د. سارة ضاهر – رئيسة مجمع اللغة العربية في لبنان 

 

ليلة مختلفة عاشها الحضور مع الشاعرة والأديبة صبحة بنت محمد بن جابر الخييلي، في أمسية احتضنها منتدى “إشراقة فكر” احتفاءً بالمرأة الإماراتية. لم يكن اللقاء مجرد فعالية أدبية عابرة، بل كان مساحة استثنائية أضاءت الذاكرة وأعادت رسم ملامح التراث الإماراتي الأصيل في أجواء مفعمة بالثقافة والوجدان.

 

منذ البداية، حملت كلمات صبحة الخييلي نَفَس الصحراء وعبق السويحان وصهيل الخيل عند قصر الحصن. استحضرت روح المكان والزمان وقدمت للحضور مشهداً ثرياً ينقل تفاصيل الحياة الإماراتية القديمة، بكل ما فيها من عادات وتقاليد وموروث شعبي لا يزال نابضاً بالحياة في وجدان المجتمع.

 

الأمسية لم تقتصر على الشعر فحسب، بل كانت حواراً مفتوحاً عن القيم والهوية. تحدثت الأديبة عن أبرز محطاتها الأدبية، من “وين الطروش” إلى “عقد اللؤلؤ” و”خراريف”، وصولاً إلى إشاراتها المتكررة لشخصيات وطنية بارزة مثل الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، رجل التسامح والداعم للثقافة. هذه الأعمال جسدت جانباً من الهوية الوطنية وروح الانتماء، لتؤكد أن الأدب الإماراتي قادر على أن يكون ذاكرة ومرآة في آن واحد.

 

وفي سياق حديثها، أبرزت صبحة الخييلي رؤيتها حول دور الأدب في ترسيخ القيم وتوثيق الذاكرة الشعبية، مؤكدة أن النصوص الأدبية ليست مجرد كلمات، بل هي وثائق حية تحفظ تفاصيل الزمن وتعيد بثها في الوعي الجمعي. من هنا، بدا واضحاً أن أدبها يجمع بين التوثيق الجمالي والبعد الإنساني، ليقدم صورة متكاملة عن الإمارات بين الماضي والحاضر.

 

الأمسية تميزت أيضاً بأجواء حميمية تشبه المجالس التراثية، حيث تداخل الشعر مع الحكاية، واندمجت الذكريات مع اللحظة الراهنة. الحضور لم يكن مجرد جمهور يستمع، بل كان شريكاً في استدعاء المشاعر والذكريات، وهو ما أضفى على اللقاء طابعاً خاصاً جعل الجميع يعيش تجربة وجدانية لن تُنسى.

 

كما شدد منظمو المنتدى على أن هذا اللقاء يأتي ضمن توجهات المنتدى لإبراز دور المرأة الإماراتية في صناعة الفكر والأدب. وصبحة الخييلي، بما تحمله من تجربة ثرية، تمثل نموذجاً للأديبة التي تجمع بين الأصالة والابتكار، وتفتح نافذة مشرعة على مستقبل الأدب الإماراتي.

 

وإضافة إلى ذلك، سلطت الأديبة الضوء على أهمية نشر الثقافة بين الأجيال الشابة، مؤكدة أن القراءة ليست مجرد هواية بل هي جسر يربط الحاضر بالماضي ويضمن استمرار الهوية الوطنية. وقدّم الحضور أسئلة متعمقة حول دور الأدب في معالجة التحديات المجتمعية، لتجيب صبحة بأسلوب يمزج بين الحكمة والتجربة، ما أتاح للحاضرين فرصة للتفاعل المباشر مع النص الأدبي وفهم أبعاده الإنسانية والاجتماعية.

 

وفي ختام الأمسية، خرج الحضور وهم يحملون شعوراً بالانتماء والفخر، لا لكونهم شهوداً على مساء أدبي فحسب، بل لأنهم شاركوا في رحلة استكشاف الهوية الإماراتية من خلال لغة الشعر والسرد والثقافة الشعبية، مؤكدين أن مثل هذه الأمسيات تلهم القلوب وتغذي العقول، وتشجع على الاستثمار في الإبداع الأدبي كرافد أساسي من روافد الهوية الوطنية والثقافية

|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)

اضغط هنا