شهد شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي 2025 ارتفاعا ملحوظا في عدد طلبات اللجوء الأولية المرفوضة التي قدمها سوريون في ألمانيا مقارنة بالأشهر السابقة. وبحسب بيانات المكتب الاتحادي الألماني لشؤون الهجرة واللاجئين، تم خلال الشهر الماضي رفض 1906 طلبات لجوء أولية، في حين لم يتجاوز عدد الطلبات المرفوضة خلال العام نفسه في الفترة من يناير/كانون الثاني حتى سبتمبر/أيلول الماضي 163 طلبا فقط، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الألمانية اليوم الجمعة (الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني 2025).
وفي مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي 2024 علق المكتب معظم قراراته المتعلقة بطلبات السوريين، مبررا ذلك بالتطورات المتسارعة في سوريا عقب الإطاحة برئيس النظام السوري السابق بشار الأسد. ومع ذلك، استمرت القرارات الشكلية، مثل تحديد أن دولة أوروبية أخرى هي المسؤولة عن معالجة الطلب. كما استمر المكتب في اتخاذ قرارات بشأن طلبات مقدمة من مرتكبي جرائم ومصنفين كخطرين أمنيا، وهم أشخاص تعتبرهم السلطات الأمنية قادرين على ارتكاب جرائم جسيمة تصل إلى تنفيذ هجمات إرهابية.
وقال المكتب: “أصدر المكتب في حالات فردية مبررة قرارات رفض كاملة بحق مواطنين سوريين”. وأشار المكتب إلى أن المحاكم تؤيد موقفه، وقال: “تظهر الأحكام القضائية الأخيرة توجها حذرا نحو رفض الطعون المقدمة ضد قرارات الرفض… تؤكد الأحكام القضائية الحالية، المتوافقة مع الرأي القانوني للمكتب، أن الوضع المتغير في سوريا لا يبرر في جميع الحالات فرض حظر على الترحيل، لا سيما بالنسبة للرجال الشباب الأصحاء”.
دراسة ألمانية تكشف تراجع الشعور بالترحيب لدى اللاجئين
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video
عودة إلى البت في طلبات اللجوء
ومنذ نهاية سبتمبر/أيلول الماضي 2025 عاد المكتب إلى البت في ملفات “الرجال الشباب القادرين على العمل وغير المصحوبين بذويهم”. وأضاف المكتب: “حتى في هذه الحالات، ووفقا لمعلومات الموطن الأصلي والأحكام القضائية السابقة، يمكن إصدار قرارات رفض كاملة إذا لم تقدم أسباب فردية بشأن التعرض للاضطهاد”.
ويضغط المستشار الألماني فريدريش ميرتس من أجل استئناف عمليات الترحيل إلى سوريا في أقرب وقت ممكن. وتعتزم الحكومة الألمانية ترحيل مرتكبي الجرائم بشكل خاص بسرعة. وقال وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبرينت: “نسعى لإبرام اتفاقيات مع سوريا تتيح تنفيذ عمليات الترحيل إليها”. وكان الوزير قال لصحيفة “راينيشه بوست” الألمانية في سبتمبر/أيلول الماضي: “نريد التوصل إلى اتفاق مع سوريا قبل نهاية هذا العام، لنبدأ بترحيل مرتكبي الجرائم، ثم لاحقا الأشخاص الذين لا يملكون حق الإقامة”.
تحذير أممي من تقليص المساعدات الإنسانية
من جانب آخر، وجه المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، نداء إلى البرلمان الألماني (بوندستاغ) لتوسيع نطاق المساعدات الإنسانية. وقال غراندي في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ): “الإبقاء على المساعدات الإنسانية عند هذا المستوى المنخفض خطأ استراتيجي جسيم”.
ومن المقرر أن تجتمع لجنة الموازنة في البرلمان الألماني يوم 13 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري 2025 لوضع اللمسات الأخيرة على موازنة عام 2026.
وكانت ألمانيا خفضت هذا العام المساعدات الإنسانية مقارنة بعام 2024 إلى أقل من النصف، من 2,3 مليار يورو إلى 1,05 مليار يورو، وهي نفس القيمة المقررة لعام 2026.
وقال غراندي: “إذا تراجعت المساعدات الإنسانية، فإن الناس سيتجهون مجددا نحو أوروبا، وهذا يثير قلقي الشديد… تذكروا عام 2015″، وذلك في إشارة إلى العام الذي شهد قدوم مئات الآلاف من اللاجئين إلى ألمانيا. وأوضح غراندي أن أحد أسباب موجة اللجوء آنذاك كان تقليص الدعم الإنساني للاجئين السوريين في دول الجوار بسبب نقص التمويل.
وأشار إلى أن الوضع هذا العام مشابه، إذ أن المساعدات للاجئين السودانيين في تشاد قد تقلصت بسبب خفض التمويل من الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وفرنسا ودول أخرى، وقال: “هل تعلمون من يسيطر على المنطقة هناك اليوم؟ المهربون… يقولون للناس: لن تحصلوا على شيء هنا، أعطني بعض المال وسأنقلك إلى ليبيا، ومن هناك إلى أوروبا”.
ودعا غراندي الساسة الألمان إلى زيادة المخصصات المالية لعام 2026، مشيرا إلى أن اللاجئين من السودان ليسوا وحدهم، بل إن سكان منطقة الساحل الإفريقي، التي تعاني من النزاعات وتغير المناخ، يبحثون أيضا عن مخرج عندما لا يرون أي فرصة للحياة في أوطانهم، وقال: “لا تتوقعوا أن تتمكن المنظمات الإنسانية من التعامل مع هذه الأزمات إذا لم تغيروا المسار”.
تحرير: خالد سلامة
