كشفت صحيفة “آيدينليك” التركية منذ أيام، عن لقاء قد جمع مؤخراً، بين العميد السوري المنشق عن نظام الرئيس بشار الأسد مناف طلاس ووزير الخارجية التركي هاكان فيدان، وهو ما وصف تطور لافت قد يعيد رسم ملامح الحل السياسي في سوريا. خاصةً مع تزايد المؤشرات والأحاديث الإعلامية والمعلومات المتداولة، عن عدم رضا غربي وعربي على أداء أحمد الشرع الجولاني في رئاسة الفترة الانتقالية السورية، ولعلّ هناك أطراف دولية (تضم دولاً عربية وربما الكيان المؤقت ودول أوروبية كفرنسا)، تسعى الى إعادة تعويم مناف طلاس كحل وسط يستطيع تنفيذ مصالحهم المشتركة، بانتظار الموافقة الأمريكية على ذلك.

وأكمل تقرير الصحيفة التركية الذي جاء بعنوان: “هل مناف طلاس هو الحل المثالي لسوريا؟”، باستعراض مسيرة عائلة طلاس في الحياة السياسية والعسكرية السورية، وتحديداً والد مناف ووزير الدفاع الأسبق اللواء مصطفى طلاس، الذي كان يمتلك شبكة علاقات خارجية قوية متنوعة مع الاتحاد السوفييتي، وفرنسا، والسعودية، وتركيا. ثم بيّن التقرير مسيرة نجله مناف الذي شغل منصب قائد الحرس الجمهوري قبل انشقاقه عن نظام الرئيس بشار الأسد عام 2012.

فما هي رؤية مناف طلاس لسوريا الجديدة؟

بحسب الصحيفة التركية، فإن ما وصفته بـ “رؤية” مناف طلاس لسوريا المستقبل تقوم على بناء دولة علمانية ديمقراطية مدنية لا مركزية، يكون فيها الجيش وطنياً مكوناً من السوريين فقط، بعيداً عن التدخلات الطائفية أو الأجنبية. وأضافت صحيفة آيدينليك بأن طلاس يرى بأن النظام السوري الحالي فقد السيطرة الفعلية على البلاد، التي باتت بيد الإسلاميين، وأن الأمر بات يشكل تهديداً وجودياً للأقليات مثل العلويين، الدروز، المسيحيين، وكذلك للسنة المعتدلين من الصوفيين والأشاعرة والعلمانيين.

وانتقد طلاس سيطرة الجماعات الإسلامية المسلحة تحت شعار “من يحرر يقرر”، حيث أشار إلى أن هذه الجماعات تُقصي العائلات التجارية والصناعية العريقة التي كانت تشكل عصب الاقتصاد السوري، محذراً من أن استمرار هذا النهج سيمنع حصول أي تعافٍ اقتصادي حقيقي، ويفتح الباب لتقسيم البلاد وهو ما يصب في مصلحة “إسرائيل”.

ويزعم المقال في الختام أن الاجتماع بين مناف طلاس وهاكان فيدان الذي جرى خلال الأيام القليلة الماضية، قد يعود إلى أن أنقرة باتت ترى طلاس خياراً لاستبدال الشرع الجولاني. مضيفاً بأن تركيا ترى أن الوضع السوري الحالي لن يتغير مع أحمد الشرع وهذه الكوادر، بل سيزداد سوءًا. بينما طلاس يتمتع بمكانة “أفضل وأكثر قبولًا” بين العلويين والدروز والمسيحيين والأكراد والتركمان والشركس والأرمن والسنة العلمانيين من الطريقة الأشعرية الصوفية.

رواية أخرى: طلاس لوزارة الدفاع

وفي رواية أخرى نشرتها بعض وسائل الإعلام ومنها موقع I24 الإسرائيلي، بأن زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني الى تركيا منذ أيام للاجتماع مع نظيره التركي فيدان هاكان، قد تم خلالها مناقشة عدد من المواضيع الهامة، من بينها الضغط التركي لتعيين العميد مناف طلاس وزيرا للدفاع السوري. وأضاف مقال I24 الإسرائيلي أنه بحسب مصدره: “تمارس ضغوطات دولية على حكومة دمشق، وأنقرة تدرك جيدا التغييرات التي تواجهها حكومة الشرع. وحاولت أنقرة خلال الأيام الأخيرة دفع عملية عسكرية للضغط على قسد حتى تخضع وتسليم سلاحها وأن تكون ضمن وزارة الدفاع السورية، لكن الأمر لم يفلح ولذلك تم إجراء اللقاء اليوم، حيث أننا أمام محاولة ثانية لإنقاذ حكومة دمشق، خلال اللقاء جرى الحديث عن عدة مواضيع هامة، لكن أهمها هو الطريقة التي ستقوم بها تركيا لإنقاذ حكومة الشرع التي باتت الدول الغربية والولايات المتحدة غير راضية عنها، وبناء على ذلك هناك تسريبات بأن العميد مناف طلاس يتواجد في تركيا منذ يوم أمس (الاثنين 06/10/2025)، ولربما هناك لقاء بين الشيباني ومناف طلاس بحضور تركي.

وذكرت إحدى التسريبات إنه سيتم منح مناف طلاس منصب وزير دفاع للمرحلة القادمة في سوريا، وأنه هو الذي سيشكل الجيش السوري الجديد ومنظومة وزارة الدفاع الجديدة بصورة تختلف عما هي اليوم، مما يمنح حياة جديدة لحكومة الشرع التي بدأت تسقط، وتسعى تركيا لعملية دمج للمعارضة من الخارج حتى يكون حياة أطول لحكومة دمشق بعد أن رفضها الغرب بسبب فشلها في عدة مجالات إن كانت سياسية أو عسكرية. إذن في حال وافق العميد مناف طلاس أن يكون جزءا من الحكومة التي سيتم تشكيلها، يعني أن تركيا ستتمكن من منح حياة جديدة وأشهر قادمة لحكومة دمشق”.

حظوظ طلاس جدية

يعتبر العديد من المراقبين أن حظوظ طلاس جدية في لعب دور أساسي في نظام ما بعد الشرع الجولاني (إذا ما حصل توافق إقليمي دولي على ذلك)، وهذا للأسباب التالية:

_ الرفض الضمني للجولاني من قبل قوات سوريا الديمقراطية قسد، والرفض المطلق والعلني له من قبل أهل السويداء (وهو ما يلقى توافقاً مع أهل الساحل)، وقد يكون هناك العديد من المكونات السورية الأخرى التي ترفضه أيضاً بسبب المجازر التي حصلت خلال الأشهر الماضية لكنها لا تستطيع إشهار ذلك.

كل هذا يسهّل أي قرار خارجي باستبدال الجولاني بطلاس أو التمهيد لذلك بتعيينه وزير دفاع في الحكومة المقبلة.

_ علاقات طلاس الدولية المتشعبة والمتنوعة ما بين دول الخليج وروسيا وأوروبا، والتي قد يكون لشقيقته ناهد طلاس العجة دور فيها (كونها أرملة ملياردير سعودي، وتعيش في فرنسا ويُتداول بأنها مقربة جداً من شخصيات يهودية فرنسية).

_ خشية تركيا من فقدان نفوذها في سوريا الجديدة، بعد تصاعد حدة الانتقاد الدولي لفشل الشرع الجولاني وجماعته في إعادة الاستقرار الى البلاد.