أعلنت وزارة الداخلية الفرنسية، الخميس، تسجيل 550 تجمعًا و253 عملية قطع طرق في مختلف أنحاء البلاد، بعد تحركات احتجاجية شهدتها البلاد، فيما أعلنت النقابة العمالية CGT أنّ عدد المشاركين بلغ 250 ألفًا.

كما أسفرت المواجهات عن 540 توقيفًا، بينها 211 في باريس وحدها، فيما وُضع 415 شخصًا قيد الحجز الاحتياطي.

وشهدت فرنسا سلسلة واسعة من التحركات الاحتجاجية، أمس الأربعاء، استجابة لحركة “لنغلق كل شيء”، فمن باريس إلى رين ونانت، مرورًا بمرسيليا وتولوز، تباينت أشكال التعبير بين المظاهرات التقليدية، وأعمال الشغب، والاشتباكات المباشرة مع قوات الأمن.

الحراك، الذي وُلد على شبكات التواصل الاجتماعي في الصيف بعيدًا عن الإطار النقابي والحزبي التقليدي، جمع أطيافًا مختلفة من الغاضبين؛ ما أضفى عليه طابعًا متشعبًا بحسب المناطق، كما عزز دعم حركة “فرنسا الأبية” منذ أواخر أغسطس التعبئة، خصوصًا في المدن الكبرى وبين الشباب.

وأكدت وزارة التعليم بدورها تعطّل نحو مئة ثانوية، وإغلاق 27 منها بشكل كامل.

أخبار ذات علاقة

فرنسا على شفا أزمة جديدة

من أزمة الثقة إلى غضب الشارع.. فرنسا أمام منعطف جديد (فيديو)

 أبرز التحركات في المدن الفرنسية

العاصمة باريس كانت قلب العاصفة، إذ سجّلت المشاهد الأشد توتراً، ففي محيط شاتليه-ليه هال، أغلقت السلطات مركز التسوق “فوروم ديه هال”، فيما اندلعت النيران داخل مطعم قريب، وتضررت واجهات مبانٍ. واستخدمت قوات الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق مئات المحتجين الذين حاولوا اقتحام محطة غار دو نور؛ ما أسفر عن عشرات الاعتقالات.

أما في رين، فخرج أكثر من 10 آلاف و400 متظاهر بحسب تقديرات رسمية. المدينة عاشت على وقع اشتباكات مبكرة بعدما أُضرمت النار في حافلة تابعة لشبكة النقل المحلية Star، وأُغلق الطريق الدائري الجنوبي بإطارات مشتعلة. وتدخّلت قوات الأمن لتفريق المحتجين الذين واجهوها بالحجارة والزجاجات الحارقة.

كما تعرّض مدخل مستشفى CHU في نانت للحصار بعدما أشعل محتجون حاويات قمامة أمام البوابة الرئيسية؛ ما اضطر السلطات إلى إخلاء المكان وتأمينه لرجال الإطفاء. لاحقاً، تجمّع نحو ألفي شخص في وسط المدينة، حيث استخدمت الشرطة خراطيم المياه لتفريقهم بعد مواجهات عنيفة.

تولوز وأوش

الجنوب الغربي لم يسلم كذلك من التوترات. ففي تولوز، اندلعت أعمال تخريب استهدفت محطات الحافلات وبعض الممتلكات العامة، بينما تسبب حريق اندلع قرب خطوط السكك الحديدية بين تولوز وأوش في تعطيل حركة القطارات.

أما في مرسيليا، حاول نحو 700 متظاهر اقتحام محطة القطار المركزية “سان شارل”، لكن قوات مكافحة الشغب صدّت المحاولة وأغلقت المداخل، لتفشل المحاولة دون تسجيل إصابات كبيرة. وفي ليون، أصيب عدد من رجال الشرطة بعدما رُشقوا بالحجارة من قبل متظاهرين، فيما سجّلت السلطات نحو 15 حالة توقيف. أما بوردو، فشهدت تكسير واجهات بعض المتاجر؛ ما دفع البلدية لإصدار بيان يدين العنف ويدعو إلى الهدوء.

رد فعل الدولة

دفعت وزارة الداخلية بأكثر من 80 ألف شرطي ودركي، مدعومين بـ 26 مروحية و25 آلية مدرعة، في أكبر انتشار أمني منذ احتجاجات “السترات الصفراء” العام 2018. ورغم العنف المحدود نسبيًا مقارنة بالسيناريوهات الأسوأ، اعتبرت السلطات أن الحركة “مصادرة من جماعات متطرفة” هدفها “إشاعة الفوضى وشل مؤسسات الدولة”.

وتزامنت الاحتجاجات مع تعيين رئيس وزراء فرنسي جديد هو سيباستيان ليكورنو، خلفاً لفرنسوا بايرو الذي فشل في نيل ثقة الجمعية الوطنية الاثنين، حيث تعهد رئيس الحكومة الجديد بإيجاد طرق مبتكرة للتعاون مع معارضي الحكومة من أجل تمرير ميزانية تهدف إلى خفض الديون، كما وعد بتوجهات جديدة.

أخبار ذات علاقة

سيباستيان ليكورنو

فرنسا.. 5 تحديات كبرى أمام رئيس الوزراء الجديد سيباستيان ليكورنو

لكن، بحسب ما ذكرت صحيفة “لوفيغارو”، فإن الاحتجاجات لم تتحول بعد إلى انتفاضة شاملة، لكنها وضعت الحكومة الفرنسية في موقف حرج، خاصة بعد استقالة بايرو.

ورغم أن المؤشرات الأولية توحي بأن الملف ما زال مفتوحًا، وأن فرنسا قد تكون مقبلة على جولات إضافية من الشد والجذب بين السلطة والشارع، في ظل أزمة سياسية غير مسبوقة منذ سنوات، يبقى السؤال المطروح الآن: هل ستستطيع المعارضة الحفاظ على زخم الشارع حتى موعد الإضراب النقابي المقرر في 18 سبتمبر، أم أن الحراك سيتراجع تدريجيًا تحت ضغط القبضة الأمنية؟

أخبار ذات علاقة

من احتجاجات "لنمنع كل شيء" في باريس

شلّت فرنسا وعطلت الحياة.. ما هي حركة “لنغلق كل شيء”؟