موقع الدفاع العربي – 7 يوليو 2025: ظهرت في الفيديو الرسمي لاحتفالية “عيد قوات الدفاع الجوي المصري” إحدى أبرز الإشارات الحديثة على امتلاك مصر لمنظومة الدفاع الجوي الروسية بعيدة المدى S-300VM، وذلك من خلال ظهور غرفة التحكم الخاصة بالمنظومة، في تأكيد نادر على دخول هذا النظام المتقدم في خدمة الدفاع الجوي المصري.

    تتميز المنظومة بمدى كشف راداري 500 كم ومدى اشتباك يصل إلى 350 كم.

    وبحسب ما أفادت به وسائل الإعلام الروسية، فإن مصر كانت قد تعاقدت على ثلاث بطاريات من منظومة S-300VM، إلى جانب مركبة القيادة والتحكم، وذلك في إطار صفقة عسكرية سرية لم يُكشف عن تفاصيلها بالكامل. كما أشارت المصادر إلى وجود مفاوضات خاصة بين الجانبين لزيادة عدد البطاريات لاحقًا، دون أن تُعلن تفاصيل إضافية حول الكميات أو الجداول الزمنية.

    وقد بدأت مراحل التسليم والتدريب على تشغيل المنظومة منذ نهاية عام 2014، وكان من المخطط أن تكتمل عملية التسليم بحلول نهاية عام 2016، وهو ما يعني أن المنظومة باتت في الخدمة الفعلية منذ عدة سنوات، رغم ندرة ظهورها أو الإشارة الرسمية إليها حتى الآن.

    نظام الدفاع الجوي الروسي بعيد المدى S-300VM

    تُعد منظومة S-300VM، المعروفة أيضًا باسم “Antey-2500″، واحدة من أكثر أنظمة الدفاع الجوي فعالية وتنوعًا في المهام. وهي منظومة صاروخية مجنزرة ذاتية الحركة، صُممت لتأمين الحماية المستمرة للوحدات المدرعة ووحدات المشاة الميكانيكية على مستوى الفرق والجيوش الميدانية، خاصة في البيئات الصحراوية الصعبة، مع قدرتها أيضًا على حماية الأهداف الحيوية والاستراتيجية داخل عمق الدولة، مثل مراكز القيادة والسيطرة والمطارات العسكرية.

    تتميز المنظومة بقدرتها العالية على التعامل مع مختلف أنواع التهديدات الجوية، بما في ذلك الطائرات المقاتلة ذات القدرة العالية على المناورة، والطائرات الاستراتيجية مثل قاذفات القنابل وطائرات الإنذار المبكر “أواكس”، بالإضافة إلى الصواريخ الجوالة والباليستية بمختلف مدياتها. وتتمكن من تدمير الطائرات على مسافة تتجاوز 250 كيلومترًا وعلى ارتفاع يصل إلى 30 كيلومترًا، بينما يمكنها اعتراض الصواريخ الباليستية على مسافة 40 كيلومترًا وارتفاع 25 كيلومترًا.

    تتيح الرادارات المرافقة للمنظومة تغطية جوية واسعة تصل إلى أكثر من 300 كيلومتر، مع قدرة على رصد الأهداف ذات البصمة الرادارية المنخفضة حتى 0.02 متر مربع، ما يجعلها قادرة على كشف الطائرات الشبحية. كما يمكن ربطها بمنظومات رادارية أكثر تخصصًا لتعزيز القدرة على التعامل مع التهديدات الجوية ذات البصمات الشبحية شديدة الانخفاض.

    المنظومة قادرة على التصدي للصواريخ الباليستية المتوسطة المدى المطلقة من مسافة تصل إلى 2500 كيلومتر، وهو ما يفسر تسميتها “Antey-2500″، إضافة إلى قدرتها على التعامل مع الصواريخ الباليستية قصيرة المدى (300 إلى 1000 كلم)، والصواريخ الباليستية التكتيكية المُطلقة من مدى يصل إلى 300 كلم، بجانب الصواريخ الجوالة بجميع أنواعها.

    من أبرز ميزات هذه المنظومة قدرتها على نشر وتجهيز البطارية بالكامل خلال 5 إلى 6 دقائق فقط، وهو نفس الزمن المطلوب لتفكيكها والانسحاب من الموقع بعد تنفيذ الاشتباك، ما يمنحها قدرة عالية على المناورة والتخفي ضمن ما يُعرف بتكتيك “الاختباء، الإطلاق، والانسحاب السريع” (Hide, Shoot & Scoot).

    وتُظهر المنظومة قدرة نيرانية كبيرة، حيث تستطيع التعامل مع 24 هدفًا جويًا أو 16 صاروخًا باليستيًا في آن واحد، فيما يصل المدى الراداري الأقصى إلى 500 كيلومتر، ويبلغ مدى الاشتباك النيراني ما بين 250 إلى 300 كيلومتر.

    يمثل تأكيد امتلاك مصر لهذه المنظومة إضافة نوعية إلى قدرات الدفاع الجوي، ويمنحها عمقًا استراتيجيًا في مواجهة مختلف التهديدات الجوية المعقدة، بما في ذلك الهجمات الصاروخية والطائرات الشبحية.

    نظام الدفاع الجوي الروسي المتقدم S-300VM Antey-2500

    تم تصميم منظومة S-300V في الأساس كنظام مضاد للصواريخ الباليستية (ABM)، وأطلق حلف الناتو عليها اسم SA‑12 Gladiator/Giant. في النسخة الأولى “Gladiator” كان مدى الصاروخ يصل إلى 75 كيلومترًا، بينما ارتفع مدى صاروخ “Giant” إلى 100 كيلومتر أفقيًا و32 كيلومترًا عموديًا.

    في أواخر تسعينيات القرن الماضي، ظهرت النسخة المطوّرة S-300VM المعروفة أيضًا بـ “Antey‑2500” أو SA‑23 Gladiator/Giant، والتي تضمنت تحسينات قتالية كبيرة جعلتها قادرة على التصدي للتهديدات التالية:

    1. الصواريخ الباليستية متوسطة المدى (Medium Range Ballistic Missiles) التي تطلق من مسافات تصل إلى 2500 كيلومتر، ومن هنا أتت تسمية “Antey‑2500”، بينما يشير لقب “Antey” إلى الشركة المطوّرة Almaz‑Antey.

    2. الصواريخ الباليستية قصيرة المدى (Short Range Ballistic Missiles) المطروقة من مدى 300 إلى 1000 كيلومتر.

    3. الصواريخ التكتيكية الباليستية (Tactical Ballistic Missiles) المنطلقة من قاذفات راجمات الصواريخ عند مدى يصل إلى 300 كيلومتر.

    4. الصواريخ الجوالة (Cruise Missiles) بأنواعها المختلفة.

    5. الطائرات المقاتلة والأهداف الجوية عالية المناورة.

    6. المنصات الجوية الاستراتيجية مثل قاذفات القنابل وطائرات الإنذار المبكر “AWACS” وطائرات الاستطلاع والإعاقة الإلكترونية.

    أهم الخصائص التي تتميز بها المنظومة الجديدة S-300VM

    تتميز منظومة S-300VM بقدرتها العالية على العمل في بيئة مشبعة بالتشويش الإلكتروني المكثف، ما يمنحها حصانة تشغيلية في ظروف الحرب الإلكترونية المعقدة. كما تملك المنظومة قدرة فريدة على رصد وتتبع الطائرات الشبحية التي تتمتع بمقاطع رادارية منخفضة للغاية قد تصل إلى 0.02 متر مربع. وتتفوق هذه النسخة المجنزرة من المنظومة على النسخة المدولبة S-300 PMU2 في عدة جوانب، من أبرزها القدرة الحركية العالية المصممة خصيصًا لمرافقة القوات البرية في مسارح العمليات، مقابل النسخة المدولبة المصممة بالأساس لحماية الأهداف الثابتة في عمق الدولة. كما تُظهر أداءً أفضل في مواجهة الصواريخ الباليستية والصواريخ الجوالة، مما يجعلها مثالية لحماية الوحدات البرية من التهديدات الصاروخية المنطلقة من منصات جوية أو برية أو بحرية، فضلاً عن تفوقها في مواجهة الأهداف الشبحية.

    ورغم ذلك، تتمتع منظومة S-300 PMU2 بأفضلية نسبية من حيث الكلفة التشغيلية، سواء على مستوى سعر البطارية الواحدة أو تكاليف التشغيل والصيانة، حيث إن المركبات المدولبة أبسط تقنيًا وأقل تعقيدًا من المجنزرة، كما أن صواريخها أقل تكلفة مقارنةً بتلك الخاصة بمنظومة Antey-2500 المجنزرة.

    أول ظهور وتأكيد لوجود منظومة الدفاع الجوي بعيدة المدى S-300 VM Antey-2500 في مصرأول ظهور وتأكيد لوجود منظومة الدفاع الجوي بعيدة المدى S-300 VM Antey-2500 في مصر

    في الوقت الحالي، لم تعد روسيا تنتج أي نسخ من عائلة S-300 سوى النسخة S-300VM، والتي تعرف داخل الجيش الروسي بالنسخة المطورة S-300V4، وتُستخدم جنبًا إلى جنب مع منظومة S-400. وتُعد مصر ثاني دولة تتعاقد على هذه المنظومة بعد فنزويلا، حسب ما أوردته وسائل الإعلام الروسية.

    وقد أفادت التقارير ذاتها أن مصر تعاقدت على ثلاث بطاريات من منظومة S-300VM، إلى جانب مركبة القيادة والتحكم، مع الإشارة إلى مفاوضات إضافية لزيادة الكمية، من دون إعلان تفاصيل إضافية. وقد بدأ التسليم والتدريب على المنظومة منذ أواخر عام 2014، ومن المقرر أن يكتمل التسليم بنهاية عام 2016.

    تتكوّن البطارية الواحدة من عدة مكونات رئيسية، أولها العربة 9S457ME الخاصة بالقيادة والسيطرة والتحكم. ويمكن تجهيز البطارية بعدد يتراوح بين 1 إلى 6 عربات من نوع 9A83ME، وهي قاذفات مزودة بأربعة صواريخ من طراز 9M83ME، بالإضافة إلى رادار توجيه أمامي مركب بشكل رأسي لتغطية زاوية أفقية تبلغ 90 درجة ورأسية تبلغ 110 درجات، ما يعزز قدرة المنظومة على التعامل مع الأهداف الجوية المنخفضة. كما يمكن إضافة من 1 إلى 6 عربات من نوع 9A84ME، وهي عربات مُلقّمة أو قاذفة لصواريخ 9M82ME أو 9M82MDE، وتحمل رافعة صواريخ أو رادار توجيه مثبت أفقيًا لتغطية زاوية أفقية 360 درجة ورأسية 180 درجة، لتوفير تغطية شاملة في جميع الاتجاهات.

    ويضم النظام رادار توجيه متعدد القنوات من نوع 9S32ME مزود بمصفوفة مسح إلكتروني سلبي (PESA)، بمدى أقصى يصل إلى 400 كيلومتر وارتفاع يصل إلى 250 كيلومتر. كما يشمل رادارًا ثلاثي الأبعاد من نوع 9S15ME للإنذار المبكر والمسح الجوي بمدى 400 كيلومتر وارتفاع 240 كيلومتر. وتتم المراقبة الدقيقة للقطاعات بواسطة رادار 9S19ME، وهو رادار مسح قطاعي مزود أيضًا بمصفوفة PESA، مخصص لرصد الصواريخ الباليستية والجوالة والأهداف ذات المقطع الراداري المنخفض من خلال تركيز الشعاع الراداري على قطاع معين، ويبلغ مداه 500 كيلومتر وارتفاعه 60 كيلومترًا.

    ويمكن أيضًا ربط المنظومة برادارات إنذار مبكر بعيدة المدى متخصصة في رصد الأهداف الشبحية، مما يعزز من قدرتها الدفاعية في العمق الاستراتيجي.

    تُجهّز منظومة S-300VM بصواريخ متقدمة، أبرزها الصاروخ 9M82ME المعروف باسم Giant، والمصمم لاعتراض الصواريخ الباليستية متوسطة المدى التي تُطلق من مسافات تصل إلى 2500 كيلومتر، إلى جانب طائرات الاستطلاع، وطائرات الأواكس، والطائرات المختصة بالحرب الإلكترونية. يتم توجيه الصاروخ عبر الملاحة بالقصور الذاتي مع تحديث البيانات عبر التوجيه بالأوامر اللاسلكية، وفي المرحلة النهائية يُفعَّل الباحث الراداري شبه النشط لتوجيه الضربة النهائية. الصاروخ مزود برأس حربي شديد الانفجار يزن 150 كلغ ويحتوي على صمامة تقاربية تفجّر الرأس الحربي على بعد نحو 3.5 متر من الهدف، ما يولد موجة تدميرية هائلة.

    يمكن للصاروخ الاشتباك مع الطائرات على مسافات تتراوح بين 200 إلى 250 كيلومترًا، وعلى ارتفاعات من 25 مترًا حتى 30 كيلومترًا. أما في مواجهة الصواريخ الباليستية، فيصل مدى الاشتباك إلى 30 كيلومترًا، والارتفاع من 1 إلى 25 كيلومترًا، ويمكنه التعامل مع صاروخ بالستي تصل سرعته إلى 4.5 كلم/ثانية (نحو 16,200 كلم/ساعة). وقد نجح هذا الصاروخ في تجربة اعتراض طائرة أواكس على بعد 300 كلم وارتفاع 14 كلم.

    أما الصاروخ 9M82MDE، فهو نسخة بعيدة المدى من Giant، مع احتفاظه بنفس الخصائص التقنية والقتالية، لكن مع مدى موسع يصل إلى 350 كلم بدلاً من 250 كلم.

    الصاروخ الآخر في المنظومة هو 9M83ME، أو ما يُعرف باسم Gladiator، وهو مخصص للتعامل مع الطائرات المقاتلة، والصواريخ الجوالة، والصواريخ الباليستية قصيرة المدى التي تُطلق من مسافة تصل إلى 1150 كلم. يعتمد على نفس آلية التوجيه، ويحتوي على رأس حربي متشظٍ يزن 150 كجم، يُفجَّر بالقرب من الهدف بصمامة تقاربية موجهة. ويبلغ مدى اشتباكه مع الطائرات من 120 إلى 130 كلم، وارتفاعه حتى 30 كلم، بينما يمكنه التعامل مع الصواريخ الباليستية على ارتفاع 25 كلم ومدى 40 كلم، ويعترض أهدافًا بسرعات تصل إلى 3 كلم/ثانية (حوالي 10,800 كلم/ساعة).

    المنظومة قادرة على تتبع 65 مسارًا في آن واحد، وتحديد 24 هدفًا للاشتباك المتزامن، مع إمكانية الاشتباك فعليًا مع 6 أهداف باستخدام 12 صاروخًا. كما يمكن توجيه صاروخين من نفس العربة ضد هدف واحد، أو 4 صواريخ من عربتين مختلفتين.

    سرعة رد الفعل تبلغ 7.5 ثانية فقط من لحظة الرصد حتى إطلاق الصاروخ، بينما يمكن إطلاق صاروخ جديد كل 1.5 ثانية من العربة الواحدة، أو بشكل متزامن من عدة عربات دون فاصل زمني. وتستغرق عملية نشر أو تفكيك البطارية ما بين 5 إلى 6 دقائق فقط، مما يمنحها قدرة عالية على تطبيق تكتيك “الاختباء، الإطلاق، والانسحاب السريع” المعروف بـ Hide, Shoot & Scoot.

    تبلغ سرعة عربات المنظومة 50 كلم في الساعة، ويصل مدى عملياتها إلى 250 كلم قبل الحاجة إلى التزود بالوقود، ما يجعلها منظومة دفاع جوي متنقلة وفعالة قادرة على مواكبة متطلبات القتال الحديث في بيئات معقدة ومفتوحة.