تمردت الدراما المصرية، ولم تعد حبيسة القوالب الاجتماعية التقليدية التي رسخت صورتها لعقود، بل دخلت في سباق جديد تحكمه المنصات الرقمية وذائقة جمهور متعطش للتشويق. وبينما تتصدر أعمال الإثارة والغموض المشهد في السنوات الأخيرة، تعود الدراما الاجتماعية بين الحين والآخر لتؤكد حضورها، في مشهد يعكس ديناميكية متجددة تضع الدراما المصرية في موقع المنافسة عربياً وإقليمياً.

ويعزو نقاد هذا التحول إلى تغير الذوق العام للجمهور، الذي أصبح أكثر ميلاً إلى الأعمال المشوقة المليئة بالمفاجآت، ولا سيما مع اتساع رقعة المنصات الرقمية التي أتاحت انفتاحاً واسعاً على مختلف إنتاجات الدراما العربية والعالمية.

الناقدة الفنية ماجدة خيرالله قالت لـ«البيان» إن الذائقة الفنية شهدت تحولاً تدريجياً خلال الخمسة عشر عاماً الماضية، مشيرة إلى أن عام 2011 شكّل نقطة مفصلية في مسار الدراما المصرية، حيث أفرز الحراك السياسي والاجتماعي آنذاك موجة من الأعمال البوليسية والوطنية الممزوجة بالإثارة والغموض، ما جعل الجمهور يتعامل مع الدراما بعقلانية أكثر من العاطفة.

ورغم هيمنة الأكشن والإثارة، تؤكد خير الله أن الدراما الاجتماعية استعادت حضورها بقوة في السنوات الأخيرة، من خلال أعمال مثل «رمضان كريم» و«أبو العروسة» التي لاقت تفاعلاً واسعاً، معتبرة أن الدراما المصرية تعيش مرحلة ذهبية بفضل التنوع الكبير في الموضوعات والأشكال، حتى إنها – بحسب قولها – تفوقت على السينما من حيث الانتشار والتأثير.

أزمة نصوص

أما الناقد أحمد سعدالدين، فيرى أن الدراما المصرية لم تتوارَ كما يعتقد البعض، بل ما زالت تحافظ على حضورها القوي. ويشير في حديثه لـ«البيان» إلى أن التحدي الأكبر أمام الصناعة اليوم يتمثل في أزمة النصوص، إذ لم تعد هناك أسماء كبرى على غرار أسامة أنور عكاشة، وبات الاعتماد على «ورش الكتابة» يضعف تماسك الأعمال.

ويضيف إن تعدد أقلام الورش يؤدي أحياناً إلى تشتت الأحداث وضعف البناء الدرامي، فضلاً عن تأخر تسليم النصوص، ما ينعكس سلباً على مستوى الإنتاج.

وشدد على أن موجة الإثارة والغموض ليست إلا امتداداً طبيعياً لمرحلة زمنية، مثلما سبقتها موجة الكوميديا أو الأكشن، مؤكداً أن تنوع الأشكال الدرامية يمثل نقطة قوة للدراما المصرية، إذ يتيح لكل نوع جمهوره وفرصته في السوق.

واختتم حديثه: «يبقى الرهان الأكبر في المرحلة المقبلة على تحسين مستوى الكتابة والسيناريو، لتقديم أعمال أكثر ترابطاً وقوة فنية، قادرة على الاستمرار ومنافسة الإنتاجات الإقليمية والعالمية».