هاجم الكاتب الأمريكي توماس فريدمان رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز، مسلطاً الضوء علي ازدواجية المعايير التى تحكم مسار الأحداث في حرب غزة التي تقترب من إتمام عامها الثاني.


 


وتسأل فريدمان في المقال الذي جاء بعنوان “كيف خدع نتنياهو ترامب في غزة ؟” :” كيف امتلكت إسرائيل القدرة على تدمير أهداف دقيقة في إيران البعيدة بينما لا تستطيع إيصال صناديق الطعام بأمان إلى سكان غزة الجائعين على بعد 40 ميلا من تل أبيب”.


 


وتابع الكاتب الأمريكي: “بينما نشاهد القصص التي ترد يوميا بشأن مقتل سكان غزة أما جوعا أو بالقصف الإسرائيلي أثناء انتظار تلقى المساعدات، نتذكر كيف نجحت إسرائيل في اغتيال 10 مسؤولين عسكريين إيرانيين كبار و16 عالما نوويا في منازلهم ومكاتبهم.. كيف إذن تمتلك إسرائيل القدرة على تدمير أهداف دقيقة في إيران، على بعد حوالي 1200 ميل من تل أبيب، ولا تستطيع إيصال صناديق الطعام بأمان إلى سكان غزة الجائعين؟”.


 


 



 


وقال فريدمان إن الأمر ليس حادثا عرضيا، بل كأنه نتاج أمر اعمق ومخزي يتكشف داخل حكومة نتنياهو المتطرفة، فقد دفعت شخصيات بارزة في الائتلاف الحاكم اليميني المتطرف، مثل وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، علنا بسياسة من شأنها أن تؤدي إلى تجويع العديد من سكان غزة لدرجة أنهم سيغادرون القطاع تماما.


وكان نتنياهو يعلم أن الولايات المتحدة لن تسمح له بالوصول إلى هذا الحد، لذلك قدم الحد الأدنى من المساعدات لكيلا يقوم اليمينيون المتطرفون الذين أدخلهم في حكومته بالإطاحة به.


وأشار فريدمان إلى أنه تبين أن ذلك كان هراء، وبدأت صور مروعة لأطفال يعانون من سوء التغذية بالظهور من غزة، ما دفع ترامب نفسه إلى التصريح هذا الأسبوع بأن هناك “مجاعة حقيقية” تحدث في غزة “لا يُمكنكم تزييف ذلك. علينا إطعام الأطفال”.


ولفت فريدمان إلى أن هذه أول حرب إسرائيلية فلسطينية يسيطر فيها أسوأ القادة على زمام الأمور، فلا نفوذ لأحزاب المعارضة الإسرائيلية المعتدلة ، ولهذا السبب قال الكاتب الأمريكي إنه ليس بمقدوره أن يعرف كيف أو متى ستنتهي، لأن نتنياهو لا يزال يُصر على “النصر الكامل” على حماس، وهو ما لن يحققه أبدا.


وأضاف أن ما لم يدركه الكثيرون بعد هو مدى بشاعة هذه الحكومة الإسرائيلية الحالية. ويحاول الكثير من المسؤولين والمشرعين واليهود الأمريكيين إقناع أنفسهم بأنها مجرد حكومة إسرائيلية يمينية أخرى، لكنها أكثر من مجرد يمينية .


وأوضح أن الحكومة الإسرائيلية مكنت أمثال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي أشار العام الماضي إلى أن منع المساعدات الإنسانية عن قطاع غزة “مبرر وأخلاقي” حتى لو تسبب في موت مليوني مدني جوعا، لكن المجتمع الدولي لن يسمح له بذلك .


وأوضح فريدمان انه لطالما كان مثل هذا الفكر موجودا، لكنه لم يمنح قط السلطة التي يتمتع بها اليوم. ولم يكتف نتنياهو بتمكين أسوأ الفاسدين في إسرائيل، بل سعى في الوقت نفسه إلى تحريرهم من سلطة القانون. ويحاول نتنياهو إقالة المدعي العام الإسرائيلي المستقل، بعد حملة استمرت عامين لتقويض صلاحيات الرقابة للمحكمة العليا الإسرائيلية، وذلك تحديدا للقيام بشيء لم تفعله أي حكومة إسرائيلية من قبل ضم الضفة الغربية رسميا، إن لم يكن غزة أيضا  وطرد أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين  دون أي قيود قانونية.


وقال فريدمان إن ترامب ومبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، لم يفهما هذا الأمر قط. وهما يعتقدان أن الجميع يتعاملون مع الأمور بنفس الطريقة التي يتعاملان بها معهم وأن الجميع في أعماقهم يريدون “السلام” أولا وقبل كل شيء، وليس “قطعة” من الضفة الغربية أو غزة. وهكذا نجح نتنياهو في خداع ترامب وويتكوف لفترة طويلة.