القاهرة – «القدس العربي»: شهدت الأوساط الفنية والقانونية في مصر جدلاً واسعًا بعد أن تقدّم المحامي معتز السويفي ببلاغ رسمي إلى النائب العام ضد الراقصة الاستعراضية دينا، على خلفية إعلانها افتتاح أكاديمية متخصصة لتعليم الرقص الشرقي. في البلاغ الذي حمل طابعًا شديد اللهجة، اعتبر أن خطوة دينا تمثل – وفق تعبيره – «تشجيعًا على نشر الفسق والفجور» وإساءة مباشرة للقيم والعادات المجتمعية الراسخة.
وأوضح أن وصف الأكاديمية بأنها «مدرسة» هو إهانة لمفهوم التعليم، الذي يفترض أن يكون أداة لنشر العلم والمعرفة، لا وسيلة – على حد وصفه – «لتسويق التعري والتحريض على الفجور».
وأشار إلى أن اسم دينا ارتبط سابقًا بمقاطع مصورة وتصريحات أثارت جدلاً في الرأي العام، معتبراً أن الترويج لمقاطع رقص بملابس وصفها بـ«الفاضحة» يشكل تحريضًا صريحًا على الفسق، ويسيء إلى ما يُعرف بالفن الشرقي الأصيل الذي حمل تاريخيًا مكانة ثقافية وفنية معتبرة في مصر والمنطقة.
استند البلاغ إلى عدد من المواد القانونية الواردة في قانون العقوبات المصري، أبرزها المادة (269 مكررًا) التي تجرّم التحريض على الفسق في الأماكن العامة، والمادة (306 مكررًا أ) الخاصة بخدش الحياء العام. وطالب المحامي بفتح تحقيق عاجل مع دينا، واستدعائها للاستماع إلى أقوالها، مع إصدار قرار فوري بإغلاق الأكاديمية وإحالتها إلى المحاكمة الجنائية إذا ثبتت الاتهامات. تُعد دينا واحدة من أبرز فنانات الرقص الشرقي في مصر منذ التسعينيات، وقد ارتبط اسمها بالعديد من الجدل الإعلامي على مدار مسيرتها. وتصف دينا الرقص الشرقي في تصريحات سابقة بأنه «فن له تاريخ وجذور عريقة»، مشيرة إلى أنها تسعى من خلال الأكاديمية إلى «تقديم تعليم منظم ومعتمد للرقص الشرقي بوصفه فنًا استعراضيًا».
إلا أن هذه الخطوة أثارت انقسامًا واضحًا في الرأي العام؛ فبينما يرى مؤيدوها أن الرقص الشرقي جزء من التراث الفني المصري ويستحق أن يُدرَّس بشكل أكاديمي ومنضبط، يرى معارضوها – ومن بينهم مقدم البلاغ – أن الأمر يفتح الباب أمام استغلال غير أخلاقي ويشكل تهديدًا للقيم الاجتماعية.
القضية أعادت إلى الساحة النقاش الأوسع حول موقع الرقص الشرقي بين كونه تراثًا فنيًا وثقافيًا له حضور عالمي، وبين النظر إليه كفن مثير للجدل يقترب من الابتذال إذا خرج عن حدود الانضباط. وقد شهدت مصر عبر تاريخها نماذج متباينة؛ فمن جهة ارتبطت أسماء مثل تحية كاريوكا وسامية جمال ونجوى فؤاد بفن راقٍ يحمل بصمة مميزة، ومن جهة أخرى تعرّضت فنانات أخريات لانتقادات واتهامات بتجاوز الخطوط الحمراء.
وحتى الآن لم تُعلن النيابة العامة موقفها من البلاغ، لكن خبراء قانونيين يؤكدون أن التحقيق في مثل هذه القضايا يخضع لتقدير جهات التحقيق، استنادًا إلى تقييم ما إذا كان النشاط المعلن يندرج بالفعل تحت نصوص تجريم «التحريض على الفسق» أو إذا كان يمكن اعتباره نشاطًا فنيًا مشروعًا.
ويرى البعض أن القضية قد تتحول إلى اختبار جديد للعلاقة الشائكة بين حرية الإبداع من جهة، وحدود القوانين المنظمة للأخلاق العامة من جهة أخرى، وهي علاقة طالما أثارت سجالات ممتدة في الساحة الثقافية والفنية المصرية.