نداء الوطن

نداء الوطن

ودّع لبنان الحبر الأعظم لاوون الرابع عشر، ليستقبل من جديد ملفاته الساخنة والمصيرية التي لا مفرّ منها. ثلاثة أيام شكّلت استراحة وطنية ومعنوية، غمرها الفرح والرجاء، وحملت رسائل دعم وتصويب في آنٍ للدولة والكنيسة. إذ أفادت معلومات لـ “نداء الوطن” بأن البابا خلال لقائه الخاص مع الأساقفة الكاثوليك في مقر السفارة البابوية، أمس الأوّل، كان “شديد الصراحة”، خصوصًا في ما يتعلّق بإصلاحات كنسية داخلية، بات تنفيذها ملحًّا وضروريًّا، وتخضع لمراقبة وعناية فاتيكانية حثيثة.

وبين إقلاع الطائرة البابوية من مطار رفيق الحريري الدولي، واستعداد بيروت لإنزال دبلوماسي عربي ودولي مرتقب اليوم وغدًا، فجّر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، “قنبلة أمنية” فوق ملف تفجير المرفأ، مشيرًا إلى أن “الفرقة 121 في حزب الله اغتالت شخصيات تجرّأت على كشف الحقيقة”. والمفارقة أن أهمية هذه “المتفجّرة” لا تكمن في مضمونها أو المعلومات التي أوردتها، بل في توقيتها، إذ جاءت بعد ساعات من وقفة وجدانية مؤثرة للبابا أمام موقع الانفجار، إجلالًا لأرواح ضحايا الرابع من آب.

وإذا كان اليومان الأولان من زيارة خليفة بطرس، قد اتسما بالأبعاد الروحية والإنسانية والثقافية، فإن اليوم الأخير، حمل مواقف أكثر وضوحًا في مقاربة الإشكاليات السياسية الجوهرية. ففي القدّاس الإلهي الذي أُقيم صباح أمس على الواجهة البحرية لبيروت، بحضور آلاف المؤمنين والمسؤولين، شدّد البابا لاوون الرابع عشر على أن “الشرق الأوسط يحتاج إلى مقاربات جديدة، تتجاوز الانقسامات السياسية والدينية، وتفتح صفحة من المصالحة والسلام”. ودعا في عظته إلى عدم اليأس، متوجّهًا إلى لبنان النازف والمشلول، بالقول: “قم انهض وكن علامة للسلام في المشرق”. وخلال مراسم الوداع في المطار، دعا الحبر الأعظم في كلمته إلى أن “نُشرك الشرق الأوسط بأسره في الالتزام من أجل السلام والأخوّة، بما في ذلك مَن يُعتبَر اليوم عدوًّا”. أضاف: “علينا أن نوحد الجهود كي يستعيد لبنان رونقه. وهناك طريقة واحدة لذلك: أن نجرد القلوب من السلاح، وأن نُسقط دروع انغلاقنا العرقي والسياسي، وأن تنفتح معتقداتنا الدينية على اللقاء المتبادل وأن نوقظ في داخلنا حلم لبنان الموحد حيث ينتصر السلام والعدالة، وحيث يعترف الجميع ببعضهم البعض كإخوة وأخوات”.