تتجه أنظار المستثمرين والأثرياء العالميين بشكل متزايد نحو دبي، التي استطاعت خلال السنوات الأخيرة أن ترسّخ مكانتها واحدة من أهم الوجهات المالية في العالم لإدارة الثروات وصناديق الاستثمار. ويكفي أن نشير إلى أن مركز دبي المالي العالمي استقطب في النصف الأول من عام 2025 وحده أكثر من 1000 شركة جديدة، بينها عشرات المكاتب العائلية العالمية، ليصل إجمالي الشركات المسجلة إلى نحو 7700 شركة. هذا التوسّع يعكس ثقة متزايدة بدبي كمنصة مالية رائدة في منطقة تتنافس على اجتذاب رأس المال العالمي.

ومن الأمثلة البارزة على هذا التحوّل، انتقال عدد من المكاتب العائلية الأوروبية والآسيوية إلى دبي في الأعوام الأخيرة، بحثاً عن بيئة ضريبية مرنة، وتشريعات حديثة في إدارة الثروات.

تقارير متخصصة أشارت إلى أن دبي تستضيف حالياً أكثر من 120 مكتباً عائلياً تدير ما يفوق 1.2 تريليون دولار من الأصول، وهو رقم يضع الإمارة في مصاف المراكز المالية التقليدية مثل جنيف ولندن. وقد شهدت دبي في الآونة الأخيرة انتقال أسماء كبرى في عالم المال، مثل صندوق التحوط الأميركي (Tudor Investment)، وشركة (Millennium Management) التي افتتحت مكاتب لها في مركز دبي المالي العالمي، في خطوة تعكس الثقة المتزايدة بالإمارة كوجهة لإدارة الأصول.

وإلى جانب ذلك، بدأت بعض المكاتب العائلية الأوروبية العريقة، خصوصاً من سويسرا وبريطانيا بترحيل جزء من عملياتها إلى دبي، مدفوعة بالضرائب المرنة وبيئة الأعمال المبتكرة. كما يتسارع حضور المكاتب العائلية القادمة من آسيا، التي ترى في دبي بيئة مستقرة وآمنة لإدارة ثرواتها وتنميتها على المدى الطويل.

هذا الواقع يفتح آفاقاً واسعة، لكنه في الوقت نفسه يفرض فرصاً تتطلب استجابة استراتيجية. فتعزيز الأطر التشريعية، وضمان استقرار طويل الأمد يزيد من ثقة المستثمرين. كما أن الاستثمار في المواهب الوطنية بمجال إدارة الأصول والتخطيط المالي، سيخلق قاعدة بشرية قادرة على مواكبة هذا الزخم، بينما يشكل تبنّي الأدوات الرقمية والابتكار المالي عاملاً رئيساً لجذب الجيل الجديد من المستثمرين الذين يفضلون حلولاً سريعة وذكية.

إن تجربة دبي مع استقطاب هذه الثروات لا تعكس فقط نجاح نموذجها الاقتصادي، بل أيضاً قدرتها على تحويل موقعها الجغرافي إلى منصة مالية عالمية. ومع استمرار هذا المسار، تبدو دبي مرشحة لتكون عاصمة إدارة الثروات الخاصة في الشرق الأوسط وآسيا، وإن كان القرن الـ20 قد شهد صعود جنيف ولندن، فإن العقد المقبل قد يحمل بصمة دبي، كعاصمة عالمية جديدة لإدارة الثروات.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

Share

فيسبوك
تويتر
لينكدين
Pin Interest
Whats App