تسارع التعافي الاقتصادي في مصر بشكل حاد في الربع الأول من السنة المالية 2025/2026، حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5.3%، مسجلًا أسرع نمو ربع سنوي في البلاد منذ أكثر من ثلاث سنوات، وفقًا للبيانات الأولية الصادرة عن وزارة التخطيط يوم الخميس ونشره موقع فاينانس ان افريكا.

يُمثل هذا الأداء تحسنًا ملحوظًا مقارنةً بالنمو الذي بلغ 3.5% في الفترة نفسها من العام الماضي، ويُؤكد مرونة الاقتصاد المصري غير النفطي، حتى مع استمرار تأثير نشاط النفط والغاز على الناتج الإجمالي.

أكد المسؤولون أن هذا التحسن يعكس تأثير الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية الجارية التي عززت استقرار الاقتصاد الكلي، وعززت السيولة في القطاع المالي الرسمي، واستعادت ثقة المستثمرين.

قطاع التصنيع يتصدر النمو بأرقام مزدوجة

كان قطاع التصنيع من بين أقوى القطاعات أداءً بين يوليو وسبتمبر 2025، حيث نما بنسبة 14.5% على أساس سنوي. وحققت العديد من القطاعات عالية القيمة والمرتبطة بالمستهلك مكاسب كبيرة:

ارتفع إنتاج السيارات بنسبة 50%نما قطاع الصناعات الكيميائية بنسبة 44%ارتفع قطاع المشروبات بنسبة 37%ارتفع إنتاج الأثاث بنسبة 34%

أشارت الوزارة إلى أن تحسن الوصول إلى المكونات المستوردة وقوة الطلب المحلي ساهما في زخم القطاع.

وازى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات نمو قطاع التصنيع بنسبة 14.5%، معززًا مكانته كأحد أسرع القطاعات غير النفطية نموًا في مصر. ونما قطاع الوساطة المالية – الذي يشمل الخدمات المصرفية ونشاط الائتمان وتدفقات السيولة – بنسبة 10.2%.

السياحة تحافظ على زخمها بعد الجائحة

ظلت السياحة محركًا رئيسيًا للنمو، حيث نمت بنسبة 13.8% مقارنة بالعام السابق، حيث ارتفع عدد الزوار الوافدين إلى ما يقرب من 5.1 مليون زائر. عززت هذه الزيادة تدفقات العملات الأجنبية المرتبطة بالسفر والضيافة والنقل.

تتوقع فيتش سوليوشنز أن ترتفع إيرادات السياحة من 17.1 مليار دولار أمريكي في عام 2025 إلى 19 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2029، مدعومةً بالافتتاح الذي طال انتظاره للمتحف المصري الكبير، والذي من المتوقع أن يجذب حركة مرور دولية كبيرة.

قناة السويس تعود إلى النمو بعد عام صعب

على الرغم من التوترات الجيوسياسية واضطرابات الشحن العالمية، سجلت قناة السويس أول نمو إيجابي لها منذ أكثر من عام، حيث نمت بنسبة 8.6% خلال الربع. ويمثل هذا الانتعاش انتعاشًا لأحد أهم مصادر الدخل الأجنبي في مصر.

انكماش قطاع النفط والغاز مع تأثر الناتج المحلي الإجمالي بالهيدروكربونات

تباينت قوة القطاعات غير النفطية بشكل حاد مع استمرار ضعف قطاع الهيدروكربونات. انكمش قطاع النفط والغاز بنسبة 5.3% على أساس سنوي، مع انخفاض إنتاج البترول بنسبة 6.6%، وانخفاض إنتاج الغاز الطبيعي بنسبة 10.9%.

يرى المحللون أن التباطؤ يعكس التحديات الهيكلية والضعف الدوري في أسواق الطاقة العالمية.

اقرأ أيضا.. بريطانيا تنسحب من خطة إعادة تسليح الاتحاد الأوروبي.. خلافات التمويل تسقط الشراكة

ظهور مزيج نمو أكثر توازناً

بالنسبة لصانعي السياسات والأسواق، تُبرز أحدث الأرقام تحول مزيج النمو في مصر. وتمتص الصناعات غير النفطية بشكل متزايد ضغوط الهيدروكربونات، مما يُوسّع قاعدة الانتعاش الاقتصادي.

مع انخفاض التضخم، وتحسن السيولة المالية، ودعم السياحة للاحتياطات الخارجية، يرى المسؤولون أن هذا الربع مؤشر على أن الإصلاحات بدأت تترسخ، مما يُهيئ مصر لتوسع أكثر استدامة.

نسخ الرابط
تم نسخ الرابط