أطلقت مؤسسة راشد آل خليفة للفنون، بالتعاون مع معرض باريس للفن الآسيوي (آسيا الآن)، جائزة فنية تحتفي بفنانين اثنين تتميز ممارساتهما الفنية بقدرتها على الربط بين التراث الثقافي والإبداع المعاصر. وتهدف الجائزة إلى تعزيز الحوار بين الفن المعاصر العالمي والتقاليد الحية للحِرف اليدوية، وتشجيع الفنانين على استكشاف سبل جديدة للتفكير من خلال الممارسة الإبداعية.
ويعد معرض باريس للفن الآسيوي المنصة الأوروبية الأبرز لعرض الفنون الآسيوية. وفي نسخته الحادية عشرة هذا العام، يجمع المعرض نحو سبعين صالة عرض دولية تمثل 51 منطقة، مواصلاً نهجه متعدد المراكز في تمثيل المجتمع الآسيوي العالمي وتنوعه الثقافي والفني.
وستمنح الجائزة كل فائز إقامة فنية مدة شهر واحد في «المحطة الفنية» وهو فضاء فني وثقافي يقع في قلب سوق المحرق، حيث سيعمل الفائزان مع الحرفيين المحليين على إنتاج أعمال جديدة مستوحاة من قيم المؤسسة المتمثلة في التراث والاستمرارية والحرفة. حيث تعكس هذه الجائزة التزام المؤسسة بدعم الممارسات الفنية التي تجمع بين التقليد والابتكار، وتفتح مساحة حوار حية بين الفنانين المعاصرين والحرف البحرينية الأصيلة.
الفائزتان
وفاز بالجائزة كل من نومين زيزيغما ومهر أفروز، اللتين تجسد أعمالهما ذاكرة الثقافة ومعرفة المادة والروابط بين المجتمعات الفنية عبر الأزمنة.
وقال الشيخ راشد بن خليفة آل خليفة، رئيس مؤسسة راشد آل خليفة للفنون: «تعكس هذه المبادرة إيماننا العميق بأن الفن الحقيقي ينبع من التفاعل الصادق مع روح المكان، ومع تقاليده وصانعيه وقصصه. ومن خلال ربط الفنانين العالميين بالحرفيين البحرينيين، نأمل في خلق مساحة تبادل تُكرّس الاستمرارية وتحتفي بالتجريب. إن كلّاً من نومين ومهر تجسدان هذه الرؤية ببراعة، فممارساتهما تذكّرنا بأن التراث ليس شيئاً نحافظ عليه في السكون، بل حياةٌ نستمر في إحيائها عبر الحوار والخيال والرعاية. ومن خلال شراكتنا مع معرض آسيا الآن، فإننا نؤكد التزامنا المشترك بدعم الفنانين الذين يتناولون موضوعات الهوية، والحِرفة، والتبادل الثقافي برؤية نقدية معاصرة».
وتعمل نومين زيزيغما، وهي فنانة منغولية، بين هولندا ومنغوليا وألمانيا، وتمارس الفن بأسلوب متعدد التخصصات يجمع بين الأسطورة المنغولية (الكوزموغونية)، والتاريخ، والمادية، والروحانية. وتستكشف من خلال أعمالها الطقوس والإيماءات التي تربط بين الجسد والروح والأرض في أفعال من التجدد والانبعاث.
أما مهر أفروز، وهي من مواليد الهند ومقيمة في باكستان، فهي تُعد من رواد الرسم والطباعة الفنية في جنوب آسيا، إذ كرّست أكثر من خمسة عقود لاستكشاف موضوعات الهوية والزمان والانتماء. وتتميز أعمالها بروح التأمل والصمود والإصلاح، إذ تدعو المشاهد إلى التوقف والتأمل في الذاكرة والوجود.
وتجسد كل من زيزيغما وأفروز روح الجائزة، إذ تنظران إلى التراث بوصفه حواراً حياً بين الماضي والحاضر، بين الهوية والخيال، وبين الذاكرة والمستقبل.
لجنة التحكيم
وقد تم اختيار الفائزتين من قبل لجنة تحكيم مرموقة ضمت نخبة من الخبراء والممارسين في مجال الفن المعاصر والتبادل الثقافي، وهم: بنديكتا باديا، مناصرة للفنانين الصاعدين وحوار الثقافات، وإمري بايكال، مدير مؤسسة آرتر في إسطنبول، ود. سارة رضا، المديرة الفنية والقيمة العامة لمركز الفنون المعاصرة في طشقند، وسلمى توقان، مديرة «نوتنغهام كونتيمبوراري» في المملكة المتحدة، وأنيسة تواتي، وهي باحثة في جامعة براون، والقيمة الفنية لبينالي «بي سي كي» في اليونان». وجمعت اللجنة بين رؤى تقييمية متنوعة تمتد عبر التعليم والبحث والممارسة المؤسسية، يجمعها إيمان مشترك بقوة الفن على بناء جسور بين التقاليد والمجتمعات عبر الحدود.=
