أكدت شركة «دي آند بي» العقارية أن دبي تقود مرحلة جديدة من التحول الرقمي في قطاع العقارات، حيث أصبحت تقنيات مثل العقود الذكية والبلوكتشين جزءاً أساسياً من البنية التحتية التي يقوم عليها السوق، موضحاً أن هذه التقنيات لا تقتصر على تسريع الإجراءات فقط، بل تعزز الشفافية من خلال إتاحة سجلات آمنة وموثوقة يمكن الرجوع إليها في أي وقت، وهو ما يرفع مستوى الثقة لدى المستثمرين المحليين والعالميين.
وأكد حسني البياري، رئيس مجلس الإدارة ومؤسس «دي آند بي» العقارية: نؤمن بأن التحول الرقمي في العقارات لم يعد مجرد خيار، بل أصبح ركيزة أساسية في تسويق المشاريع واستقطاب المستثمرين العالميين. فالمنصات الرقمية الحديثة، مدعومة بتقنيات مثل الواقع الافتراضي والمعزز، منحت العملاء القدرة على استكشاف المشاريع عن بُعد وكأنهم في قلبها، ما أزال الحواجز الجغرافية وفتح السوق الإماراتي على أوسع نطاق.
وأضاف: ما قامت به بلدية دبي بإطلاق منصة المباني الرقمية خلال القمة العالمية للحكومات 2025 مثال واضح على هذا التوجه. فالمنصة لا تقتصر على توفير بيانات شاملة عن المباني من حيث عدد الوحدات والمساحات والاستخدامات المتعددة، بل تقدم كذلك مؤشرات دقيقة حول الإيجارات والتكاليف، وهو ما ينسجم مع رؤية الإمارة في أن تكون مدينة المستقبل.
وقال إننا نواكب هذه النقلة النوعية عبر مفهوم «معرض الأفكار» الخاص بشركة «إڤوليوشنز» من خلال منح المطورين في جميع المراحل ميزة الوصول إلى مجموعة مختارة من العقارات الحصرية إلى جانب دمج العروض الافتراضية بالبيانات الدقيقة، ما يمنح المستثمر تجربة متكاملة، ويساعد على تسريع إطلاق المشاريع وتسويقها بكفاءة.
وأكد أن دبي تعد واحدة من أبرز المدن عالمياً في دمج تقنيات إنترنت الأشياء والمباني الذكية ضمن مشاريعها العقارية بفضل البنية التحتية الحديثة التي تتميّز بها الدولة. هذه الحلول باتت معياراً رئيسياً يرفع من جاذبية العقار وقيمته السوقية. فأنظمة المراقبة الذكية، وإدارة الطاقة بكفاءة، والتحكم عن بُعد في الإضاءة والتكييف، وأجهزة الاستشعار التي ترفع من كفاءة استهلاك الموارد؛ كلها عناصر تزيد من راحة السكان وتقلل التكاليف التشغيلية، ما يجعل العقارات أكثر استدامة وربحية على المدى الطويل.
وقال: أصبح المطورون في سباق لتقديم مبانٍ ذكية أكثر تطوراً، لأن المستثمرين والمشترين باتوا يعتبرون هذه المواصفات من أساسيات القرار الاستثماري. وهذا التنافس الصحي يرسّخ مكانة دبي كمدينة سبّاقة في توفير بيئة عقارية مستدامة ومبنية على أحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا عالمياً.
وتابع: ساعد اعتماد دبي لتقنيات نمذجة معلومات البناء والمدن الذكية بشكل كبير على رفع كفاءة التخطيط العمراني وتسريع تنفيذ المشاريع الكبرى. هذه الأدوات الرقمية توفر نموذجاً متكاملاً للمشروع منذ مراحله الأولى، ما يتيح تنسيقاً أفضل بين جميع الأطراف ويقلّل من الأخطاء والتأخيرات. كما أنها تُسهم في خفض التكاليف عبر تحسين إدارة الموارد وضمان جودة التنفيذ. وقد أصبحت هذه التقنيات عنصراً أساسياً في المشهد العقاري بدبي، فهي تساهم في رفع مستوى الدقة والشفافية في كل مرحلة. وهو ما يفسر قدرة دبي على إنجاز مشاريع ضخمة بجودة عالية وفي أوقات قياسية، الأمر الذي يعزز من مكانتها كمدينة رائدة عالمياً في التخطيط الحضري الذكي والمستدام.
ويشار هنا إلى أنّ دبي تستضيف فرع دولة الإمارات لمنظمة معايير نمْذَجة معلومات البناء العالمية وهو الأول من نوعه في المنطقة للمنظمة الهادفة إلى قيادة التحوّل الرقمي العالمي في قطاع الإنشاء للمباني والأصول ومنشآت البنية التحتية. ويؤكد ذلك على حجم التقدير الدولي لجهود التطوير المستمرة في دبي ودولة الإمارات عموماً وضمن مختلف المجالات، بما في ذلك قطاع البناء والتشييد.
وحول دور الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة في مساعدة المطورين العقاريين في دبي على فهم اتجاهات السوق وتوقيع الطلب وتطوير منتجات تلبي احتياجات المستقبل، قال: الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات يعدّ جزءاً أساسياً من عملية التطوير العقاري في دبي. نحن في «إڤوليوشنز» نستخدم هذه التقنيات لفهم الشكل الأمثل للمبنى منذ المراحل الأولى، عبر إدخال بيانات دقيقة مثل حجم الأرض، والمساحات الإجمالية المصرّح بها، لنحصل على خيارات متعددة للتصميم، ما يمنحنا نقطة انطلاق قوية تعزز دقة القرارات في مرحلة التخطيط.
وأضاف: كل قرار نتخذه مبني على البيانات، فسوق دبي يتميز بشفافية عالية، حيث تتوفر معلومات دقيقة من معاملات البيع والتسجيلات العقارية. ونقوم بتحليل هذه البيانات لتحديد المزيج الأنسب من الوحدات، والأحجام المطلوبة، والفروقات التي تجعل المنتج العقاري مميزاً ومناسباً لشرائح متنوعة من المستثمرين والمشترين. ومن خلال هذه المنهجية القائمة على البيانات، استطعنا العمل مع أكثر من 110 جنسيات في عام واحد فقط، وهو ما لم يكن ليتحقق لولا مكانة دبي كمدينة عالمية تستقطب المستثمرين من مختلف أنحاء العالم.
وأوضح أن التمويل العقاري يشهد اليوم تحولاً جذرياً بفضل التكنولوجيا المالية، فالمستقبل يتجه إلى اعتماد التمويل الرقمي، والعقود الذكية، والبلوكتشين، وملكية الحصص الجزئية. نحن نعمل حالياً على تطوير نموذج للتمويل الجماعي العقاري، بحيث نكمل المفهوم والمراحل الأولى من البناء، ثم نفتح المجال أمام المستثمرين من مختلف أنحاء العالم للدخول بملكية جزئية تدرّ عائداً وتساهم في تمويل بقية مراحل المشروع.
وقال: هذا التوجه ينسجم مع جهود أراضي دبي التي أطلقت مشروع الترميز العقاري، وهي مبادرة استراتيجية من المتوقع أن تُحدث نقلة نوعية في طرق الاستثمار. ووفقاً لتقديرات أراضي دبي، فإن قيمة قطاع الترميز العقاري ستصل إلى 60 مليار درهم بحلول 2033، أي ما يعادل 7 % من إجمالي تداولات السوق العقاري في الإمارة. هذه الأرقام تعكس الإمكانيات الكبيرة التي يفتحها هذا النوع من التمويل، ليس فقط لتوسيع قاعدة المستثمرين، بل أيضاً لزيادة الشفافية والسيولة في السوق.
وحول أثر استخدام الطائرات بدون طيار والمسح الضوئي ثلاثي الأبعاد في مراقبة تقدم المشاريع الإنشائية وضمان الجودة وإدارة المرافق بعد التسليم، قال: استخدام الطائرات بدون طيار وتقنيات المسح ثلاثي الأبعاد أحدث نقلة نوعية في طريقة متابعة المشاريع العقارية في دبي. نحن نطبّق هذه الأدوات تقريباً في كل مشروع منذ مرحلة شراء الأرض، حيث تتيح لنا الطائرات التقاط صور دقيقة من زوايا وارتفاعات مختلفة، ليتم دمجها لاحقاً مع التصاميم ثلاثية الأبعاد. بهذه الطريقة يستطيع العميل أن يعيش تجربة واقعية، فيتجول افتراضياً داخل شقته المستقبلية ويرى الإطلالة الحقيقية التي سيحصل عليها قبل حتى بدء التنفيذ.
وأكد أن الاستدامة اليوم أصبحت محوراً رئيسياً في تطوير العقارات بدبي، وهي عامل جاذب للمستثمرين الدوليين الذين يبحثون عن حلول طويلة الأمد. نحن نتبع لوائح بلدية دبي في هذا المجال، ونحرص على دعم مبادراتها المتقدمة مثل محطات شحن المركبات الكهربائية، ومواقف الدراجات، والاعتماد على الطاقة الشمسية.
وفي بعض المشاريع نتجاوز هذه الاشتراطات لتقديم حلول أكثر ابتكاراً، لكن الأساس دائماً مبني على معايير حكومية راسخة ومتقدمة. هذه التوجهات تعزز كفاءة الطاقة وتقلل التكاليف التشغيلية، ما يزيد من قيمة العقارات ويجعل دبي وجهة مفضلة للاستثمار العقاري المستدام عالمياً.
