نموذج عالمي لتعزيز الاستثمار والنمو الاقتصادي
في إطار الإنجازات المتواصلة التي تشمل كل المجالات، وتضيف إلى نموذج التميز والتفوق الذي تمثله دولة الإمارات العربية المتحدة، فإن الدولة تشهد نقلة نوعية في مجال الشراكة بين القطاعين العام والخاص، تعود إلى الأسس المتينة والإطار السليم لهذه الشراكة الذي يمنحها مزيج القوة والمرونة والاستدامة، على نحو يضمن تعزيز الاقتصاد وجذب الاستثمارات.
وهذا الإطار، المدعوم بقانون اتحادي ودليل شامل للمشروعات وبرامج تدريبية متخصصة، يمثل استراتيجية طموحة لترسيخ مكانة الإمارات كوجهة استثمارية عالمية رائدة.وفيما يتعلق بالأسس التشريعية والتنظيمية، يستند الإطار الجديد إلى القانون الاتحادي رقم 12 لسنة 2023 بشأن تنظيم مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص على المستوى الاتحادي، والذي يعد الأول من نوعه في تاريخ الدولة. وهذا القانون يضع إطاراً شاملاً يهدف إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص في المبادرات الاستراتيجية والتنموية، مما يعزز من كفاءة تقديم الخدمات ويزيد من الاستثمار في المشاريع ذات القيمة الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة.
وتكمل هذا الإطار القانوني وثيقة «دليل مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص: الإدارة والتنفيذ»، التي صدرت في يونيو 2024، والتي تحدد الإجراءات والسياسات التفصيلية للجهات الاتحادية وشركاء القطاع الخاص عبر جميع مراحل المشروع من التخطيط والتصميم إلى التنفيذ والإدارة التشغيلية.
أما عن النتائج الاقتصادية المتميزة فتؤكد الأرقام الاقتصادية الحديثة نجاح هذا الإطار في تحقيق أهدافه الاستراتيجية. فقد حققت دولة الإمارات في عام 2024 أكبر رقم في تاريخها لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بقيمة 167.6 مليار درهم، أي ما يعادل 45.6 مليار دولار أميركي. وهذا الإنجاز التاريخي يعكس الثقة الدولية المتزايدة في البيئة الاستثمارية الإماراتية.
كما واصلت الدولة هذا الزخم في النصف الأول من عام 2025، حيث استقطبت 613 مشروع استثمار أجنبي مباشر بقيمة إجمالية تصل إلى 5.4 مليار دولار. وهذه الأرقام تؤكد استمرارية الأداء المتميز وفعالية السياسات المطبقة.
أما عن التفوق العالمي والمؤشرات الدولية، فقد حققت دولة الإمارات للعام الثاني على التوالي المركز الأول عالمياً في أداء الاستثمار الأجنبي المباشر الجديد لعام 2025، مسجلة نسبة استثنائية تبلغ 14.26 نقطة في مؤشر جذب الاستثمار الأجنبي المباشر مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي. وهذا يعني أن الإمارات تجذب استثمارات تفوق 14 ضعف حجم المشاريع المعتادة، مما يؤكد قوة الجاذبية الاستثمارية للدولة.
كما حققت الإمارات نمواً اقتصادياً قوياً بنسبة 4% في عام 2024، مع ناتج محلي إجمالي بلغ 1,776 مليار درهم. وتشير توقعات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي إلى أن الاقتصاد الإماراتي سيحقق نمواً يتراوح بين 4.5% و4.9% في عام 2025، وهو معدل يُعتبر من الأعلى عالمياً.
أما عن القطاع المصرفي والاستثمارات المحلية فيعكس أداء القطاع المصرفي قوة الاقتصاد الإماراتي، حيث وصلت استثمارات البنوك العاملة في الدولة إلى أعلى مستوى في التاريخ بقيمة 788 مليار درهم في نهاية مايو 2025، مسجلة نمواً بنسبة 17.1% على أساس سنوي، بزيادة قدرها 115 مليار درهم. وهذه الأرقام تؤكد الثقة المحلية في الاقتصاد وتعزز من قدرة البنوك على تمويل المشاريع الاستراتيجية.
أما بشأن البرامج التدريبية وبناء القدرات، التي تمثل أحد أركان استدامة الشراكة وتطويرها، فقد نفّذت وزارة المالية، في مايو 2025، المرحلة الأولى من برنامج تدريبي متخصص، طُور بالتعاون مع معهد تدريبي عالمي مرموق. ويهدف البرنامج إلى تعزيز قدرات الجهات الاتحادية وتطوير آليات الشراكة مع القطاع الخاص.
وتعمل الوزارة الآن على التحضير، لإطلاق المرحلة الثانية من البرنامج، لمواصلة تطوير القدرات الوطنية في مجال الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وفق أفضل الممارسات العالمية.
إن إطار الشراكة الجديد بين القطاعين العام والخاص في الإمارات، يمثل نموذجاً عالمياً متقدماً يجمع بين الأسس التشريعية المتينة والتطبيق العملي الفعال وبناء القدرات المتخصصة. وتؤكد النتائج الاقتصادية المحققة نجاح هذا النهج في جذب الاستثمارات وتعزيز النمو الاقتصادي، مما يعزز من مكانة الإمارات كمركز عالمي للأعمال والاستثمار.
ومع استمرار تطوير هذا الإطار وتوسيع نطاق تطبيقه، تبدو الآفاق المستقبلية واعدة لتحقيق المزيد من الإنجازات في إطار رؤية «نحن الإمارات2031» ومئوية الإمارات 2071.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.