يتداول أهالي بعلبك والبقاع الشمالي بقلق بالغ أخباراً عن عمليات خطف متفرقة، تتردد أصداؤها في المجالس وعلى شاشات الهواتف. لكن سرعان ما تتضح الصورة، فما هي إلا شائعات يغذّيها خوف الناس، وتساهم وسائل التواصل الاجتماعي في انتشارها السريع كالنار في الهشيم. 

 

تتعدد القصص، وتتضارب الروايات حول “حالات خطف” مزعومة لأطفال ونساء، لكن عند مراجعتها، يتبين أنها غالباً ما تكون عبارة عن سوء فهم أو مبالغات. مثلاً، قد يكون تأخر طفل عن العودة إلى المنزل لبعض الوقت سبباً كافياً لإطلاق العنان لتكهنات حول خطفه، وسرعان ما تنتقل القصة من عائلة إلى أخرى، وتُضاف إليها تفاصيل مختلفة تزيد من إثارتها.

 

خطف (تعبيرية).

خطف (تعبيرية).

 

 

وجلاء لحقيقة الوضع، أكد مصدر أمني لـ”النهار” قطعاً أن “كل ما يتم تداوله عن عمليات خطف في بعلبك والبقاع الشمالي هو مجرد شائعات لا أساس لها من الصحة”، لافتاً الى “أن الأجهزة الأمنية تعمل ليل نهار على حفظ الأمن، ولم يتم تسجيل أي حالة خطف لأطفال أو نساء في الآونة الأخيرة”.  

 وأضاف: “هذه الشائعات تشكل عبئاً كبيراً علينا، بحيث نضطر الى التحقق من كل بلاغ كاذب، وهذا يشتت جهودنا عن مهماتنا الحقيقية”.

 

وفي هذا السياق، أكدت الإختصاصية في علم النفس الدكتورة منال يوسف لـ ” النهار” أن “مسؤولية التصدي لهذه الظاهرة لا تقع على عاتق الأجهزة الأمنية وحدها، بل هي مسؤولية جماعية”.

 

وشدّدت على أن “المواطن مطالب بالتحقق من أي خبر قبل نشره، والاعتماد فقط على المصادر الرسمية. يجب ألاّ يكون الهاتف أداة لنشر الفتنة والخوف، بل وسيلة للتواصل الإيجابي”.

 

ولفتت  إلى أن ” بعلبك والبقاع الشمالي ليست بؤرة للخطف، بل هي منطقة كسائر المناطق اللبنانية، تضم عائلات تتطلع إلى الأمان والاستقرار”. وأضافت: “عبر الوعي والتعاون، يمكننا دفن هذه الشائعات والعودة إلى حياتنا الطبيعية”.

 

كذلك حذّرت من التأثيرات السلبية لهذه الشائعات على حياة المواطنين، والتي تشمل:

 

1. شلل الحياة اليومية: بحيث يتخوف الأهالي على أولادهم، ما يفرض قيوداً صارمة على حركتهم ويؤدي إلى عزلة اجتماعية غير مبررة.  
2. توتير الأجواء: إذ قد يلجأ البعض إلى إجراءات أمنية ذاتية أو تشكيل مجموعات حراسة غير رسمية، ما يفتح الباب أمام تصادمات ومشاكل اجتماعية.  
3. ضرب الاقتصاد المحلي: فالخوف يمنع الزوار من القدوم، ويؤثر على حركة الأسواق، ما يزيد من معاناة الناس المعيشية.
وختمت بالتأكيد أن “المعالجة تبدأ من الكلمة، ومن نشر الوعي، فالأمن النفسي جزء لا يتجزأ من أمن المجتمع ككل”.