدء الضربات الإسرائيلية ضد إيران في 13 حزيران الجاري، سجلت أسعار الطاقة، وعلى رأسها النفط، ارتفاعاً تجاوز 12 في المئة. وبالنسبة للبنان، فإن أي تغير في أسعار الطاقة عالمياً ينعكس مباشرةً على السوق المحلية، من خلال ارتفاع أسعار البنزين، والغاز، والمازوت. كما يترتب على ذلك زيادة في تكاليف التشغيل لدى المؤسسات التجارية، ما يؤدي بدوره إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات، ويزيد الضغوط المعيشية على المواطنين.
ومن بين القطاعات المعرضة للتأثر سلباً أيضاً، يبرز القطاع الزراعي، لا سيما فيما يتعلق بالمنتجات اللبنانية المعدّة للتصدير. ففي حال إغلاق الحدود مع سوريا، الأردن أو العراق، فإن حركة التصدير ستتعرقل بشكل كبير. ويُذكر أن لبنان كان يصدر سنوياً ما بين 280 إلى 560 ألف طن من المنتجات الزراعية، ما أسهم بشكل ملحوظ في دعم هذا القطاع وتعزيز دخل المزارعين. وعليه، فإن أي تعطيل لمسارات التصدير قد يُهدد استدامة هذا النشاط الحيوي ويُفاقم الأعباء على العاملين فيه.
مخاوف إقفال مضيق هرمز
حذّرت إيران من احتمال اللجوء إلى خيار إقفال مضيق هرمز، أحد أبرز الممرات المائية الحيوية في حركة التجارة العالمية. وإذا ما تم تنفيذ هذا السيناريو، فإن تداعياته الاقتصادية على لبنان ستكون واسعة، أبرزها:
تعطّل الصناعات اللبنانية، نتيجة توقف استيراد المواد الأولية، إلى جانب تعثر حركة تصدير السلع، ما يهدد أكثر من 18 ألف مؤسسة صناعية تعتمد على الأسواق الخارجية.
نقص في المواد الغذائية، إذ إن إقفال المضيق سيوقف تدفق جزء من السلع الاستراتيجية التي يحتاجها لبنان، خصوصاً أن البلاد، رغم تحفيز الصناعة المحلية منذ أزمة 2019، لا تزال بعيدة عن تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي.
ارتفاع أسعار الشحن، في ظل التوترات الجيوسياسية، ما سيزيد من تكلفة الواردات والصادرات، علماً أن أسعار الشحن ارتفعت عالمياً منذ بداية العام بنسبة تفوق 20 في المئة. ومن المرجح أن يؤدي استمرار التصعيد إلى زيادة إضافية، ما ينعكس سلباً على أسعار السلع المستوردة وعلى القدرة التنافسية للمنتجات اللبنانية في الأسواق الخارجية.