07:23 م
الثلاثاء 02 سبتمبر 2025
كتب- أحمد والي:
أعلن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بدء تفعيل حزمة الاستثمارات القطرية المباشرة في مصر بقيمة 7.5 مليار دولار، في إطار تعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين.
وجاءت الخطوة بعد إعلان قادة مصر وقطر، خلال قمة مشتركة في أبريل الماضي، الاتفاق على ضخ هذه الاستثمارات في السوق المصري خلال المرحلة المقبلة، بما يسهم في دفع جهود التنمية الاقتصادية المستدامة.
استثمارات مباشرة وليست ودائع
قال الدكتور محمد عبد العال، الخبير المصرفي، إن تدفق الاستثمارات القطرية في هذا التوقيت يمثل دفعة قوية للاقتصاد الوطني، مؤكدًا أن هذه الأموال ليست ودائع أو قروضًا، وإنما استثمارات مباشرة تسهم في تخفيف عبء المديونية الخارجية ودعم مسيرة التنمية.
وأضاف أن هذه التدفقات ستعزز كفاءة تنفيذ خطط التنمية في قطاعات حيوية مثل الصناعة والتصنيع الزراعي والتكنولوجيا، بجانب النشاط المتوقع في القطاع العقاري، ما يحفز معدلات النمو ويدعم حركة السوق.
تحويل الودائع إلى مشروعات استثمارية
أوضح الدكتور وائل النحاس، المستشار الاقتصادي وخبير أسواق المال، أن جزءًا من هذه الحزمة سيتجه إلى استبدال بعض الودائع القطرية بمشروعات استثمارية، خاصة في قطاعات التنمية السياحية مثل الساحل الشمالي، وهو ما يتماشى مع اشتراطات صندوق النقد الدولي.
وأشار إلى أن هذه الخطوة ستعزز الاحتياطي النقدي لمصر، عبر تحويل الودائع من التزامات على الدولة إلى أصول ضمن الاحتياطي النقدي الأجنبي، ما يزيد قدرة الدولة على مواجهة الضغوط الخارجية أو انسحاب الاستثمارات غير المباشرة.
تحتفظ قطر بودائع لدى البنك المركزي المصري بقيمة 4 مليارات دولار يتم تجديدها بشكل تلقائي على مدار آخر 4 سنوات بعد مصالحة “العلا” بين مصر وقطر.
أولويات الزراعة والسياحة والطاقة
فيما لم يدلِ مدبولي بتفاصيل عن موعد ضخ الأموال أو نوعية المشاريع، أوضح وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، الأسبوع الماضي، أنه سيتم الإعلان عن المشاريع القطرية خلال الأسابيع المقبلة، مشيرًا إلى أن قطاعات الزراعة والأمن الغذائي والسياحة والطاقة الجديدة والمتجددة تمثل أبرز القطاعات محل اهتمام قطر في مصر.
وتستهدف مصر جذب 42 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال العام المالي 2025-2026، الذي بدأ مطلع يوليو الجاري. كما أوضح مدبولي أن الحكومة لديها رؤية اقتصادية حتى 2030، تمتد لما بعد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وسيتم طرحها تحت عنوان “السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية: السياسات الداعمة للنمو والتشغيل” للحوار المجتمعي.
مشروع علم الروم السياحي
بلغت الاستثمارات القطرية في مصر 618.5 مليون دولار خلال السنة المالية 2023-2024 مقابل 548.2 مليون دولار قبل عام، فيما بلغت قيمة الاستثمارات المصرية في قطر 171.5 مليون دولار خلال نفس الفترة مقابل 86.8 مليون دولار قبل عام، وفق اقتصاد الشرق مع بلومبرج.
وجرى الاتفاق على مشروع مدينة سياحية متكاملة على مساحة 60 ألف فدان، تُخصص بنظام حق الانتفاع لصالح جهاز قطر للاستثمار، خلال اجتماع بين رئيس الوزراء المصري ونظيره القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
تركيز على العقارات والسياحة
أكد الدكتور محمد بدرة، الخبير المصرفي، أن التوجه الحالي للاستثمارات القطرية في مصر يتركز على المشروعات العقارية والسياحية، على غرار استثمارات خليجية أخرى في السوق المحلي، لكنه أعرب عن أمله في أن تمتد هذه الاستثمارات مستقبلًا إلى القطاعات الإنتاجية والصناعية، بما يحقق قيمة مضافة أكبر للاقتصاد.
ولفت بدرة إلى أن قطر تمتلك بالفعل حصة بارزة في السوق المصري عبر بنك قطر الوطني، ما يمنحها رؤية واضحة حول القطاعات الأكثر ربحية.
ما العائد على الاقتصاد المصري؟
بحسب الخبراء، فإن العوائد الحقيقية لهذه الاستثمارات لن تكون فورية، نظرًا للتقلبات الاقتصادية العالمية وصعوبة الأوضاع في أسواق المال، إضافة إلى الركود الذي يضرب اقتصادات كبرى مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا.
ويتوقع النحاس أن تمر مصر بفترة حرجة خلال الأشهر المقبلة مع مراجعات صندوق النقد الدولي، واحتمالية اتخاذ قرارات اقتصادية صعبة مثل رفع الدعم عن المحروقات أو إقرار تشريعات جديدة، مشددًا على أن التحدي الأكبر أمام الحكومة هو رد فعل الشارع تجاه هذه الإجراءات.
في المقابل، يرى بدرة أن تحويل الودائع القطرية إلى استثمارات مباشرة يضمن بقاء هذه الأموال لفترات طويلة داخل السوق المصري، ما يسهم في توفير فرص عمل جديدة بحلول 2026، وخفض معدلات البطالة، وزيادة إنتاج السلع الموجهة للتصدير، بما يضيق الفجوة في الميزان التجاري.