كانت أول وظيفة لـ توم غروغان تجلب له 30 جنيهاً إسترلينياً (ما يعادل 40 دولاراً) فقط في اليوم، حيث كان يعمل في نقل الطوب وسحب الأسمنت في موقع بناء بمدينة برمنغهام.

أما آخر راتب أو “يوم دفع” حصل عليه؟

فكان صفقة استحواذ بقيمة 400 مليون جنيه إسترليني (أي ما يعادل 532 مليون دولار أمريكي) مقابل بيع الذراع البريطانية لسلسلة مطاعم الدجاج المقلي الأمريكية وينغستوب، وهي السلسلة التي تحظى بمتابعة نجوم عالميين مثل كايلي جينر، والتي شارك في تأسيسها مع شريكيه هيرمان ساهوتا و شاول لوين.

هذه القصة المذهلة في عالم الأعمال بدأت بلقاء مصادفة يعود إلى أيام غروغان الأولى، حين كان يبلغ من العمر 18 عاماً ولم يكن متأكداً من مسار حياته، وعلى غرار العديد من أبناء جيل الألفية والجيل زد اليوم، قرر الشاب التخلي عن فكرة الذهاب إلى الجامعة، واتجه بدلاً من ذلك إلى قطاع الحرف والتجارة فور بلوغه السادسة عشرة.

بعد عامين من العمل كعامل بناء في الموقع، التقى غروغان بأحد مطوري العقارات. هذا المطور، مثله، لم يدرس في الجامعة وشق طريقه بنفسه من القاع إلى القمة، فقرر أن يصبح مرشداً للشاب.

وقال غروغان فى فى احد برامج الحوارات التلفزيونيه البريطانية أنه من النادر ان تقابل في الحياة أشخاصاً معينين يغيرون اتجاهها، مضيفاً أن هذا الإرشاد قاده إلى تدريب في شركة الأسهم الخاصة التابعة لنجم برنامج “عرين التنانين” (المعادل البريطاني لـ “شارك تانك”)، جيمس كان، في وسط لندن.

وأردف قائلاً: “بدأت أفهم كيف تُجمع الصفقات، وكنت محاطاً بعدد من رواد الأعمال، وهذا ما عزز رغبتي بسرعة في أن أفعل شيئاً أكبر في حياتي”.

وأوضح: “لقد دفعني ذلك سريعاً إلى ترك عالم الوظائف وبدء عملي الخاص في مجال التطوير السكني وتطوير العقارات، وخلال تلك الرحلة، كان عليّ أن ألتقي بالكثير من الناس وأقدم عروضاً للحصول على التمويل. لذلك، أصبحت أفهم عملية جمع الأموال، وبعد عملي في عالم الأسهم الخاصة، أصبحت أدرك كيفية وضع خطط العمل والعروض التقديمية”.

مسيرته المهنية في العقارات كانت الأساس لكل ما تلاها، بما في ذلك لقاء ساهوتا و لوين، الرجلين اللذين ساعداه في إطلاق “وينغستوب “المملكة المتحدة. التقوا أثناء العمل في التطوير العقاري، لكنهم قرروا المغامرة في قطاع الوجبات السريعة قبل سبع سنوات. شاهد الثلاثي الإقبال الكبير والشهرة الطاغية للعلامة التجارية في الولايات المتحدة وأرادوا جلبها إلى لندن. كانت المشكلة: لا أحد يؤمن بفكرتهم.

اكتشف غروغان سلسلة “وينغستوب” لأول مرة من خلال ذكرها في إحدى أغاني ريك روس، مغني الراب المرشح لجائزة غرامي، والذي كان يملك حقوق امتياز للعلامة التجارية في الولايات المتحدة ويروج لها بقوة عبر موسيقاه، رغبة منه في الانضمام للعلامة، جرب غروغان حظه وأرسل بريداً إلكترونياً غير متوقع إلى الشركة الأم في ولاية تكساس.

يقول غروغان: “هكذا اكتشفنا “وينغستوب” بحثنا عنها على غوغل، وفي سبتمبر 2016، أرسلت بريداً إلكترونياً إلى المقر الرئيسي لوينغستوب: ‘مرحباً، ليس لديكم أي تواجد في أوروبا، نود إطلاق العلامة التجارية في المملكة المتحدة’.

بصراحة، كانت فكرتي أنني سأتدبر الأمر لاحقا، كانت مجرد مغامرة. لم يكن علينا القلق بشأن المنتج أو حتى الطعام في البداية. لقد تعلمنا لاحقاً مدى صعوبة العمليات في قطاع المطاعم، لكن كوننا ساذجين سمح لنا بالانطلاق مباشرة في التحدي دون أي مفاهيم مسبقة. كانت تلك هدية”.

لكن الحصول على الموافقة لم يكن سوى العقبة الأولى؛ فقد تلا ذلك شهور وسنوات من الرفض المتواصل من حوالي 50 مستثمراً.

يتابع غروغان: “ثلاثة شباب ليس لديهم خبرة في الضيافة، يحاولون الترويج لعلامة تجارية لم يسمع بها أحد في أوروبا في ذلك الوقتهذه كانت علامة حمراء ضخمة، لقد واجهنا الكثير من الانتكاسات و تلقينا الكثير من الرفض وتوقفنا وبدأنا كثيراً، ولكن بصعوبة بالغة، تمكنا من إنجاح الأمر”.

في النهاية، استغرق الأمر ما يقرب من عام للحصول على تلك الموافقة، قال غروغان إن كل رفض كان بمثابة درس: “لو كنا توقفنا قبلها بأسبوع واحد، لما كنا هنا الآن، في النهاية، بحلول العرض التقديمي الـــ50، كانت العديد من المخاوف التي أثارها المستثمرون الأوائل قد تم حلها أو كان لدينا إجابة جاهزة لها”.

في ذلك الوقت، كانوا قد نجحوا في تأمين ما هو الآن موقع مطعمهم الرئيسي في ويست إند بلندن. يضيف غروغان: “جعل هذا الأمر أكثر واقعية بالنسبة لأولئك المستثمرين الذين جاءوا للتحدث معنا لاحقاً، نقول فيما بيننا إن النجوم قد تضافرت في هذه الرحلة، وكان هذا على الأرجح أول النجوم التي تضافرت لصالحنا”.

لقد تضافرت النجوم بالفعل لغروغان وفريقه. لقد بنوا علامة وينغستوب المملكة المتحدة من الصفر؛ متبعين استراتيجية الفروع الأمريكية في استهداف جيل الألفية والجيل زد، باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والشخصيات المشهورة في ذلك الوقت. واليوم، هناك 57 فرعاً “لوينغستوب “في المملكة المتحدة.

بعد ما يقرب من 9سنوات من إرسال ذلك البريد الإلكتروني البارد الأول، باع الثلاثي حصة أغلبية في شركة ليمون بيبر هولدينغز (الشركة الأم لـ وينغستوب المملكة المتحدة) لشركة الأسهم الخاصة سيكسث ستريت في كاليفورنيا قبل بداية العام الجديد.

ولدى الشركة بالفعل خطط للتوسع لتصل إلى 200 فرع في المملكة المتحدة في السنوات 5 المقبلة، وقد شكلت هذه الصفقة واحدة من أكبر عمليات الاستحواذ على علامة تجارية للمطاعم في بريطانيا.

وبذلك، حقق غروغان، الشاب البريطاني البالغ من العمر 35 عاماً والذي لا يمتلك أي خبرة سابقة في المطاعم، حصته من عائدات الصفقة البالغة 400 مليون جنيه إسترليني (532 مليون دولار أمريكي).

وفي معرض تأمله لصعوده الصاروخي من مواقع البناء، يوجه غروغان نصيحته للجيل القادم من رواد الأعمال الطموحين، مؤكداً أن الخبرة العملية في العالم الواقعي، وليس المحاضرات الجامعية، هي التي تشكل النجاح.

يقول: “ما لم ترغب في أن تصبح طبيباً أو محامياً، فإن الجامعة هي مضيعة للوقت. التجارب التي يمكنك خوضها في عالم الأعمال، أو مع مرشد، أو من خلال اكتساب ذكاء الشارع، هي أكثر قيمة بكثير من أي كتاب دراسي”.