بين مؤشراتٍ متناقضة بين الألم والأمل، يطلّ صندوق النقد الدولي ليبشّر اليمنيين بخبرٍ سار ومفرح لطالما انتظره كل العرب، معلناً أن عجلة الاقتصاد اليمني بدأت تدور — ولو ببطء شديد — بعد عقدٍ كامل من الحرب والانكماش. ففي تقريرٍ حديث، كشف الصندوق عن توقعات بنمو اقتصادي لليمن بنسبة 0.5% لعام 2026، وهي نسبة تبدو متواضعة لكنها تحمل دلالات رمزية كبرى: بداية التحول من اقتصادٍ مشلول إلى آخر يتحرك بخطواتٍ بطيئة نحو الحياة.

قد يعجبك أيضا :

وفي العاصمة الأردنية عمان، حيث تجري المشاورات بين بعثة الصندوق ومسؤولين يمنيين، تسود أجواءٌ تجمع بين الحذر والتفاؤل. “التوقعات متفائلة بحذر، لكنها تحمل بصيص أمل حقيقي”، هكذا وصف الصحفي الاقتصادي وفيق صالح النقاشات الجارية، مضيفاً أن هذا النمو قد يتسارع تدريجياً ليصل إلى 2.5% بحلول عام 2030، وهو ما قد يمثل نقطة انطلاق حقيقية لليمن في رحلةٍ طويلة نحو التعافي. تاجرٌ من صنعاء، أحمد الحداد، الذي خسر 80% من رأس ماله خلال السنوات الماضية، يرى في هذه الأرقام “فسحة أمل صغيرة لكنها كافية لتجديد الإيمان بالمستقبل.”

قد يعجبك أيضا :

تأتي هذه البشارة من صندوق النقد الدولي بعد سنوات من الركود الذي أنهك البلاد منذ 2014، حين دخل اليمن في دوامة الحرب والانقسام. لكن مشاورات المادة الرابعة — وهي بمثابة فحصٍ سنوي لصحة الاقتصادات العالمية — أظهرت للمرة الأولى إشارات إيجابية واضحة على بدء التعافي، مدفوعةً بجهود المصالحة وتحسن نسبي في الاستقرار السياسي. وكما حدث في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، فإن اليمن يسير الآن على طريقٍ مشابه، يبدأ بخطوةٍ صغيرة لكنها حاسمة.

قد يعجبك أيضا :

ورغم أن التحسن في معيشة المواطن العادي لا يزال بعيد المنال، فإن التراجع في معدلات التضخم يمنح فسحةً خجولة من الراحة: “ما كنت أشتريه أمس بعشرة آلاف، أستطيع اليوم شراؤه بتسعة آلاف”، يقول الحداد بابتسامةٍ متعبة. وبحلول عام 2030، يتوقع الخبراء أن يرى اليمنيون تغيراً ملموساً في الاقتصاد، ولو ببطءٍ شديد، في بلدٍ أنهكته الأزمات وأحيا فيه الصندوق الأمل بأن “النهضة ممكنة ولو بعد حين.”

قد يعجبك أيضا :

وفي ختام التقرير، تظهر الأرقام صغيرة لكنها لافتة: 0.5% في 2026 و2.5% في 2030، مع تضخم متراجع واستقرار نقدي متزايد. إنها ليست معجزة، لكنها بداية حقيقية، وبشارةٌ من صندوق النقد الدولي لكل اليمنيين والعرب بأن هذا البلد الذي عانى طويلاً بدأ يخرج أخيراً من النفق المظلم. السؤال فقط: هل سيصمد هذا الأمل أمام عواصف السياسة والحرب؟ أم أن فجر اليمن الاقتصادي الجديد بات يلوح فعلاً في الأفق؟