أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي القرار الجمهوري رقم 70 لسنة 2025، والذي تم نشره في الجريدة الرسمية، في خطوة تبرز التزام مصر بتعزيز التعاون الدولي وتأكيد دورها النشط ضمن المؤسسات المالية العالمية. وينص القرار على الموافقة على قراري مجلس محافظي البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، اللذين يحملان الرقمين 259 و260. تأتي هذه الموافقة كجزء من توجه أوسع لدعم توسع البنك الأوروبي جغرافيًا ليشمل مناطق جديدة، منها دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجمهورية العراق، إلى جانب إقرار تعديلات أساسية على رأس المال المخصص لعمليات البنك.

من جانب آخر، كان مجلس النواب المصري قد وافق مبدئيًا على القرار خلال جلسته المنعقدة يوم 24 مارس 2025، حيث حظي الترحيب من قبل النواب الذين أشاروا إلى أن هذه الخطوات تعزز مكانة مصر داخل المؤسسات الاقتصادية الدولية وتفتح المجال أمام فرص تمويلية جديدة في مناطق ذات إمكانيات اقتصادية كبيرة، خصيصًا في أفريقيا والعراق. وأكدت المناقشات البرلمانية أهمية هذه الخطوة في مواجهة التحديات التنموية التي تعيشها تلك المناطق، والحاجة إلى شراكات واعية قادرة على تقديم حلول تمويلية مرنة وعملية.

البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يعد إحدى أهم المؤسسات المالية متعددة الأطراف عالمياً، حيث تم إنشاؤه مطلع تسعينيات القرن الماضي لدعم الانتقال إلى اقتصاد السوق في دول أوروبا الشرقية. لاحقًا، توسعت عمليات البنك لتشمل عدة دول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أبرزها مصر التي أصبحت من بين أكبر المستفيدين من برامج ومشروعات البنك في قطاعات متنوعة مثل البنية التحتية والطاقة المتجددة والنقل والمياه. ويركز البنك في أنشطته على تعزيز استدامة التحول نحو الاقتصاد الأخضر، إلى جانب العمل على رفع مستويات الشفافية والحكم الرشيد.

وتتعلق القرارات الجديدة التي وافق عليها البنك بإدخال تعديلات جوهرية على الاتفاق التأسيسي، أهمها توسيع الرقعة الجغرافية لنشاط البنك ليشمل دولاً جديدة خارج نطاقه السابق، خاصة أفريقيا جنوب الصحراء والعراق، مما يعكس استجابة البنك للاحتياجات التنموية المتزايدة على المستوى العالمي. كما تشمل التعديلات إلغاء بعض القيود القانونية السابقة حول رأس المال المخصص للعمليات الاعتيادية، ما يمنح البنك قدرة أكبر على إعادة توزيع الموارد التمويلية بشكل يتلاءم مع تطورات ومتطلبات الدول الأعضاء.

بالنسبة لمصر، فإن تصديق القيادة السياسية المصرية على هذه القرارات يؤكد من جديد دورها كمساهم مؤسس في البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، ويعزز استفادتها من مشروعات البنك التي كان لها أثر ملموس على الاقتصاد المصري خلال الأعوام الماضية، خاصة في قطاعات النقل والطاقة والبنية التحتية. كذلك تتيح هذه التعديلات المجال لمصر لتوطيد شراكاتها مع دول أفريقية أخرى عبر البنك، الأمر الذي يتسق مع توجهاتها لتعميق التكامل الإقليمي وتعزيز التنمية المشتركة، لا سيما مع تجربتها المميزة أثناء رئاستها السابقة للاتحاد الأفريقي وسعيها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في القارة.

ولا يخفى أن اعتماد القرار يُشكل دعمًا واضحًا لسياسة مصر الخارجية القائمة على الانفتاح والتفاعل الإيجابي مع المؤسسات المالية الدولية، ويعكس رغبة السلطة المصرية في توسيع تمثيلها ومشاركتها في صياغة سياسات المؤسسات الدولية بما يتلاءم مع تطورات النظام المالي العالمي الحالي.