04:00 م


    الأربعاء 18 يونيو 2025

    – مارينا ميلاد:

    دوت صافرات الإنذار ببلدة بتاح تكفا شرق تل أبيب، لتنبئ بضربة إيرانية وشيكة. فتدفق ساكنو إحدى البنايات، وهم من عائلة واحدة، نحو غرفة محصنة بالطابق الرابع لمبناهم.. كان عليهم الوصول إليه في مدة تتراوح بين 10 ثوان و60 ثانية فقط وفقا للتعليمات.

    وفي غضون دقائق، ضرب صاروخ إيراني مباشر المبنى وقتل شخصين على الأقل داخله، حسب المعلن رسميًا.

    اعتقد المحتمون بهذا الملجأ وغيره أن حجراتهم المحصنة بالخرسانة المسلحة والباب الفولاذي ستقيهم الضربات لكن الجبهة الداخلية الإسرائيلية أعلنت في تحقيقتها الأولية حول ما جرى “أن الملاجئ لا تحمي بشكل كامل من إصابات الصواريخ البالستية الإيرانية المباشرة”.

    6515641654658

    صورة متداولة للملجأ المستهدف

    عندما استقرت تلك العائلة بملجأهم متوسط المساحة، والذي يحتوي على طاولة واحدة وبضع كراسٍ، دارت أحاديثهم حول “متى ينتهي ذلك؟”، ثم ذهبوا بكلامهم إلى أنهم “لطالما تعرضوا لصواريخ من حركة حماس وحزب الله، لكن مدى وقوة التدمير التي تتمتع بها الصواريخ الإيرانية مخيفة وجعلت كل مكان هدفًا محتملا”.

    فمنذ الهجوم الإسرائيلي المفاجئ على المنشآت النووية الإيرانية ومواقع الصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي، ردت إيران بإطلاق مئات الصواريخ في جميع أنحاء إسرائيل، ما خلّف عشرات القتلى ونحو 600 مصاب حتى الآن.

    قطع حديثهم واحدًا من هذه الصواريخ عندما أصاب مباشرة جدار الملجأ بين واحد علوى وأخر سفلي، وفقًا لتالي فيرسانو إيزمان (ممثل قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية) الذي قال “هذه الضربة بصاروخ ثقيل لا تترك مجالًا للحماية”.

    وهذه الملاجئ التي تبدو محصنة إلى حد ما، بدأت فكرتها مع قيام دولة إسرائيل عام 1948. لكن لاحقًا، صار لها قانون يشترط أن تكون موجودة بجميع المباني السكنية وغير السكنية. فبعد عام 1993، أي بعد حرب الخليج، التي تعرضت فيها لهجمات صواريخ عراقية، أُجبر أي مقاول أو مطور عقاري ببناء تلك الملاجئ.

    وباتت معروفة بثلاث تصميمات ومسميات، أولها الـ”مماد” وهي غرفة محصنة داخل كل شقة سكنية، والـ”مماك” وهو غرفة محصنة داخل البناية، والـ”ميكلات”، وهي الملجأ العام بالشوارع والطرقات، على أن تترواح مساحاتها عادة بين 5 أمتار مربعة و12.5 مترًا.

    رغم ذلك، يتحدث مسؤولون إسرائيليون ووسائل إعلام “إن نحو 60% من بيوت الإسرائيليين لا تحتوي على ملاجئ”، فالبيوت القديمة، التي بُنيت ما قبل فترة التسعينات، لا تضم غرف محصنة.

    وحتى الملاجئ المتوفرة سواء خاصة أو عامة، “أغلبها ليست ذات نوعية جيدة وليست مستعدة لحالات الطوارئ، ما يعني أنها لا توفر الحماية من الصواريخ”، وفقا لما يكشفه تقرير سابق لمراقب الدولة الإسرائيلية (تقارير سنوية بموجب قانون مراقب الدولة).

    وبعد الواقعة الأخيرة في بلدة بتاح تكفا التي اخترق فيها الصاروخ الإيراني الغرفة المحصنة، لم تنكر قيادة الجبهة الداخلية أن “الغرف صُممت لتحمل موجة الصدمة الناتجة عن الصواريخ والشظايا، لكنها ليست مصممة لتحمل ضربة مباشرة من رأس حربي كبير”.

    وكان الصاروخ المخترق للغرفة واحدًا من نحو 370 صاروخًا أطلقتها إيران على إسرائيل منذ بدء الصراع يوم الجمعة الماضية، وفقًا للقوات الإسرائيلية.

    وقد وقع جزء منها على البلدات التي يسكنها فلسطينيون وعرب وتتبع إسرائيل. فعلى بعد 100 كم من “بتاح تكفا”، قتل أربعة أشخاص في مدينة طمرة الشمالية ذات الأغلبية الفلسطينية إثر سقوط صاروخ إيراني يزن نصف طن على منزلهم، حيث لا غرفة محصنة ولا ملاجئ عامة قريبة منه.

    الأمر الذي جعل الحكومة الإسرائيلية تتعرض لانتقادات لعدم بناء عدد كافٍ من الملاجئ في المدن العربية. فهذه المدينة على سبيل المثال، يسكنها أكثر من 35 ألف شخص. ويقول موسى أبو الرومي (رئيس البلدية بها) في حديث لصحيفة الغارديان: “الحكومة الإسرائيلية لم تستثمر في إنشاء أي ملجأ للجزء العربي من المجتمع”.

    وفي المناطق الأخرى ذات الأغلبية الإسرائيلية، التي تتوفر بها الملاجئ، مُنع العديد من السكان الفلسطينيين وعمال أجانب من دخولها من قبل بعض جيرانهم الإسرائيليين، بافتراضهم أنها “مخصصة لهم فقط”، وفقا لشهود عيان.

    فلما قصد ناصر اكتيلات (أحد سكان يافا) الملجأ مع أسرته المكونة من 8 أفراد، فوجئ بطرده. فيحكي: “في اليوم الأول لبدء التصعيد، تلقينا كلمة المرور لفتح باب الملجأ العام في الحي للدخول إليه، دخلنا كأي سكان آخرين، إلا أنهم أشعرونا منذ اللحظات الأولى بأن لنا علاقة بما يحصل بشأن إطلاق الصواريخ”.

    ويكمل “في المرة الثانية التي دوت فيها صافرات الإنذار، قالت لنا إحدى اليهوديات بوجه عابس (غير مرغوب بكم، لا تأتوا إلى هنا مرة ثانية، وسنغيّر كلمة المرور الخاصة بباب الملجأ)، فاضطررت لاحقا للخروج من ملجأ الحي العام، والذهاب إلى ملجأ داخل مدرسة”، بحسب موقع عرب 48.

    وبين الحين والأخر خلال هذه الأيام، يعود هؤلاء إلى الملاجئ مع كل صافرة الإنذار.. يجلبون معهم بعض الطعام والشراب أو وسائل تسلية، فهم، كما يتداولون في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، “كلما دخلوا الغرفة المحصنة، لا يعلمون متى سيخرجون؟، إن خرجوا منها!”.

    فبعد الواقعة الأخيرة، شكك السكان في قدرة هذه الملاجئ على حمايتهم، رغم ذلك تؤكد قيادة الجبهة الداخلية لهم “أن الغرف المحصنة تظل المكان الأمثل والأكثر أماناً، خاصة في المباني الجديدة، بل وتتفوق على الملاجئ العامة، وأنقذت العديد من الأرواح خلال موجات الصواريخ القادمة من إيران حتى الآن.”

    اقرأ أيضا:

    الأكبر في إسرائيل.. ماذا يعني ضرب مصفاة حيفا؟