كشف معالي عمر سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد، عن سياسة وطنية رائدة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في انتخابات المجلس الوطني، تحت مسمى «سياسة اللجنة الوطنية للانتخابات باستخدام الذكاء الاصطناعي»، والتي تم تطويرها بالتعاون مع المجلس الوطني الاتحادي ووزارة الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي، موضحاً أن هذه السياسة تُعد الأولى من نوعها عالمياً، وتلزم كل مرشح بتسجيل استخدامه لتقنيات الذكاء الاصطناعي في حملته الانتخابية، لضمان الشفافية ومنع الاستخدام السلبي لهذه التقنيات في التأثير على الناخبين.

وقال معاليه: إن السياسة الجديدة تلزم أي شخص في حال قام باستخدام الذكاء الاصطناعي في حملة الانتخابية أن يسجل هذا الاستخدام وأن يقوم بأخطار المعنيين والمشرعين في هذا المجال، على أن يلتزم بعرض التجربة بشكل شفاف لكل الموجودين في تشريع وتنظيم الانتخابات في دولة الإمارات.

وتابع معالي عمر سلطان العلماء: في هذه الحالة بعض استخدامات الذكاء الاصطناعي تكون للأمور الإيجابية، فعلى سبيل المثال قد يرغب المرشح في إيصال رسالته إلى أكبر عدد من أفراد المجتمع، إما في حالات أخرى وبناء على بعض التجارب، قد يكون استخدامات الذكاء الاصطناعي لزيادة التنافس مع الخصم، إذ يقوم هنا الشخص باستخدام أداة الذكاء الاصطناعي لنشر محتواه ولتخفيض انتشار محتوى الخصم في الانتخابات»، مشدداً بأن كل هذه الاستخدامات لا بد أن يتم تسجيلها في دولة الإمارات ورؤيتها ومراجعتها بشكل فعال في دولة الإمارات.

استباقية

وأكد معالي عمر سلطان العلماء، أن دولة الإمارات تتبنى نهجاً استباقياً وتشريعياً متقدماً في تنظيم وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، بما يضمن توظيفها في خدمة الإنسان ورفع جودة الحياة في المجتمع وزيادة الإنتاجية، دون الإخلال بالقيم والمبادئ التي ترتكز عليها الدولة.

وتطرق معاليه إلى عدد من الإجراءات التي تبلور رؤية دولة الإمارات في مجال الذكاء الاصطناعي، والتي تضمنت اطلق «الميثاق الوطني لتطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي»، حيث يشكل الإطار المرجعي الذي يحدد التوجهات الوطنية في كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، سواء في القطاعين الحكومي أو الخاص، بما يحقق التوازن بين الابتكار والتنظيم، ويعزز الإنتاجية وجودة الحياة في آنٍ واحد.

واستعرض معاليه تجارب عدد من الدول في وضع الأطر القانونية للذكاء الاصطناعي، موضحاً أن الاتحاد الأوروبي تبنى نهجاً تشريعياً شاملاً يهدف إلى معالجة جميع التحديات، لكنه أثر على سرعة الابتكار، بينما تتبنى الولايات المتحدة الأمريكية نهجاً مرناً يعتمد على الأدلة الإرشادية غير الإلزامية، وهو ما أسهم في نمو الشركات التقنية العملاقة.

أما دولة الإمارات، فأوضح معاليه أنها اختارت نهجاً متوازناً يقوم على التشريع الاستباقي مع دعم التطوير المستمر، مشيراً إلى أن الدولة كانت من أوائل دول العالم التي منحت الذكاء الاصطناعي صفة «المستشار» في مجلس الوزراء، بحيث يقدم تحليلات لحظية وبيانات دقيقة لدعم متخذي القرار في القضايا الاقتصادية والاجتماعية الحيوية.

وأكد معالي عمر سلطان العلماء أن رؤية الإمارات تنطلق من إيمانها بأهمية التعاون العالمي لبناء منظومة تشريعية مرنة قادرة على التعامل مع الفرص والتحديات التي تفرضها الثورة الرقمية، مضيفاً أن الدولة تعمل على تطوير تشريعات تضمن الاستخدام الآمن والمسؤول للتقنيات، وتؤهل الكفاءات الوطنية للاستفادة من الفرص التي يخلقها الذكاء الاصطناعي، مع حماية الفئات الأكثر تأثراً بالتحولات التقنية.

إطلاق

وأشار معالي عمر سلطان العلماء إلى أن الإمارات أطلقت أول «منظومة تشريعية ذكية متكاملة لتطوير التشريعات والقوانين باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي».

وتابع: إن الذكاء الاصطناعي في المجال التشريعي يتم استخدامه في الأمور التقنية، لفهم كيفية صياغة التشريعات، وفهم أهم الأرقام والتأثيرات الاقتصادية، مبيناً بأن الهدف منها ليس استبدال المشرّع البشري بالأنظمة الذكية، وإنما تمكين صناع القرار من فهم الأثر الاقتصادي والاجتماعي للتشريعات الجديدة بدقة وفاعلية.

وكشف معاليه أن دولة الإمارات تبنت سياسات متقدمة على المستوى الدولي لتحديد موقفها من استخدام الذكاء الاصطناعي في المجالات المختلفة، بما في ذلك رؤيتها ومجالات استخدامها للذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أن وزارة الخارجية عرضت تجربة الدولة في المحافل الدولية لتأكيد رؤيتها المتوازنة التي تركز على الاستخدام المسؤول والآمن لهذه التقنيات.

اقتصاد

وفي الجانب الاقتصادي، أشار معاليه إلى أن الإمارات تعمل على تطوير تشريعات متقدمة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في القطاع المالي، حيث قامت بسن تشريعات استباقية في المجال المالي، والذي يشهد وجود تشريعات مكثفة في المناطق الحرة المالية في أبوظبي ودبي، مشدداً على أهمية وجود إطار تشريعي مرن ومتكامل ينظم تطبيق هذه التقنيات في الخدمات المالية.

وأردف: وضعت دولة الإمارات بتوجيهات قيادتنا الرشيدة مختبرات للتشريعات تمكن الشركات من تطبيق التشريع، بشكل مؤقت في منطقة محصورة، ومن ثم رؤية تأثيرها على المجتمع وعلى الاقتصاد وعلى الحكومة وغيرها، على أن يتم بعد ذلك الانتقال إلى مرحلة ثانية تتمثل في توسيع النطاق على مستوى الدولة.

الإعلام

وقال معالي عمر سلطان العلماء: «كما يوجد عدد من الأدلة والضوابط التي يتم وضعها لاستخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الإعلامي، فعندما نرى اليوم محتوى على منصات التواصل الاجتماعي أو على المنصات الإعلامية، كيف نعرف أن هذا المحتوى هو محتوى حقيقي؟ أو أنه محتوى تم توليده عن طريق استخدام الذكاء الاصطناعي، فكل هذه التشريعات والقوانين تم وضعها لاستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل فعال، ولكن دون الحد من الابتكار والاختراع، واستخداماته التنمية الإيجابية للذكاء الاصطناعي».

وأشار إلى أن غياب التشريعات قد يؤدي إلى مخاطر وتحديات كبيرة، مثل التزييف العميق، ونشر المعلومات المضللة، وانتهاك الخصوصية، موضحاً بأن الإحصائيات الدولية تشير إلى أن 81 % من الصحفيين يستخدمون الذكاء الاصطناعي في أعمالهم اليومية، في حين أن أقل من 13 % من المؤسسات الإعلامية تمتلك سياسات واضحة لاستخدام هذه التقنيات.

وأكد أن نهج دولة الإمارات العربية المتحدة، تجاه التكنولوجيا يقوم على التوازن بين الابتكار والمسؤولية، مضيفاً بأن «كل تقنية سلاح ذو حدين، لها استخدام إيجابي وأيضاً تأثيرات سلبية، والإمارات تنظر إلى الذكاء الاصطناعي كفرصة كبرى للتقدم، مع ضرورة أن تكون تشريعاتنا أكثر سرعة وأكثر مرونة واستباقية، بما يمكنها من مواكبة المتغيرات العالمية، وأيضاً طموح قيادتنا وشعبنا».

تحديات

وأكد معالي عمر سلطان العلماء، أن الذكاء الاصطناعي بات قادراً على تحليل البيانات الشخصية بدقة تفوق أحياناً معرفة الإنسان بأقرب الناس إليه، مما يجعل حماية الخصوصية من أبرز أولويات التشريع.

وأوضح أن المرحلة الحالية تمثل نقطة تحوّل محورية في مسار تطور الذكاء الاصطناعي، حيث تتسارع وتيرة تبنّي التقنيات الذكية على مستوى الأفراد والمؤسسات حول العالم، مما يجعل تشريعات الذكاء الاصطناعي ضرورة ملحّة لضمان الاستخدام الآمن والمسؤول لهذه التكنولوجيا.

وأفاد معاليه بأن التحدي الأكبر اليوم يتمثل في تحقيق التوازن بين الاستخدام الفعّال للذكاء الاصطناعي وبين وضع الأطر القانونية التي تمنع إساءة استغلاله، مشيراً إلى أن البيانات العالمية تظهر أن نحو 88 % من العاملين حول العالم يستخدمون الذكاء الاصطناعي بشكل مباشر أو غير مباشر، في حين يتوقع المنتدى الاقتصادي العالمي خلق أكثر من 69 مليون وظيفة جديدة بفضل هذه الثورة التقنية، مع عائد اقتصادي عالمي متوقع أن يتجاوز407 مليارات دولار بحلول عام 2027.

وأضاف معاليه أن النقاشات الدولية لا تزال قائمة حول الجهة المسؤولة عن تشريع الذكاء الاصطناعي، سواء كانت الحكومات أو البرلمانات أو القطاع الخاص، مؤكداً أن دولة الإمارات تتبنى نهجاً تشاركياً شاملاً يرى أن الحوكمة مسؤولية جماعية تشمل الحكومة والمجتمع والأفراد والقطاع الخاص، بهدف استمرار الابتكار وفتح الأسواق مع الحد من المخاطر السلبية.