تنفيذاً لتوجيهات صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بالعمل على تطوير المحميات الطبيعية في إمارة دبي بما يتماشى مع مستهدفات خطة دبي الحضرية 2040؛ أعلنت بلدية دبي ترسية عقد المرحلة الأولى من مشروع تطوير محمية رأس الخور للحياة الفطرية بتكلفة نحو 100 مليون درهم، بينما تصل التكلفة الإجمالية للمشروع الذي سيُنفذ على مرحلتَين إلى 650 مليون درهم، بهدف تعزيز النُظم البيئية والتنوع البيولوجي، والحفاظ على استدامة الموائل الطبيعية، فضلاً عن ترسيخ جاذبية المحمية كمقصد للسياحة البيئية المستدامة، توفر تجربة سياحية فريدة ومتكاملة، وترتقي بجَودة حياة ورفاهية السكان والسياح.
ويتكامل مشروع تطوير المحمية مع أجندة دبي الاقتصادية D33، وتحديداً أولوية جعل دبي ضمن أهم 3 وجهات عالمية للزائرين في مجالات السياحة بفضل نموذجها الرائد لنوعية الحياة التي توفرها للإنسان، فضلاً عما ستخلقه من فرص استثمارية تسهم في تعزيز مساهمة المحمية في العوائد الاقتصادية المباشرة. وحرصت بلدية دبي على تخطيط وتصميم المحمية انطلاقاً من احتياجات سكان وسياح الإمارة، وبما يخلق أفضل تجربة سياحية وترفيهية ترتقي بجَودة الحياة ومستوى الرفاه الاجتماعي، وتعزز من ارتباط الإنسان بالبيئة دون التأثير على المكونات الطبيعية للمحمية.
تأهيل الموائل الطبيعية
وتفصيلاً، ستمتد المرحلة الأولى على مساحة حوالي 6.4 كيلومتر مربع من أرض المحمية، ومن المتوقع إنجازها في نهاية العام 2026، حيث ستعمل البلدية على إعادة تأهيل واستعادة وتحسين موائل أشجار المانغروف (القرم)، وذلك عبر زراعة أشجار جديدة، وزيادة الغطاء النباتي لأشجار القرم بواقع 60%، من 40 إلى 65 هكتار، فضلاً عن تنفيذ أعمال فتح القنوات وإعادة تأهيل الغابات، كما تشمل المرحلة الأولى من المشروع إنشاء موائل جديدة وتطوير العديد من المواقع المستحدثة، بما في ذلك بحيرة المانغروف، وبحيرة الطرف الشمالي، وأحواض القصب، إضافةً إلى إنشاء المحور الأخضر، حيث تمتد هذه المرحلة لتشمل أعمال الرصد والمراقبة البيئية بعد انتهاء أنشطة إعادة التأهيل.
وفي السياق ذاته، سترفع المرحلة الأولى من مساحة المسطحات المائية بواقع 144% لتصبح المساحة الكلية 74 هكتاراً، بما يسهم في تحقيق العديد من المكتسبات البيئية أبرزها زيادة معدلات امتصاص ثاني أكسيد الكربون بنسبة 60%، إضافةً إلى زيادة مساحة المسطحات الطينية (السبخات الملحية) في المحمية بواقع 10 هكتارات، وذلك لما لها من دور كبير في دعم النظم الإيكولوجية والتنوع الحيوي بالمحمية.
مدينة مستقبلية أكثر استدامة
وقال سعادة المهندس مروان أحمد بن غليطة، مدير عام بلدية دبي: “يُمثل مشروع تطوير محمية رأس الخور للحياة الفطرية، أحد أبرز المشاريع التي تنفذها بلدية دبي لتطوير البنية التحتية للمرافق البيئية في الإمارة، وتعزيز جاذبية مرافق ومحميات دبي كمناطق سياحية فريدة تمتاز بتنوعها البيئي والطبيعي والترفيهي، بما يدعم مستهدفات قطاع السياحة البيئية، ويرسّخ مكانة دبي كأفضل مدينة للعيش والعمل والزيارة في العالم، ونموذجاً عالمياً لمدن المستقبل الأكثر استدامة”.
وأضاف سعادته: “يُعد المشروع بتصميمه الفريد نقلة نوعية تعزز جهود ومكتسبات الإمارة في مجال تطوير وتنمية المحميات الطبيعية، وفق ممارسات مبتكرة تحقق النمو المستدام وتعزز التوازن البيئي للنظم الإيكولوجية. كما يؤكد التزام بلدية دبي بدورها المحوري لجعل دبي مدينة عالمية رائدة وأكثر جاذبية واستدامة وجَودة للحياة من خلال المشاريع التي تنفذها، والخدمات التي تطورها لخدمة المجتمع”.
مستهدفات بيئية واجتماعية وسياحية
من جهته، قال بدر أنوهي، المدير التنفيذي لمؤسسة المرافق العامة في بلدية دبي: “سيسهم المشروع الذي تُنفذه بلدية دبي على مرحلتَين رئيسيتَين، من تحقيق نقلات بيئية نوعية تسهم في تعزيز مستويات الاستدامة البيئية، وصون الموائل الطبيعية في الإمارة، فضلاً عن جملة من الأهداف الاجتماعية أبرزها؛ تعزيز الوعي البيئي لمجتمع الإمارة حول قضايا التنوع البيولوجي، والمساهمة في تحقيق المستهدفات الإستراتيجية لإمارة دبي ودولة الإمارات المتعلقة بالسياحة البيئية، إلى جانب خلق فرص استثمارية ووجهات سياحية ذات طابع بيئي، ستسهم في مضاعفة عدد زوار المحمية عند انتهاء المشروع بمعدل 6 أضعاف بواقع 250 إلى 300 ألف زائر سنوياً”.
تطوير البنية التحتية
أما بالنسبة لأعمال المرحلة الثانية التي سيتم تنفيذها مستقبلاً، سيكون التركيز الرئيس فيها على إنشاء وتطوير البنية التحتية الرئيسة، والارتقاء بمستوى الخدمات المُقدمة، وكفاءة المرافق الترفيهية، التي تتيح إمكانية استضافة العديد من الفعاليات والأنشطة الترفيهية بمساحة إجمالية 20 ألف متر مربع، وبما يراعي المتطلبات الخاصة بالنظم البيئية داخلها.
وستشمل هذه المساحات؛ مركزاً للزوار بتصميم متفرد يتيح التعرف على مختلف أنواع الحياة الفطرية والطيور الموجودة في المحمية، ومنصات أبراج لمشاهدة الطيور، علاوةً على العديد من المرافق التجارية والترفيهية، كالمطاعم والأكشاك، وأخرى لتعزيز جوانب التوعية والتثقيف البيئي. كما ستضم هذه المرحلة إنشاء مساراتٍ للدراجات الهوائية بطول 5.6 كيلومتراً، وأخرى للمشي وسط الطبيعة بطول 3 كيلومتراً، إضافةً إلى ذلك ستعزز من رقعة الزراعة التجميلية بواقع 23 هكتاراً.
يذكر أن المشروع صُمم وفقاً لأعلى المعايير العالمية ومن خلال بيوت خبرة متخصصة في هذا المجال، وبالتنسيق بين بلدية دبي وهيئة البيئة والتغير المناخي بدبي. وقد حاز التصميم على 7 جوائز عالمية وإقليمية، في تأكيد لحرص والتزام بلدية دبي على تعزيز ريادة الإمارة في مجال تصميم وإنشاء المرافق العامة وتحقيق الاستدامة فيها.
وتُعد محمية رأس الخور للحياة الفطرية من أبرز وأكبر المحميات الطبيعية في إمارة دبي، إذ تغطي ما يقارب 6.4 كيلومتر مربع، كما كانت أول موقع في دولة الإمارات يُدرَج ضمن اتفاقية “رامسار” للأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية منذ عام 2007، إضافةً إلى تصنيفها وفقاً لمعايير الاتحاد العالمي لصون الطبيعة.
كما تُمثل واحدةً من أغنى المحميات بالحياة الفطرية في المنطقة، إذ تحتضن ما يقارب 450 نوعاً من الكائنات الحية والأشجار والنباتات، من ضمنها أشجار القرم التي تغطي مساحة 47 هكتاراً من المحمية، ويزورها سنوياً نحو 20 ألف طائر خلال مواسم الهجرة، من أهمها النحام أو الفلامنجو.