طريق الحرير الروحي: ترسيخ أهمية قِيَم التقارب بين الشعوب

تُقرِّب القِيَم الإنسانية بين الشعوب والأمم عندما ترسّخ الاحترام المتبادل والتفاهم وقبول الآخر، ونبذ الصراعات القائمة على أساس التمييز بسبب اللون أو الجنس أو العِرق أو المعتقد الديني، وبإمكانها الحد من الخلافات عبر رؤية تقاربية تعمّق الاتصال وتزيد الثقة بين المجتمعات، فالقِيَم الأخلاقية وسيلة للتفاعل الحضاري بين الأمم، وتُصدِّر الرؤية المشتركة للإنسانية في الساحة الدولية.

ويشكِّل مؤتمر «طريق الحرير الروحي: دور القِيَم الأخلاقية في التقارب بين الشعوب والقارات»، بمدينة ريو دي جانيرو في البرازيل، الذي نظّمته جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، بالشراكة مع الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية واتحاد الجمعيات الإسلامية في البرازيل، خطوةً مهمّة في تطوير البعد الإنساني لمجموعة «بريكس»، كمنصّة بارزة للدبلوماسية الشعبية، قادرة على صياغة توجهات جديدة للتنمية العالمية، وتطوير البعد القِيَمي والأخلاقي لمجموعة «بريكس»، خصوصاً أن هذا المؤتمر الدولي جمع القادة الدينيّين والمفكرين من دول المجموعة.

وقد شارك مركز «تريندز للبحوث والاستشارات» في أعمال الدورة السادسة لهذا المؤتمر، بوصفه شريكاً بحثياً للمؤتمر، ليتحاور مع نخبة من القيادات الدينية والفكرية لمناقشة دور القِيَم الروحية في تعزيز مسارات التنمية، وصون الهوية الحضارية والثقافية، ونشر قيم التسامح والاعتدال والتعايش بين الشعوب، وتجاوز الخلافات والالتقاء حول القيم الإنسانية الكبرى، مثل العدالة والمحبّة والرحمة والإحسان، وبناء جسور التعاون لخدمة الإنسانية جمعاء.

إن القِيَم الدينية والروحية ترسّخ التعايش والتعاون، والأديان جميعها تحضّ على هذه القِيَم، سواء بين أتباعها أو مع الطوائف والأديان والأعراق الأخرى، مع الحق في الاختلاف، وقد أسهم التنوع الإنساني في بناء الحضارات على مدار التاريخ، غير أن التطرّف يسمح بإعادة تفسير القِيَم والتعاليم الدينية السمحة وِفق رؤى وأيديولوجيات متطرفة لا تتعلّق بالمقاصد الحقيقة للأديان، ومن هنا، تحتاج الدول إلى الاعتدال والوسَطية في الدّين، واحترام الآخر، وسبيل ذلك الوسائل التربوية ومؤسّسات التنشئة الاجتماعية، لمواجهة الجماعات المتطرفة، التي تختطف الأديان لصالح أيديولوجيات ومصالح خاصة.

وتُقدِّم دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجاً مضيئاً في نشر ثقافة التسامح والسلام والأخوّة الإنسانية في العالم، وهذا ما أكدت عليه حوارات مؤتمر طريق الحرير، مع الإشارة بصورة خاصة إلى وثيقة الأخوّة الإنسانية، التي رعَت الدولة توقيعها في أبوظبي بين اثنين من قادة أكبر الأديان في العالم، البابا فرنسيس، وشيخ الأزهر الشريف، كما عملت على إقرارها واعتماد يوم توقيعها يوماً دولياً للأخوّة الإنسانية، وأكدنا بوضوح أهمية ترسيخ قِيَم هذه الوثيقة كأساس لحوار دولي أوسع نطاقاً بين الأديان، لترسيخ قِيَم، ونبذ خطابات التطرف والإرهاب.

ونتفانى في مركز «تريندز» في تصحيح المفاهيم الخاطئة والقراءات الدينية المتطرفة، ومكافحة العنف والإرهاب بأشكاله كافة، عبر الدراسات العلمية وإنتاجنا البحثي، والمبادرات الفكرية، مع التعاون مع مؤسّسات دولية، في تعزيز ثقافة التسامح والسلام والتنمية بالاستناد إلى المعرفة. وثمرةً لإنتاجنا البحثي الرصين، منَح مؤتمر «طريق الحرير الروحي السادس» «تريندز للبحوث والاستشارات»، ممثَّلاً بشخصِيَ المتواضع كرئيس تنفيذي للمركز، «شخصية عام 2025»، اعترافاً بدور«تريندز» في مدّ جسور التعاون والحوار في مختلف أصقاع الأرض، والتطوير والإبداع في المجالَين البحثي والعلمي على صعيد الشرق الأوسط، وبما يمتدّ إلى مختلف قارّات العالم.

وهذا التقدير الكبير لـ«تريندز» يشكّل لنا حافزاً لمواصلة مَسيرة العمل على ترسيخ قِيَم التسامح والتعايش، وتفكيك خطابات الكراهية والتطرف كأساسٍ لتحقيق السلام والازدهار العالميَّين.

*الرئيس التنفيذي- مركز تريندز للبحوث والاستشارات.