تعد وثيقة الأخوة الإنسانية، والتي شهد توقيعها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة «حفظه الله»، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، في العاصمة أبوظبي يوم 4 فبراير من عام 2019، بين الراحل قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، محطة مهمة في الفكر الإنساني، وبناء جسور التعايش والتسامح بين الشعوب، إلى جانب التصدي للتطرف والكراهية.
وتشكل الوثيقة دستوراً إنسانياً عالمياً، يؤكد القيم النبيلة، ويعزز السلام والعيش المشترك.
وفي هذا السياق، أكد السفير الدكتور خالد الغيث، الأمين العام للجنة العليا للأخوة الإنسانية، أن ثقافة الحوار والتعاون بين الأديان، توّجت في دولة الإمارات العربية المتحدة، يوم 4 فبراير 2019، عبر وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية، والتي جاءت كجزء من جهود الدولة المديدة في إرساء السلم والتضامن بين شعوب العالم، والعمل من أجل خير البشرية جمعاء، وهي، في الوقت ذاته، وثيقة تضاف إلى بقية الوثائق الإنسانية والاتفاقيات التي تحتكم للقيم السامية في العلاقات الإنسانية.
وتابع الغيث: «إن هذه الوثيقة الرائدة، هي تجسيد لنهج الدولة، وقيادتها، وثقافة شعبها، التي ترفض كافة أنواع التطرف، وتستهجن تحويل القيم الروحية -التي تثري بها الأديان السماوية الحضارة الإنسانية – إلى منصة للكراهية، ومبرر لتعدي الإنسان على أخيه الإنسان.. في هذه الوثيقة قبس من فكر المغفور لهما، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراهما، وإخوانهما من الآباء المؤسسين، الذين بذلوا أغلى ما يملكون من أجل بناء دولة منارتها التسامح، وعمادها الأخوة الإنسانية».
قيادة وثقافة شعب
وأضاف الغيث: «إيماناً منا بأن المبادئ السامية التي تتضمنها الوثيقة، من احترام الاختلاف، ونبذ الكراهية، وبناء جسور الحوار، فإن إتاحة وتداول الوثيقة على نطاق واسع، من شأنه ترسيخ هذه القيم في المجتمع والعالم على حد سواء».
منهج وخارطة طريق
يتطلب عالمنا المعاصر، الذي يشهد الكثير من التوترات، إبقاء القيم الروحية في مجالها الأصلي، القائم على المحبة والاعتراف بإرادة الخالق، ووفقاً لما ورد في الوثيقة: «خلق البشر جميعاً متساوين في الحقوق والواجبات والكرامة، ودعاهم للعيش كإخوةٍ فيما بينهم، ليعمّروا الأرض، وينشروا فيها قيم الخير والمحبّة والسّلام. وجعل النفس البشريّة طاهرة، وحرّم إزهاقها». كما تضمنت الوثيقة ما يحمل القيم المعاصرة، حيث ورد فيها: «الحرّيّة التي وهبها الله لكلّ البشر وفطرهم عليها وميّزهم بها»، و«التشديد على قيم العدل والرّحمة»، باعتبارهما «أساس الملك وجوهر الصّلاح». إن ما قدمته وثيقة الأخوة الإنسانية للبشرية خلال السنوات القليلة الماضية، من توجيه للعقل الإنساني نحو القيم السامية، ومثل الخير والمحبة، يعد إنجازاً غير مسبوق، يستحق أن يؤخذ بعين الاعتبار والبناء عليه، في الاتجاهات الحاسمة والمؤثرة في حياة الإنسان، وعلاقاته بأخيه الإنسان وبمجتمعه. ارتقاء وإغناء ومن اللافت أن الوثيقة تتوجه بالدعوة إلى القادة الروحيين، إذ تضمنت: «على قادة العالم، وصنّاع السّياسات الدّوليّة والاقتصاد العالميّ، بالعمل جدياً على نشر ثقافة التّسامح والتعايش والسّلام»، وكذلك توجهت إلى المفكرين والفلاسفة، حيث ورد فيها: «للمفكّرين والفلاسفة ورجال الدّين والفنّانين والإعلاميّين والمبدعين في كلّ مكانٍ، ليعيدوا اكتشاف قيم السّلام والعدل والخير والجمال والأخوّة الإنسانيّة والعيش المشترك، وليؤكّدوا أهميّتها كطوق نجاةٍ للجميع، وليسعوا في نشر هذه القيم بين الناس في كلّ مكان».
وفي عناوين هذه الدعوة، تبرز النظرة العميقة الواقعية إلى قضية الأخوة الإنسانية، بأبعادها السياسية، والاقتصادية الاجتماعية، والمعرفية، والجمالية، وكذلك تأكيدها على قيم العيش والمصير المشترك، وتضع بين أيدي القادة والنخب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية والفنية، الأدوات والوسائل الدينية والعقلية، التي توضح أهمية العمل المشترك من أجل خير الإنسانية والارتقاء بها، اجتماعياً واقتصادياً وأخلاقياً.
جاء توقيع وصدور هذه الوثيقة، في العاصمة أبوظبي، حدثاً عالمياً استثنائياً، يعبّر عن نهج التسامح الذي تتبناه الدولة. كما رسخت هذه الوثيقة مكانة الإمارة عاصمةً للأخوة الإنسانية، ومنبتاً للإيجابية والتضامن والتكافل بين المجتمعات. أما الرعاية الإماراتية، فقد جعلت من «وثيقة الأخوة»، وديعة إماراتية لدى الضمير الإنساني، ومجتمعاته وقادته ونخبه.