تثير خطة ترامب للسلام في غزة آمالا واسعة وشكوكا أوسع.
تحظى بدعم غلبت عليه التحفظات سواء في إسرائيل، أم في العواصم العربية والإسلامية التي من المفترض أنها شاركت في إعداد الخطة.
بين بنودها العشرين إشارة إلى دولة فلسطينية محتملة، وانسحاب إسرائيلي تدريجي من غزة، ونزع سلاح الفصائل، لكن السؤال هو: هل يمكن تنفيذ هذه الخطوات فعلا أم أن الخطة برمتها ستنتهي مثل خطط سابقة: إلى الفشل؟
لتقصي مكامن القوة والعقبات التي قد تواجه خطة ترامب، أجرى الزميل، جو الخولي، هذا الحوار مع روبرت ساتلوف، المدير التنفيذي لمعهد واشنطن وخبير السياسة الأميركية في الشرق الأوسط.
خطة ترامب تضمنت 20 نقطة. ما المختلف أو الجديد فيها؟ ولماذا قد يعلّق الفلسطينيون أو الإسرائيليون أي أمل عليها؟
روبرت ساتلوف: أولًا، هذه لحظة مهمة للغاية، نحن على أعتاب الذكرى الثانية لهجمات 7 أكتوبر وبداية الحرب. الجميع يأمل أن تمهد الخطة طريقًا لإنهاء الحرب. ما يميزها ليس مضمونها فقط، بل كونها الوثيقة الأولى منذ عامين التي تحظى بتأييد قوي من الإسرائيليين، البيت الأبيض، ومجموعة أوسع من القادة العرب والمسلمين. الطرف الوحيد الذي لم يحسم موقفه هو حماس، وبدونها يصعب جدًا المضي قدمًا.
الخطة تتضمن بندًا يشير إلى دولة فلسطينية. كيف كان رد القوميين المتطرفين في إسرائيل، خصوصًا وأنهم جزء من الائتلاف الحاكم؟
ساتلوف: مباشرة بعد المؤتمر الصحفي، أعلن نتنياهو للجمهور العبري أن هذا “مستحيل”. وأكد أنه لا ينوي سحب القوات من غزة. لكن النقطة في الخطة ليست إعلان دولة فلسطينية جاهزة، بل فتح مسار نقاش حولها. هي تلبي الحاجة السياسية للسعودية والإمارات مثلًا، بأن يكون لما يحدث في غزة صلة برؤيتهم الطويلة المدى، بما فيها فكرة الدولة الفلسطينية. لكنها لا تفرض نتيجة نهائية.
هل الخطة تنص على انسحاب كامل من غزة؟
ساتلوف: هناك التزام بانسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من غزة. لكن في الوقت نفسه، تنص الخطة على احتفاظ إسرائيل بشريط أمني ضيق على حدود غزة، ربما نصف كيلومتر أو كيلومتر، كمنطقة عازلة تمنع تكرار هجمات 7 أكتوبر.
ما الذي لم يُقل بصوت عالٍ عن هذه الخطة؟
ساتلوف: هناك موضوعان أساسيان: الأول نزع السلاح. إذا نُفّذ بالشكل المطلوب، فهو عملية تدخلية وصعبة جدًا، تشمل مصادرة وتدمير الأسلحة والأنفاق. حماس رفضت ذلك في كل الخطط السابقة. الثاني يتعلق بدور السلطة الفلسطينية. نتنياهو وضع قائمة طويلة من الإصلاحات التي يجب أن تقوم بها السلطة قبل أن تصبح طرفًا شرعيًا في غزة، من بينها الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية. ما زال الطريق طويلًا أمام هذا الشرط.
من سيموّل الخطة وينفّذها على الأرض؟
ساتلوف: التمويل ليس المشكلة الكبرى. هناك دول غنية مستعدة لدفع المال بدلًا من نشر قواتها. التحدي الحقيقي هو قواعد الاشتباك: كيف سيتصرفون إذا رفضت حماس نزع سلاحها بالقوة؟ هذه مسألة أصعب بكثير من مجرد تمويل إعادة إعمار أو توفير مساعدات.
لماذا طُرح اسم توني بلير رغم ماضيه المثير للجدل في المنطقة؟
ساتلوف: السؤال ليس إن كان تصالحيًا أو لا، بل هل سيكون فعالًا. إذا رأى ترامب والحكومات العربية أنه قادر على إدارة العملية بفعالية، فسوف يلعب دورًا مهمًا. لن يكون الوحيد، سيكون هناك هيكل أكبر من شخصيات محترمة، لكن يبدو أن بلير سيكون حاضرًا. هل يشكل ذلك عبئًا بسبب ماضيه؟ ربما للبعض، لكن أعتقد أن العقبات الأهم في الخطة تتعلق بالتنفيذ ونزع السلاح، لا بشخص بلير.
ماذا عن شرعية أي حكومة فلسطينية تكنوقراطية تُفرض في غزة؟
ساتلوف: الشرعية تُبنى من النجاح. إذا أدت الخطة إلى إنهاء الحرب، تدفق المساعدات، إعادة الإعمار، وانسحاب القوات من المناطق السكنية، عندها لن تكون الأسماء هي العامل الحاسم. النجاح هو ما سيمنح الشرعية، لا الشعارات.
البعض يشكك أن هذه الخطة ستواجه مصير أوسلو: تبدأ كبيرة وتنتهي على طريق مليء بالعقبات. لماذا قد تكون مختلفة هذه المرة؟
ساتلوف: صحيح، هناك معارضون على كل خطوة، سواء في إسرائيل أو بين الفلسطينيين. لكن ما يميز هذه الخطة هو أن ترامب تبناها كجزء من برنامجه. لدينا سوابق لخطط أطلقها ترامب ولم تنجح مثل “صفقة القرن” عام 2020. الفرق الآن أن الأرواح على المحك بشكل مباشر، وهناك حاجة ملحة لإنهاء الحرب. هذا ما قد يعطيها عمرًا أطول وفرصة أوضح.