تُعد البيروقراطية الزائدة من أبرز العوائق التي تواجه خطط التنمية المستدامة في العديد من الدول، إذ إن الإجراءات المعقدة، والتأخير في اتخاذ القرارات، وكثرة الموافقات الإدارية تؤدي إلى تعطيل المشاريع التنموية، وتثبيط جهود القطاع الخاص والقطاع الثالث في المساهمة الفعّالة.

تصفير البيروقراطية يعني تقليص الإجراءات الروتينية غير الضرورية، وتبسيط الأنظمة، واستخدام التكنولوجيا لرفع الكفاءة والشفافية. هذا لا يعني غياب التنظيم، بل تحسينه ليكون مرناً وسريعاً دون الإخلال بالرقابة أو الجودة.

عندما تنخفض مستويات البيروقراطية يصبح تنفيذ المشاريع أكثر سلاسة وسرعة، خاصة في قطاعات حيوية كالصحة، والتعليم، والطاقة النظيفة، كما يخلق بيئة جاذبة للاستثمار، ما يعزز النمو الاقتصادي ويولد فرص عمل. كل ذلك ينعكس بشكل مباشر على تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

ومن المهم الإشارة إلى أن تصفير البيروقراطية يسهم في تحقيق الشفافية الإدارية ويساعد في تقليل الروتين من خلال إجراءات واضحة ومؤتمتة، وهذا بدوره يعزز الثقة بين المواطن والمؤسسات الحكومية التي تسعى لخدمته.

تعكس الرؤية الثاقبة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في تبني تصفير البيروقراطية استشرافاً للمستقبل بحكومة تضع نصب عينيها التنافسية والاستدامة، وتجسد ذلك بإطلاق حكومة دولة الإمارات في نوفمبر 2023، برنامج «تصفير البيروقراطية الحكومية» لتبسيط وتقليص الإجراءات وإلغاء الإجراءات والاشتراطات غير الضرورية، لتسهيل حياة الناس، وتعزيز بيئة محفزة للأعمال، وجاذبة للعقول والمواهب. وهدف البرنامج في دورته الأولى لتبسيط الإجراءات الإدارية وإلغاء المتطلبات غير الضرورية، عبر إلغاء 2000 إجراء حكومي، وخفض 50% من المدد الزمنية للإجراءات، ومع إطلاق المرحلة الثانية يهدف سموه لترسيخ شعار حكومة بلا تعقيد وخدمات بلا انتظار، ونتائج تُحدث فرقاً حقيقياً في حياة الناس.

ختاماً لا يمكن الحديث عن تنمية مستدامة حقيقية دون إصلاح إداري جذري يجعل من السرعة والفاعلية معياراً أساسياً. تصفير البيروقراطية ليس ترفاً إدارياً بل ضرورة لتحقيق التنافسية وتسريع التقدم وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

* مؤسس سهيل للحلول الذكية

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

Share

فيسبوك
تويتر
لينكدين
Pin Interest
Whats App