هزاع أبوالريش
في مشهد فني تتقاطع فيه الأحلام مع الواقع، تسير السينما الإماراتية بخطى ثابتة نحو صناعة درامية أكثر حضوراً وتأثيراً، حاملةً معها ذاكرة المكان، وهموم الإنسان، ورغبة المبدعين في أن تكون هذه السينما مرآةً ناطقة لهوية المجتمع الإماراتي. وبين الإخراج المستقل والدعم المؤسسي المحدود، تبرز تساؤلات حول مستقبل هذا الفن، وما الذي يحتاجه ليغدو صناعة قائمة بذاتها لا مجرد اجتهادات فردية؟
في هذا الاستطلاع، نستعرض أبرز الآراء من صُنّاع السينما المحلية حول واقع السينما الإماراتية، وإمكاناتها، والرهانات التي تقف أمامها، لنكتشف أبعادها الثقافية، ومكامن الإلهام، وطموحاتها الكبرى في رسم صورة متكاملة عن مجتمعٍ يفيض بالتنوع والغنى البصري.
يؤكد المخرج والمنتج السينمائي عبدالله حسن أحمد أن السينما الإماراتية شهدت انطلاقتها الأولى من رحم المهرجانات والمسابقات المحلية، مثل «أفلام من الإمارات»، والتي ساهمت في خلق مناخ من الحراك الفني، رغم تواضع الإمكانات. ويضيف: «تميّزنا في الأفلام القصيرة التي حملت تفاصيل محلية وذاكرة منتمية، ولكن استمرارية هذا التميّز تحتاج إلى دعم مؤسسي حقيقي يجعل من السينما الإماراتية مشروعاً وطنياً شاملاً، لا مجرد مغامرات فردية».
التجارب السينمائية
يرى المخرج هاني الشيباني أن التجارب السينمائية المحلية ما زالت تُبنى على المبادرات الشخصية، ما يجعلها عرضة للتراجع أو التوقف المفاجئ، في ظل غياب بنية إنتاجية واضحة. ويقول: «لدينا المواد الخام: الأفكار، النصوص، الكاميرات، وحتى الطموحات… ولكن دون دعم مادي وفني وإعلامي، وحتى الآن السينما الإماراتية لم تتحول إلى صناعة، بل تظل مجرد محاولات مجتهدة تبحث عن جمهورها».
البنية الإنتاجية
يوضح السيناريست والمستشار الفني محمد حسن أحمد أن الفرق بين صناعة الأفلام والسينما يتمثل في البنية الإنتاجية والتمويلية. ففي حين تعتمد صناعة الأفلام على شغف الأفراد، تتطلب السينما تمويلاً منتظماً وشراكات مؤسسية تبدأ من الكتابة وتنتهي بالتوزيع.
ويضيف: «لدينا نصوص قادرة على التعبير عن الذاكرة المحلية، ولكنها تحتاج إلى احتضان مؤسساتي طويل الأمد، فنحن نملك الطاقات، ولكنها بحاجة إلى منصة ومنهج ودعم لا يخذلها».
تجارب ناجحة
أما المخرج راكان، فيدعو إلى ضرورة العودة إلى البيئة المحلية في التأليف والإخراج، قائلاً: «هناك تجارب ناجحة مثل: (ضحي في أبوظبي) و(ضحي في تايلاند)، استلهمت من الواقع المحلي وحققت جماهيرية واسعة، لأن الناس رأت أنفسها فيها. أما التكرار المستنسخ من السينما العالمية فهو يبتعد عن نبض المجتمع الحقيقي».
مختبر للتجريب
تشكل السينما الإماراتية اليوم مختبراً غنياً للتجريب والابتكار، وتحمل بذوراً قوية للنهضة إذا ما توافرت لها البيئة الداعمة. فالمخرجون، الكتّاب، والمنتجون الإماراتيون لا تنقصهم الموهبة ولا الرؤية، بل ينقصهم الدعم الذي يربط بين الفكرة والشاشة، بين الواقع والحلم.