afp_tickers

تم نشر هذا المحتوى على

05 أغسطس 2025 – 17:57

تبحث الحكومة اللبنانية الثلاثاء مسألة نزع سلاح حزب الله، على وقع ضغوط تقودها واشنطن لتحديد جدول زمني، في خطوة أكد الأمين العام للحزب نعيم قاسم رفضها، منددا بـ”الإملاءات” الأميركية.

وخرج الحزب المدعوم من طهران منهكا من مواجهة مفتوحة خاضها العام الماضي مع إسرائيل، قُتل خلالها عدد كبير من قادته ودُمّر جزء كبير من ترسانته. وانعكس ذلك أيضا تراجعا لنفوذه في لبنان حيث كان يحتكر القرار الى حدّ بعيد منذ سنوات.

وانعقد مجلس الوزراء الساعة الثالثة (12,00 ت غ) برئاسة رئيس الجمهورية جوزاف عون. وعلى جدول أعماله بنود عدة ابرزها “استكمال البحث في تنفيذ البيان الوزاري في شقّه المتعلّق ببسط سيادة الدولة على جميع أراضيها بقواها الذاتية حصرا”، إضافة الى “البحث في الترتيبات الخاصة بوقف” إطلاق النار الذي أنهى الحرب بين حزب الله واسرائيل في 27 تشرين الثاني/نوفمبر.

ويشكّل نزع سلاح حزب الله، وهو التنظيم الوحيد الذي احتفظ بترسانته العسكرية بعد انتهاء الحرب الاهلية (1975-1990)، قضية شائكة في لبنان، البلد المنقسم طائفيا والقائم على مبدأ المحاصصة.

وفي كلمة ألقاها عبر شاشة خلال حفل تأبين أثناء انعقاد مجلس الوزراء، قال الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم “أي جدول زمني يُعرض لينفذ تحت سقف العدوان الإسرائيلي، لا يمكن أن نوافق عليه”.

وسأل “هل المطلوب أن نذهب إلى نقاش، أم أن نسلم السلاح بدون نقاش”، مشددا على أنه “لا يمكن أن نقبل بأن يلتزم لبنان بالتخلي التدريجي عن قوته بينما تبقى كل أوراق القوة في يد العدو الإسرائيلي”.

وانتقد قاسم مضمون المذكرة التي حملها الموفد الأميركي توم باراك الى لبنان من أجل تجريد الحزب من سلاحه. وقال “من يطّلع على الاتفاق الذي جاء به باراك لا يجده اتفاقا، بل يجده إملاءات، يجده نزع قوة وقدرة حزب الله ولبنان بالكامل”.

وكان باراك، الذي زار بيروت لمرات عدة، دعا الحكومة قبل نحو أسبوعين الى “التصرّف فورا”، لناحية ترجمة تعهداتها بأن “تحتكر الدولة السلاح”.

وقال مصدر لبناني مطلع على مضمون المباحثات الجارية حول هذا الموضوع لوكالة فرانس برس، من دون الكشف عن هويته، “تضغط واشنطن على لبنان ليسلّم حزب الله سلاحه ضمن جدول زمني”.

وتأتي جلسة الحكومة الثلاثاء بعد تأكيد عون الخميس الالتزام بـ”بسط سلطة الدولة اللبنانية على كافة أراضيها، وسحب سلاح جميع القوى المسلّحة، ومن ضمنها حزب الله، وتسليمه الى الجيش اللبناني”.

وأدرج عون سحب السلاح ضمن بنود عدة، قال إنها وردت في مسودة أفكار عرضها الجانب الأميركي، وأدخل لبنان عليها “تعديلات جوهرية”، على أن يحدد مجلس الوزراء “المراحل الزمنية لتنفيذها”.

وقال “علينا اليوم أن نختار، إما الانهيار وإما الاستقرار”، مع ربط المجتمع الدولي مساعداته بنزع سلاح الحزب.

– “بلا مقابل” –

وبحسب المصدر اللبناني، فإن “حزب الله لن يقدم على تسليم سلاحه بلا مقابل، وهو ما يدركه الأميركي جيدا”.

وأكد قاسم في كلمته “نحن غير موافقين على أي اتفاق جديد غير الاتفاق الموجود بين الدولة اللبنانية والكيان الاسرائيلي”، في اشارة الى اتفاق وقف إطلاق النار.

ويتهم الحزب اسرائيل بخرق وقف إطلاق النار. ويطالبها بأن تنسحب من خمس نقاط تقدمت اليها خلال الحرب، وأن توقف الضربات التي تنفّذها رغم وقف إطلاق النار، وأن تعيد عددا من أسرى الحزب الذين اعتقلتهم خلال الحرب، وبدء عملية إعادة إعمار المناطق التي دمرتها الحرب، قبل أن يصار الى نقاش مصير السلاح.

لكن اسرائيل تبقي على وجودها في النقاط الخمس، التي يطالبها لبنان بالانسحاب منها. كما تشن ضربات شبه يومية، مستهدفة ما تقول إنه بنى تحتية ومقاتلون تابعون لحزب الله، الذي يمتنع عن الرد عليها.

وتوعدت اسرائيل التي تتهم الحزب بالعمل على إعادة ترميم بناه العسكرية، بمواصلة شنّ ضرباتها ما لم تنزع السلطات اللبنانية سلاحه.

وكان حزب الله صاحب النفوذ الأوسع على الساحة اللبنانية قبل الحرب، وقادرا على فرض القرارات الحكومية الكبرى أو تعطيل العمل الحكومي. ويتهمه خصومه باستخدام سلاحه في الماضي في الداخل لفرض إرادته و”ترهيب” خصومه.

– “تصعيد غير مرجّح” –

لكن مع تغيّر موازين القوى في الداخل والحدّ من قدرته على التعطيل، ثم تداعيات الحرب مع اسرائيل، لا تبدو خيارات الحزب كثيرة، وفق محللين.

ويقول الباحث في الشأن اللبناني لدى مجموعة الأزمات الدولية دايفيد وود لفرانس برس “قد يقرر حزب الله الضغط على الحكومة”، بمعنى “حضور اجتماع مجلس الوزراء والاحتجاج على أن القرار (الذي سيُتخذ) لا يمثل المصلحة الوطنية اللبنانية”، أو أن يحرّك “مناصريه للاحتجاج” في الشارع من “أجل إشاعة جو من الترهيب”.

لكن “سيناريو التصعيد العنيف (…) غير مرجح الى حد كبير في الوقت الراهن”، وفق وود.

ويضيف “حتى لو افترضنا أن الحزب يحتفظ بقدرة عسكرية كافية” لافتعال مواجهة في الداخل، لكن “القيام بذلك لا يصبّ في صالحه”.

ومع اشتراط حزب الله تنفيذ اسرائيل خطوات عدة قبل موافقته على بحث مصير سلاحه، فيما يؤكد الرئيس اللبناني أن “المرحلة مصيرية، ولا تحتمل استفزازا من أي جهة كانت”، فإن لبنان قد يجد نفسه في “مأزق دبلوماسي”.

ويقول وود “ما لم يتمكنوا من حلّ هذه المسألة في اجتماع مجلس الوزراء اليوم أو في الأسابيع القليلة المقبلة، فإن المسار الدبلوماسي سيصل إلى طريق مسدود”.

وتشكل إعادة الإعمار إحدى وسائل الضغط على حزب الله، العاجز عن إعادة سكان الجنوب الى مناطقهم بعدما تحولت قرى وبلدات حدودية بأكملها الى حقول أنقاض.

ويوضح وود إن دولا بارزة، على رأسها الولايات المتحدة والسعودية، قررت أنه “لن تكون هناك مساعدات جدية لإعادة الإعمار حتى يسلم حزب الله سلاحه”. 

بور-لار/ب ق