وقد انطلقت فعاليات أيّام الشّارقة التراثية للمرّة الأولى في العام 2003م، بتوجيهات من صاحب السمو حاكم الشارقة، ولا تزال تُجرى حتّى الآن بتنظيمٍ من معهد الشّارقة للتراث كلّ عام على مدار بضع أيّام، وتُنفذ الأنشطة والفعاليات في مواقع مختلفةٍ من الإمارة، التي تعكس جميعها عبر بيئاتها الطبيعية البرّية والبحرية جزءاً من هويّتها التاريخية الأصيلة.
ومما يُميّز المهرجان بعدّه حدثاً ثقافيّاً وتراثيّاً كبيراً:
المشاركة ضمن الفعاليات على نطاقٍ واسع
يُشارك في فعاليات أيّام الشّارقة التراثية دول من مختلف أنحاء العالم؛ ليكون الحدث بهذا مركزاً يجمع الشّعوب كافة، والثّقافات، والأعراق معاً، ويُبرز تراثهم الشّعبيّ جنباً إلى جنب مع التراث الإماراتيّ العريق، ويُشكّل حلقة تبادلٍ ثقافيّ فيما بينها.
وتجدر الإشارة إلى أن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، قد شارك في انطلاق عدد من دورات “أيام الشارقة التراثية” خلال السنوات الماضية، حيث تفضّل بافتتاح فعالياتها بنفسه.
كما وتشهد النسخ المختلفة لأيام الشارقة التراثية مشاركةً واسعةً للجهات والمؤسسات الحكومية ذات الصّلة بالثّقافة والتراث على المستوى الدوليّ، مثل: منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”، والمركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية “إيكروم”، والمجلس الدولي لمنظمات المهرجانات والفنون الشّعبية (CIOFF).
كما شارك في نُسخ سابقة مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث بدبي، ودائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي، فضلاً عن الجهات الحكومية الشّارقية، مثل: هيئة الشارقة للمتاحف، وهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، وهيئة البيئة والمحميات الطبيعية، وهيئة الإنماء التجاري والسياحي، ومكتبات الشارقة العامة، ومؤسسة “ربع قرن” لصناعة القادة، والمبتكرين وغيرها.
إطلاق فعاليات ثقافية وتراثية متنوّعة
تسلط فعاليات أيام الشارقة التراثية الضوء على الجذور الثقافية العميقة التي تمتد من الماضي إلى الحاضر، وتستعرض ثراء العادات والتقاليد المحلية، في مشهد نابض يُجسّد روح الهوية الوطنية، ويعزز الترابط بين الأجيال، وقد تضمنت هذه الفعاليات ما يأتي:
عروضٌ فنّية ومسرحية وسينمائية منوّعة
تتميّز أيّام الشّارقة التراثية بعروضها الفنّية الفلكلورية المتنوّعة، والمُبهجة، بدءاً من الرقصات المحلّية، والنغمات الإيقاعية التراثية، والأهازيج التي يبدأ بها العرض مرحباً بضيوفه بطريقةٍ يستحضر معها عبق الماضي، وذكريات الأجداد، وصولاً إلى عروض الفنون الشّعبية التي تؤدّيها الفِرق الفنّية المحلّية، وكذلك العروض المسرحية، والسينمائية، مثل: “أوبريت سيمفونية النخلة”، و”مواعيد عرقوب”، بالإضافة إلى “سينما الأيام”، التي تعرض أفلاماً ذات طابع تراثي وثقافي.
عروضٌ لحِرفٍ تقليدية إماراتية تنبض بروح الماضي
تضمّ أيّام الشّارقة عدداً من الحِرف التقليدية الإماراتية التي تعكس جمالية التصاميم، والمنتجات التراثية وغناها الثّقافيّ وإبداع الحِرَفيّ وإتقانه في الوقت نفسه، وقد يعرض المهرجان متعلّقات الحِرف ضمن معارض للمشغولات اليدوية، والمجسّمات التراثية والتقليدية، أو ضمن عروضٍ حيّة يؤدّي فيها الحِرّفيّ الصّنعة أمام الزوّار.
وتتضمن أبرز هذه الحِرف: فنّ التلي لصناعة الملابس التقليدية، وتزيينها، وحِرفة صناعة العطور والدخون التي تُجهَّز من روائح تفوح بالأصالةِ والجمال؛ كالمسك، والعنبر، والعود، والزعفران، ويوجد فنّ السدو، وهو فنّ النسيج المُطرّز على نحو تقليديّ من صوف الأغنام، أو الإبل، أو الماعز، أو وبر الجِمال، وحِرفة تجفيف الأسماك التي كانت تُستخدم لحفظ الفائض منه عند الحاجة بواسطة الملح الخشن، والدفن في التراب.
وكذلك يعرض المهرجان حِرفة الخوص التي تستخدم سعف النّخيل لصناعة السلال، والحقائب، وأغطية الأواني، وغيرها من الأدوات المنزلية، وحِرفة صناعة السّفن التي كان الأجداد قد امتهنها لصيد السّمك، وغوص البحار بحثاً عن اللؤلؤ، ولأغراض السفر، والتنقّل، والتجارة؛ فيعرض المهرجان مثلاً نماذج لسفنٍ قديمةٍ، وقوارب مصنوعةٍ من خشب القرط، وما يرتبط بها من حِرف كصناعة الليخ “شِباك الصيد”، وأدوات الملاحة والغوص.
كما سلّط المهرجان الضوء على حِرفة الصقّارة “الصّيد بالصقور”، وتقنية الزّراعة بالأفلاج الذي يُعدّ نظامَ ريٍّ تقليديّ ينقل المياه الجوفية تحت الأرض من مصدرها إلى حوض مُعيّن بالإمكان الوصول إليه.
معارض تراثية وثقافيةٍ إماراتية وعالمية
تشتمل المعارض في أيّام الشّارقة التراثية على لوحاتٍ فنّية تعرض التراث الإماراتيّ والعالميّ، وتُعبّر عنه بصورةٍ عصرية، كذلك تضمّ مجموعة من المصنوعات التراثية من مختلف أنحاء العالم، مثل: المصنوعات الجلدية والنسيجية، والتطريز، وصناعة السجاد والزخارف الجصية، التي تُعدّ جميعها جزءاً من المصنوعات الشعبية المُشارِكة في المهرجان.
عُرضت أيضاً في أيام الشارقة التراثية في مُختلف نُسخه حِرف من خارج دولة الإمارات من الدول المشاركة في هذا الحدث التراثي المميز، فمثلاً في نسخة العام الماضي عُرضت حِرفة صناعة قبعات شعر الخيل، وهي حِرفة تقليدية في كوريا الجنوبية، وفي نسخة سابقة عُرضت النواعير العراقية “آلات مائية خشبية تقليدية”، والخنجر الإماراتيّ العُماني، وبعض الأطعمة التقليدية الخاصّة ببعض الدول؛ كالهريسة والمنسف الأردنيّ.
في رحاب الكتب والمعرفة والقراءة
تشهد النُسَخ المختلفة من أيام الشارقة التراثية إطلاق عدد من الأنشطة التعليمية المرتبطة بالكتب الأكاديمية والثّقافية والأدبية ذات الصّلة بالتراث، ففي نسخة هذا العام جرى إطلاق “سوق الكتبيين” الذي يحتوي على كتبٍ قديمة مستعملة وأخرى حديثة، تتنوع موضوعاتها ما بين التراث، والحوار الحضاري، والأدب، وسِيَر المؤرخين، بالإضافة إلى القصص والحكايات، والموضوعات الشعبية المختلفة، بالإضافة إلى ذلك شهدت الأيام -في نسخة هذا العام- احتفالية مئوية أول مكتبة في الشارقة منذ عام 1925.
كذلك تضمّ الفعاليات عدداً من الندوات العلميّة، واللقاءات الفكرية، والمحاضرات الأكاديمية التي تتحدث عن التراث العربيّ، وما يرتبط به من قضايا معاصِرة، التي يُقدّمها باحثون، ومختصّون في هذا المجال.
فعاليات صغارٍ ويافعين مُبهجة
تضمّ أيّام الشّارقة التراثية أنشطةً ترفيهية وعروضاً فنّية مسلّية تخصّ فئتيْ الصّغار واليافعين، مثل: القصص والحكايا التمثيلية التي تتناول تراث الأجداد ضمن برامج الحكواتي، ومسرح الأطفال، وكذلك تضمّ ألعاباً شعبية متنوّعة، وألغازاً تراثية ومسابقات وجوائز للفائزين، ولا تقتصر فعاليات الصّغار واليافعين على الترفيه واللّعب؛ فتوجد أيضاً الورش التعليمية والتدريبية التي تُثري معارفهم في مجال الثّقافة والتراث، مثل صناعة الورق من سعف النخيل وصناعة الدمى وغيرها.
المراجع
[1] sharjahevents.ae, أيام الشارقة التراثية
[2] sgmb.ae, عبدالله بن سالم القاسمي يشهد انطلاق فعاليات الدورة الـ 20 من أيام الشارقة التراثية تحت شعار “التراث والإبداع”
[3] sih.shj.ae, ايام الشارقة التراثية النسخة 22 – 2025
[4] sheikhdrsultan.ae, سلطان يشهد انطلاق فعاليات الدورة الـ 22 لأيام الشارقة التراثية