نشطت إعلانات الدروس الخصوصية منذ اليوم الأول للعام الأكاديمي الجديد، واعتبرها بعضهم جزءاً أصيلاً من العملية التعليمية، فيما وصفها آخرون بأنها نشاط ربحي لتجارة مستترة، تتسبب في تحديات كبيرة للعملية التعليمية الرسمية.
وكشفت نتائج استطلاع للرأي، أجرته صحيفة «الإمارات اليوم» عبر حساباتها على منصات التواصل الاجتماعي، أن سعر الحصة يعد العامل الأول في اختيار المعلم.
وحذر قانونيون من أن عقوبة العمل في مجال الدروس الخصوصية، من دون تصريح رسمي، قد تصل إلى الحبس سنة وغرامة 100 ألف درهم.
وتفصيلاً، أظهر استطلاع، أجرته «الإمارات اليوم» عبر حساباتها على منصات «إكس» و«فيس بوك» و«إنستغرام»، حول أبرز العوامل المؤثرة في اختيار الأهل معلمَ الدروس الخصوصية، أن سعر الحصة يأتي في المرتبة الأولى بنسبة 38%، تليها امتلاك المعلم تصريح عمل للتدريس بنسبة 33%، وأخيراً السمعة والكفاءة الأكاديمية بنسبة 29%.
ورصدت «الإمارات اليوم» زيادة أعداد إعلانات الدروس الخصوصية على مواقع التواصل الاجتماعي، ومجموعات الأمهات على «فيس بوك» و«واتس أب»، فيما أكد ذوو طلبة أن الدروس الخصوصية أصبحت جزءاً من مكونات تعليم أبنائهم، وتدخل ضمن قائمة الأولويات التي تسعى الأسر إلى تسديد فاتورتها.
وحدد التربويون وذوو طلبة: وليد جلال ومصطفى أحمد وحسين جعفر ويوسف فايز وشما عبيد ونور الحمودي ويمنى عبدالحميد وفاطمة محمد وغادة عبدالله، ثمانية أسباب وراء استمرار ظاهرة الدروس الخصوصية وتحولها إلى ثقافة مجتمعية، تجعلها جزءاً من العملية التعليمية، شملت عدم تأسيس الطالب منذ سنوات تعليمه الأولى، وما يترتب عليه من ضعف المستويات التحصيلية في بعض المواد، وكثرة الواجبات، وانشغال الأب والأم عن متابعة أطفالهما أكاديمياً، والفوارق الفردية بين الطلبة فيما يخص الفهم، واعتياد كثير من الطلبة تلقي المساعدة وعدم الاعتماد على أنفسهم في الوصول للمعلومة، وضعف بعض المعلمين وانشغالهم بأعباء إدارية وحياتية تؤثر في كفاءتهم داخل الصف، ورغبة الأهل في زيادة تحصيل أبنائهم من أجل التفوق، وضعف الدخل المادي الذي يتقاضاه المعلم لقاء عمله في المدرسة مقارنة بالعائد المرتفع للدروس الخصوصية، واختلاف جنسيات المعلمين يؤدي إلى صعوبة الفهم، خاصة لدى الطلبة صغار السن، لاختلاف اللهجات ومخارج الحروف، إضافة إلى الوجاهة الاجتماعية حيث يعدّ بعضهم الدروس الخصوصية إحدى وسائل التعبير عن الاهتمام بأبنائهم.
وطالب التربويون: محمد برهان وحسن عثمان ومنى ياسر وياسمين خالد، ذوي الطلبة قبل الشروع في الاستعانة بمعلمين خصوصيين لأبنائهم، بالإجابة عن أربعة أسئلة لتقييم محصلة وجوب الدرس من عدمه، شملت: ما مدى كفاءة جودة التعليم المدرسي؟ وما نتائج تقييم مستوى الطالب الدراسي وقدرته على التحصيل بمفرده؟ وهل تم تقييم صعوبة المادة الدراسية وعدم قدرة الطالب على الاستيعاب؟ وهل قدرة الأسرة المادية تمكنها من تحمل الأعباء المتعلقة بالدروس الخصوصية؟
وأكدوا أهمية التعاطي مع الدروس الخصوصية على أنها وسيلة لا غاية، إذ تفيد في حال اللجوء إليها لسد ثغرات عدم قدرة الطالب على الاستيعاب داخل الصف المدرسي، وفشل علاج هذا الضعف، فيما يكون ضررها أكبر من منافعها في حال اللجوء إليها كنوع من الاستسهال، وعدم تحمل الطالب مسؤولياته الدراسية، وتراجع الأسرة عن دورها في المتابعة والدعم والتحفيز.
وعزت خبيرة القيادة التربوية، الدكتورة فاطمة المراشدة، تنامي ظاهرة الدروس الخصوصية إلى الضغوط الأكاديمية المتزايدة، وحاجة بعض الطلبة إلى دعم فردي لا توفره المدارس، إلى جانب سهولة الوصول إلى المعلمين عبر الإنترنت، وتنوع الخيارات المتاحة لهذه الخدمة، مشيرة إلى أن الطابع التجاري المنظم للمنصات التعليمية أسهم في تعزيز انتشار هذا النمط من التعلم، ما يعكس تحولاً في نظرة المجتمع نحو التعلم المرن والمخصص لتلبية الاحتياجات التعليمية المتنوعة.
بدورها، أعادت الخبيرة التربوية، مريم الظهوري، استمرار ظاهرة الدروس الخصوصية والتوسع في خياراتها سنوياً، إلى مواكبتها احتياجات الطلبة وأولياء الأمور، حيث تسد فجوة الدعم الفردي الذي يصعب تقديمه دائماً داخل الصف، كما أن التنافس الأكاديمي وحبّ التميز يدفعان كثيرين للبحث عن مصادر دعم خارجية، ما يجعل الدروس الخصوصية خياراً مفضّلاً.
وأفاد ذوو طلبة: أحمد عبدالرحمن وكرم فاروق وحصة سلطان وليلى عبيد، وحليمة العوضي وشرين هاشم، بأن أبناءهم يلجؤون إلى الدروس الخصوصية لعدم التحصيل الجيد في المدرسة، والرغبة في التفوق.
وأشاروا إلى أن مواد الرياضيات والفيزياء والأحياء والكيمياء واللغة الإنجليزية، تتصدر قائمة الدروس الخصوصية، ويراوح سعر الحصة ومدتها ساعة ما بين 150 درهماً و200 درهم في حال كانت مجموعة تضم ثلاثة طلبة، وتصل إلى ما بين 300 و400 درهم في حال كان الدرس مقتصراً على طالب واحد، فيما تبلغ أسعار الدروس الخصوصية في المواد التي تدرس باللغة العربية 100 درهم للحصة، لافتين إلى أن صفوف الحلقة الأولى يقوم معلم واحد بتدريس جميع موادها، ويتم التعامل معه غالباً بأجر شهري بمتوسط 1500 درهم مقابل حصتين أسبوعياً، لافتين إلى توفيرهم معلمين خصوصيين لأبنائهم منذ التحاقهم بالمدرسة، خاصة لمواد الرياضيات والعلوم، واللغة الإنجليزية، كونهم يخافون تدني مستواهم التعليمي، نظراً لتدريسها باللغة الإنجليزية التي تعتبر جديدة على الأطفال الصغار.
وأفاد ذوو طلبة بتلقيهم رسائل من معلمين ومنصات تعليمية إلكترونية، لإعطاء دروس خصوصية لطلبة المدارس في جميع الصفوف، مشيرين إلى أن منصات الدروس الإلكترونية خلخلت بعض ثوابت سوق الدروس الخصوصية التقليدية التي كان يتم تحديد سعر الحصة فيها تبعاً للمنهاج ورسوم المدرسة التي ينتمي إليها الطالب، والجنسية، وكذلك المادة، حيث كان المعلم يقيم الحالة المادية للأسرة من خلال هذه العوامل، وتتم المغالاة في أسعار الحصص طمعاً في تحقيق مكاسب مالية إضافية، فيما تضع منصات الدروس الخصوصية الـ«أون لاين»، أسعاراً ثابتة مع إتاحة خيارات مرنة خاصة بالوقت وجنسية المعلم وخبراته المهنية.
من جانبه، أكد المحامي سالم عبيد النقبي أن ممارسة مهنة الدروس الخصوصية دون تصريح مخالفة قانونية صريحة، إذ أقرت وزارتا التربية والتعليم والموارد البشرية والتوطين آلية عمل مشتركة، تم بموجبها استحداث «تصريح عمل التدريس الخصوصي»، مشدداً على أن القانون الإماراتي وضع عقوبات صارمة بحق مخالفي الأنظمة والقوانين الخاصة بنظام العمل، بما في ذلك مخالفات تصاريح العمل، بهدف الحد من التجاوزات.
وأضاف أن استحداث التصاريح للأفراد المؤهلين لتقديم الدروس الخصوصية سيسهم في الحد من الممارسات غير القانونية وغير المنظمة للتعاقد مع المدرسين الخصوصيين والتي قد تؤثر في عملية التعلم بمجملها.
وقال: «تطبق الغرامات والعقوبات المنصوص عليها في قانون تنظيم علاقات العمل ولائحته التنفيذية والقرارات المنظمة لهما، وكل القوانين السارية بالدولة بحق كل من يمارس التدريس الخصوصي دون الحصول على تصريح من وزارة الموارد البشرية والتوطين، كما أنه طبقاً لدائرة التنمية الاقتصادية، لا يجوز لأي شخص طبيعي أو معنوي مزاولة أي نشاط اقتصادي أو فرع لهذا النشاط الصادر بتنظيمه قرار من الدائرة قبل الحصول على تراخيص بذلك، على أن يكون مستوفياً الشروط المنصوص عليها في القوانين الخاصة بمزاولة هذا النشاط، ويعاقب كل من خالف ذلك بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنة، وبغرامة لا تقل عن 40 ألف درهم ولا تزيد على 100 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين».
وأشار المحامي سالم سعيد الحيقي إلى أن المستفيدين من خدمات التدريس الخصوصي ملزمون بالاستعانة بالأشخاص المصرح لهم بممارسة التدريس الخصوصي فقط، ويعتبر كل من يخالف القرارات الصادرة بهذا الخصوص عرضة للمساءلة القانونية، حيث نصت المادة (8) من القرار الوزاري رقم (710) لسنة 2023 بشأن استحداث تصريح عمل التدريس الخصوصي، على أنه تسري الغرامات والعقوبات الواردة وفق أحكام قانون تنظيم علاقات العمل ولائحته التنفيذية والقرارات المنظمة لهما والقوانين السارية بالدولة على كل من يمارس التدريس الخصوصي من دون الحصول على تصريح من الوزارة.
وقال إن «ولي الأمر ملزم التأكد من حصول المعلم على تصريح ممارسة الدروس الخصوصية، وفي حال الاستعانة بمعلم لا يحمل تصريح عمل التدريس الخصوصي، يعتبر ولي أمر الطالب مخالفاً لأحكام المرسوم بقانون اتحادي رقم (33) لسنة 2021 بشأن تنظيم علاقات العمل، وتطبق عليه الجزاءات المنصوص عليها في القانون، حيث نصت المادة رقم (60) على أنه يُعاقب بالغرامة التي لا تقل عن 100 ألف درهم ولا تزيد على مليون درهم، كل من استخدم عاملاً لم يصرح له بالعمل لديه، أو استعمل تصاريح العمل في غير الغرض المخصص لإصدارها».
جدير بالذكر أن وزارتي التربية والتعليم والموارد البشرية والتوطين، أقرتا آلية عمل مشتركة تم بموجبها استحداث «تصريح عمل التدريس الخصوصي، بهدف تعزيز عملية التعلم وضمان حوكمة الدروس الخصوصية خارج إطار المؤسسات التعليمية وفق لوائح فاعلة ومنظمة بعيداً عن العشوائية، ويتيح التصريح لفئات واسعة من المجتمع من المختصين والمؤهلين تقديم الدروس الخصوصية للطلبة، فيما تواصلت «الإمارات اليوم» مع وزارة الموارد البشرية والتوطين للاستفسار عن عدد الحاصلين على تصريح عمل التدريس الخصوصي، منذ إطلاق الخدمة، وعقوبة مزاولة المهنة دون ترخيص، إلا أنها لم تتلق رداً على استفساراتها.
الحلول
وضع معلمون وتربويون حلولاً لمواجهة انتشار الدروس الخصوصية بين الطلبة، شملت رفع كفاءة الطالب الدراسية، من خلال تنظيم جدول دراسي يومي، وتهيئة جو منزلي يساعده على الاستذكار، ومتابعة ولي الأمر مستوى الطالب عن قرب، والوقوف على مستواه الدراسي، ومتابعته مع معلميه في المدرسة، وزيادة ثقته بنفسه من خلال ما سيبذله من مجهود، وتحفيزه وتشجيعه على الحصول على أفضل النتائج، وإشعار الطالب بالدعم المعنوي والأكاديمي، وأنه ليس وحيداً، والاستفادة من برامج الدعم الأكاديمي، التي توفرها وزارة التربية والتعليم وبعض المنصات التعليمية المجانية على شبكة الإنترنت، في شرح جميع النقاط الصعبة التي من الممكن أن تواجهه في الحصة المدرسية الأساسية.
6 خطوات للحصول على تصريح
أفادت وزارة الموارد البشرية والتوطين بأن «تصريح عمل المدرس الخصوصي»، يتيح تقديم الدروس التعليمية خارج إطار المؤسسات التعليمية للطلبة من قِبَل الأفراد المؤهلين، بما يوفر لهم دخلاً مباشراً.
ويُمنح التصريح مجاناً، ومدته عامان، ويخوّل المستفيدون منه ممارسة التدريس الخصوصي، بعد توقيع وثيقة سلوك حسب النموذج المعتمد.
وأشارت الوزارة – على حساباتها الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي – إلى وجود خمس فئات مؤهلة للحصول على تصريح عمل المدرس الخصوصي، تشمل المدرسين المسجلين في مدرسة حكومية أو خاصة، والموظفين العاملين في القطاع الحكومي والخاص، وفئة غير العاملين، وطلبة المدارس من الأحداث في سن من 15 إلى 18 عاماً، وطلبة الجامعات، لافتة إلى أن الحصول على تصريح عمل المدرس الخصوصي يتطلب القيام بست خطوات، تبدأ بالدخول إلى موقع الوزارة الإلكتروني، واختيار تصريح عمل المدرس الخصوصي من قائمة الخدمات، وإدخال رقم الهوية الإماراتية، وإدخال رمز التحقق لمرة واحدة، وإرفاق المستندات المطلوبة وفق الفئة، وأخيراً تقديم الطلب.