صدر الصورة، AFP
15 أكتوبر/ تشرين الأول 2025، 13:38 GMT
آخر تحديث قبل 40 دقيقة
توصلت باكستان وأفغانستان، التي تقودها حركة طالبان، إلى اتفاق على وقف إطلاق نار مؤقت عقب تجدد المواجهات الدامية بين قوات البلدين على طول الحدود المشتركة.
وقالت وزارة الخارجية الباكستانية، في بيان نقلته صحيفة داون المحلية، إن “الطرفين اتفقا، بموافقة مشتركة، على وقف إطلاق نار مؤقت لمدة 48 ساعة اعتباراً من الساعة السادسة مساء الأربعاء، بناءً على طلب حركة طالبان”، مضيفة أن الجانبين “سيبذلان جهوداً صادقة لإيجاد حل إيجابي لهذه القضية المعقدة، ولكن القابلة للحل، من خلال حوار بنّاء”.
ومن جانبه، أعلن المتحدث باسم حكومة أفغانستان، ذبيح الله مجاهد، عبر منصة إكس، أنه “بناءً على طلب وإصرار الجانب الباكستاني، سيُطبّق وقف إطلاق النار بين البلدين بعد الساعة 5:30 مساءً من هذه الليلة”، مؤكداً أن “الإمارة الإسلامية وجّهت جميع قواتها لاحترام وقف إطلاق النار وعدم خرقه”.
ويأتي هذا التطور بعد أسبوعين من مواجهات حدودية عنيفة أدت إلى مقتل عشرات الجنود والمدنيين من الجانبين، بحسب ما أفادت به تقارير رسمية من كابول وإسلام أباد.
وقال الجيش الباكستاني إنّ مقاتلين من طالبان الأفغانية هاجموا نقطتين حدوديتين في جنوب غرب البلاد وشمالها الغربي، مما أسفر عن مقتل عشرين مقاتلاً من طالبان في هجمات قرب منطقة سبين بولدك في ولاية قندهار. وأضاف أن ثلاثين آخرين يُعتقد أنهم قتلوا في اشتباكات ليلية على طول الحدود الشمالية الغربية.
من جهتها، قالت حركة طالبان إنّ 15 مدنياً على الأقل قُتلوا وأُصيب العشرات في المواجهات التي شهدتها سبين بولدك، مشيرةً إلى مقتل اثنين أو ثلاثة من مقاتليها.
وأكد علي محمد حقمال، الناطق باسم إدارة الإعلام في منطقة سبين بولدك الحدودية في ولاية قندهار جنوبي أفغانستان، وهي من أبرز نقاط التوتر على الحدود مع باكستان، أن المدنيين “قُتلوا جراء سقوط قذائف هاون”، فيما أوضح عبد الجان باراك، المسؤول في مستشفى المنطقة، أن أكثر من 80 امرأة وطفلاً أُصيبوا بجروح.
صدر الصورة، Getty Images
واتّهم المتحدث باسم حكومة أفغانستان، ذبيح الله مجاهد، القوات الباكستانية بشنّ “هجمات جديدة باستخدام أسلحة خفيفة وثقيلة”، مشيراً إلى أن مئة مدني أُصيبوا بجروح، لكنه أضاف أن الهدوء عاد إلى المنطقة بعد “السيطرة على مواقع للجيش الباكستاني وضبط أسلحة”.
في المقابل، وصف الجيش الباكستاني تلك المزاعم بأنها “أكاذيب صارخة”، مؤكداً أن قواته ترد على “هجمات غير مبررة” مصدرها الأراضي الأفغانية.
وفي هجوم منفصل، أفاد مسؤولون في ولاية خيبر بختونخوا بأن سبعة جنود من قوات حرس الحدود الباكستانية قُتلوا في هجوم على نقطة تفتيش، أعلنت مجموعة مسلحة تُعرف باسم “اتحاد المجاهدين” مسؤوليتها عنه.
وقال وزير الدفاع الباكستاني، خواجة محمد آصف، أمام البرلمان، إن “الجهود المتكررة لإقناع سلطات طالبان الأفغانية بوقف دعمها لحركة طالبان الباكستانية باءت بالفشل”، مشيراً إلى أن الهجمات على قوات الأمن “تزايدت بشكل كبير منذ عودة طالبان إلى الحكم في كابول عام 2021”.
وتتهم إسلام أباد حكومة طالبان في كابول بإيواء مسلحي طالبان الباكستانية الذين يشنّون هجمات عبر الحدود، بينما تقول الأخيرة إنّ الهجمات الأخيرة جاءت “رداً على ضربات جوية باكستانية داخل الأراضي الأفغانية”.ويُعدّ وقف إطلاق النار المعلن الأربعاء أول هدنة منذ تصاعد التوترات الأخيرة، لكنه يبقى مؤقتاً، وسط مخاوف من تجدّد الاشتباكات في حال فشل المحادثات المرتقبة بين الطرفين.
وتعود جذور التوتر بين باكستان وأفغانستان إلى النزاع حول “خط دوراند”، وهو خط الحدود الذي رسمه البريطانيون عام 1893 بين أفغانستان والهند البريطانية. وُقّع الاتفاق حينها بين الحكومة البريطانية والأمير عبدالرحمن خان، حاكم أفغانستان، لتحديد مناطق النفوذ بين الجانبين.
وبعد استقلال باكستان عام 1947، ورثت إسلام أباد هذا الخط باعتباره حدودها الغربية، لكن كابول رفضت الاعتراف به رسمياً، معتبرة أنه فُرض بالإكراه. ومنذ ذلك الحين، ظل الخط مصدر توتر دائم بين البلدين.
وفي السنوات الأخيرة، بنت باكستان سياجاً حدودياً بطول مئات الكيلومترات في محاولة لضبط الأمن ومنع التسلل، إلا أن حكومة طالبان تعتبر أن هذا الإجراء يقسّم القبائل البشتونية التي تعيش على جانبي الحدود.
ويرى محللون أن عودة طالبان إلى الحكم في كابول عام 2021 أعادت إحياء الخلاف حول الخط، خصوصاً أن الحركة تميل إلى التأكيد على الهوية البشتونية المشتركة ورفض التقسيم الحدودي الذي وضعه الاستعمار البريطاني.