من ورشته في بيروت، حيث تمتزج الدقّة بالفن، يبتكر مصمّم المجوهرات اللبناني سليم مزنّر تصاميمه التي وصلت إلى أبرز نجوم العالم. صنع لنفسه أسلوباً فريداً يجمع بين الحرفية العالية ورسالة إنسانية واضحة، جعلت اسمه من الأسماء اللامعة في عالم التصميم. أما مدينته بيروت، فتبقى مصدر إلهامه الدائم، يتّصل بها فكرياً وروحياً، لتترك بصمتها المتفرّدة على كلّ عمل من أعماله.
وفي حديث خاص لـ”النهار”، تحدث مزنّر عن استلهامه الدائم في عالم التصميم من بيروت، قائلاً: “أعرف بيروت بكل تفاصيلها وزواياها، فهي بالنسبة إليّ تشبه الميناء في فكري؛ بحرها، أحياؤها، وأبناؤها يمنحونني طاقة كبيرة في الحياة. الأفكار متعددة، وأنا متصل ببيروت روحياً. والإيحاء الأساسي في مجموعتي عنها مستوحى من بيوتها القديمة، بيوت القناطر التي اختفت اليوم تقريباً، فحاولت أن أوجّه من خلالها غمزة لتلك البيوت التي دُمّرت لأسباب مختلفة”.
وأضاف: “الحياة هي مصدر إلهام بالنسبة إليّ، لأنها تمثّل الأمل، والأمل لا يعيش من دون خوف. فحين يشعر الإنسان بالخوف، يتمسّك بالأمل أكثر، ومن هنا تولد الأفكار. يمكنني أن أبتكر آلاف الأفكار المختلفة، لكن الفكرة التي تجمعها كلّها هي اللاعنف”.
مصمّم المجوهرات اللبناني سليم مزنّر أمام عمل من تصميمه ضمن معرض We Design Beirut.
من فكرة التصميم إلى نجمات عالميات “يكتشفن” إبداعه
أما عن كيفية انطلاق تصميم أي قطعة جديدة، فيوضح مزنّر: “تبدأ الفكرة بعدة أشكال واتجاهات، لكن الأساس هو تحقيق التوازن بين العمل والجسم الذي سيرتدي القطعة، بحيث لا تكون متعدّية على العين أو الفكر، وأن تضاهي الزمن. فالزمن بالنسبة إليّ فكرة أساسية، وأحب أن تكون القطع التي نبتكرها خالدة، تتجاوز مرور الوقت”.
وتابع: “قد تولد فكرة التصميم من حلم، أو من مشهد رأيته في رحلة، أو من لحظة تأمّل، فطريق الحياة هو الذي يروي أفكاري”.
وعن ارتداء عدد من النجمات العالميات لمجوهراته، مثل تايلور سويفت، بيلا حديد، ريهانا، مايلي سايرس، وأوبرا وينفري، يقول مزنّر: “يسعدني أن عدداً من النجمات اخترن من تصاميمي، لكن فرحتي الأكبر هي عندما تأتي هذه المبادرات بشكل طبيعي وتلقائي، من دون ترويج أو تخطيط، لأن الإبداع الحقيقي لا يُفرض، بل يُكتشف. فتايلور سويفت مثلاً اكتشفت تصاميمي بنفسها وأحبّتها دون أيّ محاولة منا للتقرب منها”.
النجمة تايلور سويفت بتصميم من سليم مزّنر (إنستغرام).
عن تطوّر الذوق الفنّي
أما عن تطوّر ذوق الجمهور اللبناني والعربي في اقتناء المجوهرات، فيرى مزنّر أن “المجوهرات ليست حاجة أساسية للإنسان، بل تُعدّ ترفاً، لكن لا يمكن إغفال قيمتها الحرفية والفنية، وهذا ناتج عن تطوّر ثقافي. فالحرفة عنصر أساسي في تحويل الفكرة إلى عمل متقن؛ فحتى أجمل فكرة تفقد قيمتها إذا غابت عنها الدقة في التنفيذ”.
وتابع: “لست محور الكون، فهناك الكثير من المبدعين في عالم المجوهرات، لكن الأهم بالنسبة إليّ هو أن تقوم العلاقة بين المصمّم ومَن يرتدي القطعة على ثقافة متبادلة، علاقة لا تُزعج الفكر ولا تقوم على التحدي أو المبالغة في القيمة المادية، بل على الانسجام بين الفن والروح”.
“We Design Beirut”
وصف مزنّر ارتباطه العميق بهذه المدينة، من خلال أحدث أعماله الفنية المعروضة ضمن فعالية “We Design Beirut” في “فيلا عودة”، بعنوان “نور بيروت”، قائلاً: “العمل الذي قدّمته يقوم أساساً على رسالة سلام ودعوة إلى اللاعنف، إذ إن منطقتنا ممزوجة بأشكال غير طبيعية من العنف”.
وأضاف: “منحوتة “نور بيروت” هي مزيج من فولاذ الكورتن الصلب والمينا الشفافة المصنوعة على عدّة طبقات، تجمع بين مواد شديدة الصلابة وأخرى في غاية الحساسية، أي بين الهشاشة والقوة”.
منحوتة نور بيروت لسليم مزنّر ضمن معرض We Design Beirut في فيلا عودة في بيروت (سليم مزنّر)