نتنياهو يساوم بإخلاء عناصر «حماس» للضغط في مفاوضات المرحلة الثانية
بعد أن تراجع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن تأييده لاتفاق بإخلاء عناصر من حركة «حماس» محاصرين في أنفاق رفح الواقعة تحت الاحتلال، راح يستخدم الواقعة للضغط في المفاوضات الجارية حول المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، مطالباً بتقليص صلاحيات الأمم المتحدة، ومجلس الأمن في الإشراف على عمل القوة الدولية التي ستدير قطاع غزة في المرحلة الانتقالية.
وحاول رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، فضّ هذا الإشكال بتسوية مُفاداها: «السماح لعناصر (حماس) المحاصرين بالخروج أحياء مقابل استعادة رفات جثة الضابط هدار غولدن، الذي تحتجزه الحركة منذ عام 2014».
وطرح زامير هذه الفكرة أمام القيادة السياسية، وصاغها بكلمات قتالية: «لن نسمح لـ(إرهابيي حماس) بالخروج أحياءً إلا إذا حرّروا رفات غولدن».
لكن الوزراء إيتمار بن غفير، وبتسلئيل سموتريتش، ويسرائيل كاتس، اعترضوا بشدة، واعتبروا الواقعة فرصة لتحقيق المكاسب السياسية، خصوصاً مع طغيان الشعور بأن نتنياهو ينوي تبكير موعد الانتخابات.
مواد خانقة في الأنفاق
وهدّد كاتس بإدخال مواد خانقة في الأنفاق حتى يموت مسلحو «حماس»، البالغ عددهم بحسب التقديرات الإسرائيلية 200 عنصر.
وقال: «ليس أمامهم سوى الاستسلام أو الموت»، وطالبه سموتريتش وبن غفير بتنفيذ تهديده فوراً، باعتبار أن قتلهم سيشكّل صورة نصر لإسرائيل في هذه الحرب.
عنصر من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» في شرق القطاع بينما تتواصل عمليات البحث عن جثث الأسرى الإسرائيليين (إ.ب.أ)
ولم يتخلّف نتنياهو عن ركب وزرائه الذين يتنافسون على الإدلاء بتصريحات متطرفة أكثر فأكثر، وبحسب «القناة 12» التلفزيونية، فإن النقاش بين المستويين السياسي والعسكري لا يزال مفتوحاً بشأن كيفية التعامل مع عناصر «حماس» العالقين في الأنفاق.
ونقلت القناة أن نتنياهو كان وافق على طلب أميركي بإطلاق عناصر «حماس»، لكنه تراجع تحت ضغط وزراء اليمين، وراح يطلق تصريحات لا تقل تطرفاً.
وحسب القناة، فإن الجيش وافق كذلك على إطلاق سراحهم، أولاً لأنه ليس معنياً بقتل هذه العناصر والتسبب في استئناف الحرب، وثانياً لأن قيادة الجيش تتعرض لضغوط من عائلة الضابط هدار غولدن، الذي تم أسره في سنة 2014، وتطالب بجعل إطلاق سراحه أولوية.
ومارست العائلة أيضاً الضغوط على نتنياهو، مطالبةً إياه بلقاء شخصي، ومؤكدةً أن «إعادة جميع الجثث واجب قومي لا يمكن التنازل عنه».
ورقة مساومة وضغط
والمخرج الذي وجده نتنياهو من هذا المأزق، هو استخدام القضية كورقة مساومة في المفاوضات الجارية حول المرحلة الثانية من خطة ترمب «اليوم التالي للحرب على قطاع غزة».
وحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، تشارك إسرائيل في صياغة مشروع القرار الأميركي بشأن إنشاء قوة دولية متعددة الجنسيات في قطاع غزة، وتسعى إلى تقليص صلاحيات الأمم المتحدة في الإشراف على عمل هذه القوة.
وأفاد مسؤول إسرائيلي تحدث إلى شبكة «سي إن إن» الأميركية، بأن حكومة بنيامين نتنياهو تحاول التأثير على نص المشروع للحفاظ على حرية عمل القوة الدولية، دون رقابة دورية من مجلس الأمن.
ويأتي ذلك في وقت تسعى فيه إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، إلى استصدار قرار من مجلس الأمن يمنح «قوة الاستقرار الدولية» تفويضاً حتى نهاية عام 2027، مع إمكانية تمديده بالتشاور بين الولايات المتحدة وإسرائيل ومصر، في إطار المرحلة الثانية من خطة ترمب لإنهاء الحرب على غزة.
ووفقاً لمسودة مسربة لمشروع القرار الأميركي، فإن القوة الدولية ستكون مكلّفة بتأمين القطاع وتنفيذ بنود وقف إطلاق النار، بما في ذلك نزع السلاح من غزة وتدمير البنية العسكرية لفصائل المقاومة، على أن تعمل بالتنسيق الكامل مع الجانبين الإسرائيلي والمصري.
ومن غير المتوقع أن تضم القوة جنوداً أميركيين على الأرض، بل ستتولى واشنطن دوراً تنسيقياً وإشرافياً من خارج غزة، وهو ما أكده وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، الشهر الماضي، أن بعض الدول المرشّحة للمشاركة «لن تنضم ما لم تحصل القوة على تفويض دولي واضح»، وهو ما دفع واشنطن إلى طرح مشروع القرار في مجلس الأمن.
