12:25 م


السبت 19 يوليو 2025

كتب- أحمد والي:

يرى اقتصاديون تحدث إليهم مصراوي، إن سد مصر الفجوة التمويلية خلال العام المالي الحالي الذي بدأ في يوليو الجاري لابد أن تأتي من موارد مستدامة منها جذب استثمارات مباشرة وتعزيز الصادرات والصناعة أكثر من الاتجاه إلى بيع حصص مملوكة للدولة في بعض الشركات والبنوك.

قدر صندوق النقد الدولي، في تقرير صادر له عن مصر الأسبوع الماضي الفجوة التمويلية الإجمالية خلال العام المالي الحالي 5.8 مليار دولار نزلا من نحو 11.4 مليار دولار العام المالي الماضي.

وتقييم الفجوة التمويلية في النقد الأجنبي تأتي بعد احتساب كافة المصروفات المختلفة من إجمالي الإيرادات المحققة وهو ما يستلزم إعداد الحكومة خطة لسد هذه الفجوة.

حث صندوق النقد الدولي مصر بسرعة الإيفاء بتعهداتها والتخارج من حصص بعض الأصول بهدف سد فجوة التمويل من النقد الأجنبي وتخفيف عبء الاقتراض والدين.

وهذا العامل يعد السبب في تأجيل صندوق النقد الدولي المراجعة الخامسة على برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري الذي يدعمه بقرض بقيمة 8 مليارات دولار مع المراجعة السادسة في سبتمبر المقبل.

ويعني هذا أنه سيتم إرجاء تسلم مصر الشريحة الخامسة بقيمة 1.2 مليار دولار من يوليو إلى سبتمبر أو أكتوبر المقبل بعد اعتماد المراجعة.

قالت الدكتورة عالية المهدي، العميد الأسبق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، لمصراوي إن سد الفجوة الدولارية يتطلب خطة إنتاجية مستدامة، وليس مجرد الاعتماد على بيع الأصول أو الاقتراض.

وأشارت إلى أن تشجيع الصادرات الخدمية والسلعية يجب أن يحتل أولوية قصوى، عبر دعم الصناعات ذات الميزة النسبية، ومنح المصدرين حوافز ضريبية وغير ضريبية.

وأوضحت المهدي أن الاعتماد المتكرر على بيع الأصول يمثل خطرًا على المدى الطويل، قائلة: “لا يمكن أن نبيع ممتلكاتنا إلى ما لا نهاية”، مشيرة إلى ضرورة التعامل مع هذه المسارات المؤقتة كحلول قصيرة الأجل فقط.

كان التقرير المالي الصادر لوزارة المالية كشف عن استهداف مصر جذب 4 و5 مليارات دولار خلال العام المالي الحالي عبر بيع حصص في 11 شركة مملوكة للدولة لصالح القطاع الخاص بهدف جذب موارد نقد أجنبي.

قال أحمد كجوك، وزير المالية إن الحكومة ستتبع نهجا جديدا في بيع الأصول سيركز على “عدد محدود من الصفقات الاستراتيجية الكبرى، بدلاً من السعي وراء عدد كبير من الصفقات الصغيرة”.

وأضاف في مقابلة مع “بلومبرج” نقلتها عنها “الشرق”، أن الحكومة عرضت على الصندوق خطة متوسطة الأجل لسحب الاستثمارات الحكومية، و”نتلقى ردود فعل إيجابية بشأنها، وما زلنا نعمل عليها”.

مساهمة القطاع المصرفي

وبحسب المهدي فإن القطاع المصرفي المحلي قد يمثل أحد مصادر سد الفجوة، عبر أدوات تمويلية موجهة للعملة الأجنبية، خاصة مع وجود ودائع دولارية لدى الأفراد، لكنها حذّرت من الإفراط في الاقتراض الخارجي، الذي قد يُبقي الدولة في دائرة العجز والعطش الدولاري المستمر ما لم يصاحبه تحسّن في مصادر التدفقات النقدية الحقيقية.

تحسين مصادر النقد الأجنبي

يرى الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد أبو علي، أن سد الفجوة التمويلية لا يمكن أن يتحقق عبر قناة واحدة، بل يتطلب اتباع حزمة شاملة من السياسات والإجراءات التي تستهدف تحسين مصادر تدفق النقد الأجنبي.

وأكد أن الحكومة بدأت في تفعيل آليات متعددة، منها جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتحفيز بيئة الأعمال، ومنح حوافز مرنة للمستثمرين، مع تكثيف الترويج للفرص المتاحة في قطاعات واعدة مثل الطاقة المتجددة، والسياحة، والتصنيع.

وأضاف أبو علي إن قطاع السياحة يلعب دورًا محوريًا في الاستراتيجية الحالية، لا سيما مع الترقب لافتتاح المتحف المصري الكبير، وجهود تنشيط المقاصد السياحية، ما يُتوقع أن ينعكس إيجابًا على معدلات تدفق العملة الأجنبية، كما بدأت الدولة خطوات لتعزيز الصادرات من خلال تحسين تنافسية المنتج المصري، والتوسع في الأسواق الخارجية.

وأشار أبو علي إلى أن من بين الإجراءات غير التقليدية التي لجأت إليها الحكومة، السماح ببيع العقارات والأراضي للأجانب بالدولار، وهو ما يوفر سيولة دولارية سريعة، لكنه يظل مسارًا مؤقتًا يحتاج إلى ضبط دقيق لتجنب التأثيرات السلبية على سوق العقارات المحلي.

خطة الحكومة لسد الفجوة

قال أحمد كجوك وزير المالية، إن مصر تستهدف إصدار سندات دولية بقيمة 4 مليارات دولار خلال العام المالي الحالي 2025-2026، بهدف العمل على تنويع مصادر التمويل.

وأوضح الوزير في مقابلة مع”بلومبرج” ونقلتها عنها “الشرق” خلال حضوره مؤتمر الجمعية البريطانية للأعمال بلندن، أن الحكومة تدرس إصدار أدوات مالية تشمل سندات مقومة باليورو والدولار وسندات استدامة، بهدف تغطية حوالي 40% من احتياجات مصر من التمويل الخارجي خلال السنة المالية الحالية.

وأوضح كجوك أن الحكومة تدرس كذلك إصدار سندات مقومة بالين الياباني واليوان الصيني، إضافة إلى الصكوك.

وأشار الوزير إلى أن الحكومة تدرس تدشين صكوك بالعملة المحلية وسندات موجهة للأفراد بمصر خلال السنة المالية الحالية.

وأوضح أن هذه الأدوات “ستوفر سيولة إضافية من خلال الأوراق الجديدة وستتيح آلية ادخار جديدة للمواطنين”، وفق بلومبرج التي نقلتها عنها “الشرق”.