من منكم لا يتذكر أغنية “جميلة”؟ تلك الأغنية التي اجتاحت الإذاعات والشاشات في سنة ألفين بصوت شبابي دافئ، ولهجة عربية مشبعة بالإحساس والغربة. لم تكن مجرد أغنية ناجحة، بل كانت لحظة تحوّل في مسيرة فرقة UTN1 العراقية، التي بدأت رحلتها من بغداد في زمنٍ لم يكن فيه للفن مساحة ولا للموسيقى مكان.

    حسن الفلوجي، أحد مؤسسي الفرقة، يفتح قلبه لـ”النهار” في حديثٍ يسترجع فيه ذكريات البدايات، وكيف تحولت فكرة بسيطة بين شباب مغرمين بالبوب والروك إلى مشروع فني عابر للطوائف والحدود. من جدران مدارس بغداد إلى مسارح بيروت، ومن رفض المجتمع إلى تصفيق الجماهير، يسرد حسن بحنين وفخر مشوار خمسة وعشرين عاماً من التحدي، والسفر، والنجاح.

    هذه ليست مجرد قصة فرقة، بل شهادة حية عن قدرة الفن على اختراق الحواجز، وتوحيد الناس حول نغمة صادقة.

    بدأت الرحلة في أواخر التسعينيات، حين اجتمع أربعة شبان عراقيين، متأثرين بثقافة البوب والروك، ليؤسسوا فرقة موسيقية كانت الأولى من نوعها في العراق. الاسم كان طويلًا في البداية: Unknown to No One، مستلهماً من جملة في إحدى روايات شكسبير، لكنهم اختصروه لاحقًا إلى UTN1 ليكون أكثر قرباً من الجمهور.

     

    الفرقة تأسست في وقت عصيب، تحت حكم صدام حسين، وفي بيئة اجتماعية محافظة لا تتقبل بسهولة فكرة الغناء بالإنكليزية. ورغم ذلك، استطاعوا إيصال صوتهم عبر محطة “صوت الشباب”، الإذاعة الوحيدة آنذاك التي تبث باللغة الإنكليزية. كافحوا لتسجيل أغانيهم بجهودهم الذاتية، متحدّين ضغوط الأهل والمجتمع وقلّة الموارد.

    ومع دخول العراق في دوامة الحرب، واجهوا صعوبات أمنية وتنقلات محدودة، إلا أن الاهتمام الإعلامي الغربي دفعهم للاستمرار. لاحقاً، انتقلوا إلى بريطانيا وسجلوا ألبوماً هناك، لكن رفض السلطات تجديد تأشيرتهم كان سبباً غير متوقّع لانطلاقتهم الحقيقية، حين اقترح حسن على الشركة التوجه إلى لبنان، فكان القرار المصيري.

    في لبنان، التقت الفرقة بالملحن طلال قنطار، الذي عرض عليهم أغنية “جميلة”. كانت لحظة سماعها لحظة حاسمة: “حسّينا أنها أغنيتنا فوراً”، يروي الفلوجي. الأغنية التي وزّعها مازن سبليني وسُجلت في استوديو طوني أبي خليل، لم تكن مجرّد تجربة، بل كانت نقطة الانطلاق الفعلية نحو النجومية في العالم العربي.

     

     

     

    UTN1 لم تكن فرقة موسيقية فحسب، بل صورة مصغّرة عن عراق متعدّد: شيعة وسنة ومسيحيون وأكراد، اجتمعوا على حلم واحد. “الموسيقى لغة الحب، أقوى من كل الانقسامات”، يقول حسن.

    اليوم، تحتفل الفرقة بمرور 25 عاماًعلى تأسيسها، وتستعد لإطلاق ألبوم جديد سُجّل بين دبي وبيروت، على أن تُصوَّر بعض أغانيه قريباً. ومع فرق موسيقية داعمة لهم في لبنان، العراق، الإمارات وأميركا، ما زال الشغف ذاته حاضراً في كل نغمة.