11:27 ص


الخميس 04 سبتمبر 2025

ترجمة- محمود الطوخي:

رغم تفاخر الحكومة الإثيوبية ببناء سد النهضة على مجرى نهر النيل، فإن ما تعتبره أديس أبابا إنجازا وطنيا ينطوي على مآسٍ راح ضحيتها آلاف الأشخاص خلال عمليات البناء.

وفي حين يروّج رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد للسد على أنه ركيزة النهضة المستقبلية في بلاده، كشفت تقارير عن وفاة نحو 15 ألف مواطن إثيوبي على مدار عمليات البناء المستمرة منذ 14 عاما وفق موقع “إثيو نيجاري”.

وأكد وزير المياه والطاقة الإثيوبي هابتامو إيتيفا، صحة أرقام قتلى عمليات البناء، موضحا انها لا تشمل المهندسين وحدهم، بل سكان محليين وسائقين وقوات أمنية، ممن ساعدوا في المشروع بطرق مختلفة.

ورغم المطالبات بتكريم بعض من لقوا مصرعهم خلال بناء سد النهضة مثل مدير المشروع السابق سيمجنيو بيكيلي، تؤكد الحكومة الإثيوبية أن السد “إنجاز جماعي وإرث مشترك لجميع الإثيوبيين”.

واعتبر وزير الطاقة الإثيوبي، سد النهضة الذي بُني على النيل الأزرق بمنطقة “شنقول قماز”، رمزا لسيادة بلاده وتصميمها منذ وقت طويل، كما عدّه “بداية أعظم رحلة لإثيوبيا”.

ومع ذلك، فإن وفاة 15 ألف شخص في عمليات البناء، تثير تساؤلات حول معايير السلامة والأمن والخسائر البشرية الناتجة عن سد النهضة.

وبينما تحتفل أديس أبابا باستكمال عمليات البناء واقتراب موعد الافتتتاح، تتصاعد التوترات مع دول المصب وبشكل خاص مصر والسودان، وسط مخاوف من تأثر حصصهم من مياه النهر العابر للحدود.

وانتقدت القاهرة، الإجراءات الإثيوبية أحادية الجانب باعتبارها تشكّل تهديدا للأمن المائي لمصر.

لكن وزير المياه والطاقة الإثيوبي، يدّعي التزام أديس أبابا بإعلان المبادئ الموقّع عام 2015 مع مصر والسودان، مشيرا إلى أن بلاده شاركت التحديثات مع الدول المجاروة، زاعما أن “سد النهضة ساهم في الحد من الفيضانات الموسمية في السودان ومصر”.

وتطرّق هابتامو، إلى ما وصفه بـ”التطورات أحادية الجانب” التي قامت بها مصر على نهر النيل، بما في ذلك التخطيط لإقامة مدينة تعتمد على مياه النيل دون التشاور مسبقا مع إثيوبيا ودول المنبع، قائلا: “كان عليهم التشاور معنا.. لم نتلق منهم أي رد على استفساراتنا الرسمية”.

وفيما يؤكد هابتامو على أن “النيل ملك لنا جميعا”، فإنه يشدد على أن إثيوبيا لا تنوي التراجع عن مشاريعها المستقبلية على النيل دون الكشف عن أية تفاصيل بشأن خطط محددة، لكنه في الوقت نفسه جدد التأكيد على أن “تنمية بلاده لن تؤثر على المصريين وأن أي مبادرات مستقبلية مماثلة ستراعي التعاون الإقليمي”.

وتشمل خطط إثيوبيا المستقبلية، بناء مدينة جديدة قرب سد النهضة لتكون مركزا للترفيه والسياحة والنمو الاقتصادي.

وأوضح الوزير الإثيوبي، أن من المتوقع أن يحضر افتتاح سد النهضة شخصيات بارزة من أفريقيا، بما في ذلك توجيه دعوات لدول حوض النيل وبلدان أخرى، مضيفا أنه “ليس مشروعا للإثيوبيين وحدهم.. بل لكل الأفارقة في الواقع”.

وفي الوقت الراهن، لا يزال العمل جاريا على تشكيل لجنة حوض نهر النيل، فيما تصر أديس أبابا على تعاونها مع دول المنبع التي وقعت على اتفاق الإطار التعاوني، مؤكدة انفتاحها على انضمام مصر والسودان حال اختيارهما إعادة المشاركة، وفق هابتامو.

وصّرح رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، بأن الاستفادة من موارد النيل بشكل عادل لا يعد جريمة أو خطأ، بل حق طبيعي لدول المصب، زاعما أن إثيوبيا تستخدم موارد النهر بشكل محدود فقط ولم تأخذ شيئا لا يخصها.

وخلال مقابلة تلفزيونية أجراها مع إذاعة فانا الإثيوبية، ادّعى أن سد النهضة يخزن 74 مليار متر مكعب من مياه النهر ولكن يستمر النيل في التدفق إلى دول الجوار، لافتا إلى أنه لا يمكن علميا وعمليا إيقاف جريان المياه، لأن السد ليس مصمما لذلك.

ولفت رئيس الوزراء الإثيوبي، إلى أن ما تحقق في سد النهضة ليس إلا بداية، متابعا “لقد بدأنا بمشروع واحد، لكن يمكننا بناء المزيد من السدود في حوض النيل لتوليد كميات هائلة من الطاقة، ليس لصالح إثيوبيا وحدها، بل لصالح المنطقة بأسرها ولحماية البيئة”.

وأكد أن إثيوبيا ملتزمة التزاما كاملا بعدم الإضرار بدول المصب، وأن الهدف من السد هو توليد الكهرباء وإدارة المياه بما يخدم التنمية المشتركة، قائلا: “لن نحرم أحدا من حقوقه المائية”.

اقرأ أيضا:

إثيوبيا: بدأنا بمشروع واحد ويمكننا بناء مزيد من السدود على النيل

مصر والسودان يؤكدان رفضهما إقحام باقي دول حوض النيل في أزمة سد النهضة