آية سمير
الأحد، 26 أكتوبر 2025 06:00 م
تستعد مصر لبدء التشغيل التجريبي لأول خط من مشروع القطار الكهربائي السريع، أحد أكبر مشروعات النقل في تاريخها الحديث، وذلك يوم 9 نوفمبر المقبل. ومن المقرر أن تنطلق أولى الرحلات التجريبية – بدون جمهور – من محطة حدائق أكتوبر حتى محطة أكتوبر الجديدة، تمهيدًا لتشغيل الخط بكامل طاقته خلال الفترة المقبلة.
ويُعد هذا المشروع نقلة نوعية في منظومة النقل المصرية، إذ سيمكن المسافرين من الانتقال من القاهرة إلى الإسكندرية في نحو ساعة إلا ربع، ومن القاهرة إلى العين السخنة في حوالي 35 دقيقة فقط، بفضل السرعة الفائقة للقطار التي تصل إلى 250 كيلومترًا في الساعة.
الخط الأول من القطار الكهربائي السريع هو جزء من شبكة متكاملة تضم ثلاثة خطوط بطول إجمالي يبلغ 2000 كيلومتر. ويبدأ التشغيل التجريبي بخط العين السخنة – مطروح بطول 660 كيلومترًا، وهو أول خطوط الشبكة دخولًا للخدمة.
القطارات التي ستعمل ضمن المشروع من طراز “فيلارو” الألماني فائق السرعة، وهو واحد من ثلاثة أنواع قطارات تشكل الشبكة الكاملة، حيث يخدم أحدها المدن الجديدة والمناطق السكنية، وآخر مخصص للربط الصناعي، وثالث لنقل البضائع بين الموانئ المصرية.
ويمتد الخط الأول من العين السخنة على ساحل البحر الأحمر مرورًا بالعاصمة الإدارية الجديدة، والجيزة، ومدينة 6 أكتوبر، والإسكندرية، والعلمين، وصولًا إلى مطروح على ساحل البحر المتوسط، ليصبح أول مسار يربط بين البحرين الأحمر والمتوسط عبر السكك الحديدية. ويضم الخط 21 محطة، منها 13 محطة للقطار السريع و8 محطات للقطار الإقليمي، بالإضافة إلى عدد من المحطات التبادلية المهمة مثل محطة العاصمة المركزية التي تتصل بالقطار الكهربائي الخفيف، ومحطة 6 أكتوبر التي تتكامل مع المونوريل، ومحطة الجيزة التي ترتبط بخط القاهرة – أسوان، ومحطة محمد نجيب المقرر ربطها مستقبلًا بالخط السادس لمترو الأنفاق.
ويتم تصنيع القطارات في ألمانيا، حيث خضعت لاختبارات تشغيل دقيقة على السكك الألمانية قبل شحنها إلى مصر لاستكمال التجارب على أرض الواقع. وتتولى تنفيذ الأعمال المدنية للمشروع كبرى الشركات المصرية، منها المقاولون العرب، وأوراسكوم، والسويدي إلكتريك.
ومن المتوقع أن ينقل الخط الأول نحو مليون راكب يوميًا، إلى جانب 8.5 ألف طن من البضائع يوميًا، مما يجعله مشروعًا تنمويًا متكاملًا لا يقتصر على كونه وسيلة نقل فحسب، بل يهدف إلى دعم حركة التجارة وربط المناطق الصناعية بموانئ التصدير، والمناطق الزراعية بمراكز الاستهلاك. كما يسهم المشروع في تقليل الانبعاثات الكربونية والتلوث البيئي، ويفتح آفاقًا جديدة للتنمية العمرانية في مدن مثل العلمين الجديدة، وقنا الجديدة، وأسوان الجديدة، وتوشكى.
بهذا، لا يمثل القطار الكهربائي السريع مجرد مشروع نقل متطور، بل خطوة حضارية شاملة تربط أكثر من ستين مدينة مصرية ببعضها، وتدشن مرحلة جديدة لعصر النقل الحديث في مصر.
