بعد أكثر من ثلاثة قرون من الغموض، كشفت دراسة حديثة هوية الفتاة التى ألهمت الفنان الهولندى الشهير يوهانس فيرمير، فى لوحته الخالدة “الفتاة ذات القرط اللؤلؤى” التي رسمها عام 1665، وتُعد واحدة من أبرز روائع الفن الأوروبى.
فقد أيد المؤرخ الفني البريطاني أندرو جراهام ديكسون، في تصريحات لصحيفة صنداي تايمز البريطانية، نظرية تفيد بأن الفتاة فى اللوحة ليست خادمة، كما تم الترويج سابقًا، بل هي ماجدالينا، ابنة راعى فيرمير وراعى أعماله، بيتر فان رويفين، وزوجته ماريا دى كنويت.
وأوضح ديكسون، الذي يستعد لإصدار كتابه الجديد بعنوان “فيرمير: حياة ضائعة وموجودة” عن دار نشر ألين لين، خلال أكتوبر الجاري، أن الفتاة كانت تبلغ من العمر نحو 10 سنوات وقت رسم اللوحة، وأنها كانت ترتدى زيا يحاكي شخصية مريم المجدلية، إحدى أبرز الشخصيات الدينية فى التاريخ المسيحي، ما يعكس – بحسب قوله – البعد الروحي العميق في أعمال فيرمير، وفقا لموقع “ديلى ميل” البريطاني.
الفتاة ذات القرط اللؤلؤي
وأشار الباحث إلى أن فيرمير كان يعمل بشكل حصرى تقريبا مع الزوجين فان رويفين ودي كنويت، اللذين كانا منتميين إلى طائفة مسيحية متشددة تعرف باسم الكوليجيين، وهي جماعة محظورة آنذاك في هولندا، كانت تؤمن بالمساواة والتسامح وتكرس حياتها للأعمال الخيرية.
وأضاف ديكسون أن الراعية الحقيقية للفنان لم تكن الزوج، بل ماريا دي كنويت، التي مولت معظم أعمال فيرمير وامتلكت أغلب لوحاته، حتى أنها تركت له مبلغا ماليا كبيرا في وصيتها تقديرا لفنه.
وكانت لوحة “الفتاة ذات القرط اللؤلؤي” محور اهتمام عالمى منذ رسمها قبل نحو 360 عاما، إذ ظلت هوية صاحبتها لغزا يشغل المؤرخين والنقاد، كما ألهمت الرواية الشهيرة التى حملت الاسم نفسه للكاتبة تريسي شيفالييه، والتي تحولت إلى فيلم عام 2003 من بطولة سكارليت جوهانسون وكولن فيرث، حيث تم تصوير الفتاة في الفيلم كخادمة شابة تعمل في منزل فيرمير وتنشأ بينها وبينه علاقة عاطفية.
من جانبها، شككت الخبيرة الفنية روث ميلينجتون، مؤلفة كتاب “الملهمة: كشف الشخصيات المخفية وراء روائع تاريخ الفن” فى صحة النظرية الجديدة، مؤكدة أن اللوحة لا يقصد بها أن تكون صورة حقيقية لشخص محدد، بل عمل رمزي يجسد الجمال والتأمل والخيال الفني.
وقالت ميلينجتون لصحيفة ديلي ميل: “جاذبية اللوحة تكمن في الغموض المحيط بها، فهي ليست بورتريه لشخصية يمكن التعرف عليها بسهولة، بل تعبير عن روح فنية خالصة”، وأضافت: “كثير من الفنانين، مثل ليوناردو دافنشى، استخدموا نماذج رمزية في أعمالهم، وعلى غرار الموناليزا، تبقى الفتاة ذات القرط اللؤلؤي أيقونة فنية تلهم المشاهدين وتدفعهم للتأمل جيلا بعد جيل”.
يُذكر أن يوهانس فيرمير رسم اللوحة عام 1665، وتوفي بعد عشر سنوات فقط عن عمر ناهز 43 عامًا، تاركا إرثا فنيا لا يزال مثار اهتمام ودراسة فى مختلف أنحاء العالم.
