لم تقتصر معاناة “حزب الله” على ما أصابه عسكرياً وقيادياً بعد الحرب الأخيرة مع إسرائيل، حيث فقد قيادات الصف الأول وأمينين عامين للحزب، وصولاً إلى حصرية السلاح، التي على الرغم من كل ما اعتراها في الجلسة الأخيرة، لا تراجع عنها من رئيسي الجمهورية والحكومة.

 

الأبرز أن الحزب بدأ يفقد كل حلفائه السنة وخصوصاً الذين كانوا يشكلون له غطاءً أو دعماً غير مسبوق من قيادات وأحزاب سنية، بدءاً من طرابلس من خلال النائب فيصل كرامي وصولاً إلى البقاع حيث النائب حسن مراد الذي يُعدّ من أبرز الداعمين للحزب، إلى العاصمة حيث ليس هناك أيّ دعم سنّي يصبّ في مصلحته، وما بينهما جنوباً النائب أسامة سعد، الذي لم يعد الحليف الأبرز له.

 

توازياً، القيادات السنية التي كانت حليفة لـ”حزب الله” منذ سنوات طويلة، تزور دار الإفتاء وتقف على خاطر المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان، وكذلك لوحظ في الآونة الأخيرة تكاثر هذه الزيارات وحفلات التكريم لمفتي الجمهورية وما بينهما من التفاف من القيادات المذكورة إلى جانب رئيس الحكومة نواف سلام والمملكة العربية السعودية، ودول مجلس التعاون الخليجي، من دون إغفال زيارات السفير السعودي وليد بخاري لسائر القوى السنية ونوابها في كل المناطق اللبنانية.

 

ماذا يقول أصحاب الشأن عن هذا المسألة التي أفقدت “حزب الله” النكهة السنية؟

 

في قراءة متأنية وموضوعية، لوحظ أن النائب حسن مراد يؤكد منذ فترة حصرية السلاح في يد الدولة ودعمه للجيش اللبناني ومؤسساته وكل القوى الأمنية الشرعية، فضلاً عن أنه على تواصل دائم مع السفير بخاري، وصولاً إلى تمسّكه باتفاق الطائف. والأمر عينه ينسحب على النائب فيصل كرامي الذي تربطه وفق المتابعين علاقة وصداقة قديمة بالموفد السعودي والمسؤول عن الملف اللبناني الأمير يزيد بن فرحان، وكذلك النائب إيهاب مطر الذي هو من الأساس إلى جانب الطائف والدولة ومؤسساتها واستقلاليته عن التقليد السياسي وتمسكه بخيار الدولة.

في بيروت، ليس هناك أي حالة سنية تُعتبر حليفة للحزب وتشكل له الدعم بعد تبدل موقف “جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية”، فيما “الجماعة الإسلامية” بعد مشاركتها في المساندة والمشاغلة أصيبت بأضرار جسيمة وتراجعت عن دعم “حزب الله”، وثمة نقاش داخل “الجماعة” حيال ما جرى لفك التحالف معه.

 

في السياق، يؤكد النائب نبيل بدر لـ”النهار”  أن “بيروت كانت تاريخياً إلى جانب الدولة ومؤسساتها والجيش اللبناني، ونحن مع العيش المشترك ومع كل مكونات العاصمة، ومن الطبيعي مع الطائفة الشيعية الكريمة، لكننا نتمسّك باتفاق الطائف وحصرية السلاح وبناء الدولة. هذا هو مشروعنا ودورنا التاريخي، كنا وسنستمر به”.

 

النائب أشرف ريفي يقول من جهته: “أكدنا منذ سنوات أن “حزب الله” سينتهي عاجلاً أو آجلاً، وها هو انتهى، كذلك إيران انتهت في المنطقة ولبنان وفقدت كل أذرعها وأوراقها التي كانت تناور بها وتتباهى باحتلال أربع عواصم عربية بما فيها بيروت، لذلك حلفاء الحزب من الطائفة السنية هم أصدقاء ونتواصل معهم، وبالتالي يقفون إلى جانب الدولة والجيش وحصرية السلاح، وهو ما يتجلى بوضوح من خلال مواقفهم. ويمكنني التأكيد أن ليس هناك من حليف سنّي للحزب، ونحن مع الطائفة الشيعية الكريمة الغنية بالكفاءات، وهذه مسألة محسومة، لكن السلاح انتهى، أما في لبنان فالطائفة السنية إلى جانب الدولة منذ صيغة 43 وصولاً إلى الطائف، حيث هو الغطاء للطائفة السنية ولكل فئات المجتمع اللبناني”.

 

ويبقى أن حفلات التكريم والزيارات المتتالية لدار الفتوى، تصبّ في خيار التزام نهج هذه الدار وثوابتها التاريخية والوقوف على مشورة المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان في دعم رئيس الحكومة واتفاق الطائف.