في عالم تتسارع فيه الصيحات وتتبدل فيه المعايير، يُثبت بندي برق أن الهويّة لا تُصنع فقط بالأقمشة، بل بالقصص التي تحملها، والمشاعر التي تنسجها. مزوّداً بالثقافات العالميّة ومتسلّحاً بالجذور اللبنانيّة، يرسم بندي توقيعه الخاص بخيوط دقيقة تستحضر الذاكرة، وتحاكي الإحساس. في هذا اللقاء الخاص، يفتح لنا بندي برق أبواب عالمه، ويتحدث عن رؤيته، تحدّياته، وشغفه.

     

     

     

     

    القصّة أولاً… والبصمة دائماً

    *ما الذي يميّزك عن غيرك في عالم الموضة؟
    – ما يميّزني عن غيري هو قدرتي على المزج بين ثقافتين مختلفتين: الشرق والغرب بطريقة جديدة ومعاصرة تشبه دار أزيائنا وتعكس روح هذا الجيل. في الدار، نعمل جاهدين لنُظهر صورة المرأة: ناعمة، جذّابة، وذات حضور قويّ. 

    *هل هناك مصدر إلهام يتكرر في تصاميمك من دون أن تدرك؟
    – كل مصمّم يحمل معه جذوره، وتأثيرات ثقافية وذاكرة بصرية ترافقه في كل خطوة. بالنسبة لي، الإلهام يأتيني في اللاوعي. قد أكون أعمل على قطعة جديدة اليوم، لكنني أستحضر من دون أن أشعر صورة من بيت جدّي، أو زخرفة في كنيسة أوروبية، أو رائحة ياسمين من ذكريات طفولتي. كل هذه التفاصيل تتسلّل إلى تصاميمي تلقائياً.

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

    *كيف تتكوّن الفكرة خلف كل مجموعة؟
    – كل مجموعة تولد من قصّة، فهي الأساس الذي يُبنى عليه كل شيء لأنها تحرّك الخيال. والمشاعر هي البوصلة، والنسيج هو اللغة التي أروي من خلالها كل حكاية جديدة. قد تبدأ الفكرة من مشهد أو كلمة أو شعور، ثم تتحوّل تدريجاً إلى مجموعة أزياء لها مزاجها. 

    *نراك تمزج بين التقاليد والحداثة بسلاسة. كيف تحقّق هذا التوازن؟
    – بالمحفاظة على بصمتي. من البداية، قرّرت أن يكون لي خط فنّي واضح وبصمة تميّزني. حين يرى أحدهم قطعة من تصاميمي، يشعر فوراً بأنها تحمل توقيعي الخاص. 

     

     

     

     

     

     

     

    *هل هناك قطعة تعتبرها الأكثر تمثيلاً لفلسفتك في التصميم؟
    – نعم، تصاميم الكوتور التي أغوص في عالمها، وأعيش كل تفاصيلها من الفكرة إلى التنفيذ، فهي تمنحني متعة التحدّي.

    من بيروت إلى العالم

    *كيف تقيّم الموضة اللبنانية على الساحة العالمية اليوم؟ 
    – الموضة اللبنانية في موقع قويّ، وذلك بفضل جهود المصمّمين اللبنانيين الكبار الذين رفعوا اسم لبنان عالياً، وأنا فخور بذلك. هناك اهتمام عالمي واضح بالتصاميم اللبنانيّة، وخير دليل على ذلك، الحضور البارز على المنصّات العالميّة.

     

     

     

     

     

     

     

    *هل تطمح إلى عرض مجموعاتك في أسابيع الموضة العالمية؟ 
    – تعلّقي ببيروت عميق ومنها أستمدّ الطاقة للاستمرار. لكن الطموح للعالمية موجود، فالمصمّم الحقيقي هو من يحمل جذوره معه أينما ذهب، ويجعل العالم يتعرّف إليها.

    *من هي الشخصية العالمية أو العربية التي تحلم أن ترتدي من تصاميمك؟
    – أنجلينا جولي. فهي ليست أيقونة جمال وأناقة فحسب، بل تجسّد المرأة الناعمة، القوية، والواثقة. كما أنها تحمل رسالة إنسانية تُعبّر عنها بأناقة.

     

     

     

    التحدّيات والرؤية

    *ما هو أصعب قرار اتخذته في مسيرتك المهنية حتى اليوم؟
    – أن أبدأ مشروعي من لبنان. في ظل الأزمات السياسيّة والاقتصاديّة، كان من الأسهل الانطلاق من الخارج، لكنني تمسّكت بانتمائي إلى هذه الأرض التي أعطتني هويّتي الخاصة.

     

     

     

     

     

    *كيف أثّرت الأزمات المتكررة في لبنان على مسارك المهني والإبداعي؟
    – الأزمات أرقت الجميع، لكنها فجّرت في داخلنا طاقة للصمود والإبداع كشكل من أشكال المقاومة. 

     

     

     

    *كيف ترى مستقبل الموضة اللبنانية خلال السنوات الخمس المقبلة؟
    – أخشى أن يفقد المصمّمون هويتهم الخاصة أمام الترندات ومتطلبّات السوق. أتمنى أن أرى على الصعيد اللبناني تصاميم أكثر تنوّعاً وإبداعاً من دون أن يفقد المصمّمون توقيعهم الخاص.

    *كيف يبدو يومك المثالي كمصمم؟ وهل تفضل العمل ليلاً أم نهاراً؟
    – أبدأه بالتخطيط وأنهيه بالإبداع الذي يولد في الليل حين أجلس مع ذاتي، وأسترجع ما شعرت به خلال النهار، وأبلوّر تلك المشاعر إلى تصاميم.

     

     

     

    *كيف تتعامل مع الضغط خلال جلسات التصوير؟ 
    – جلسات التصوير تحمل ضغطاً هائلاً، لكنها من أجمل اللحظات في عملنا. هي اللحظة التي تتحوّل فيها الفكرة إلى صورة كاملة. أحرص دائماً على التحضير المسبق لكل تفصيل. فالتنظيم أساسي في كل شيء. أحب أن أخلق أجواء هادئة داخل الفريق، بالاستماع إلى الموسيقى التي تخفف التوتر، وتجعلنا نعمل بحب.

    *لو لم تكن مصمم أزياء، ما المجال الذي كنت ستختاره؟
    – لا أتخيّل نفسي في أي مجال آخر. هذه الموهبة تسكنني منذ طفولتي.  منذ كنت السادسة من عمري، كنت أعشق ترجمة أفكاري من خلال الأقمشة.