في بلدة ميزون ألفور (Maisons-Alfort) التابعة لإقليم فال دي مارن (Val-de-Marne) بمنطقة إيل دو فرانس (Île-de-France)، يتواجد واحد من أغرب المتاحف حول العالم وأكثرها رعباً.

ففي تلك المنطقة الواقعة على مقربة من العاصمة باريس، تحتوي المدرسة الوطنية للطب البيطري بألفورعلى متحف فراغونار (Musée Fragonard) الذي يضم عدداً هاماً من جثث حيوانات وبشر مسلوخين ومحنطين بشكل جيد.

صورة لجثة قرد مسلوخ بالمتحف

صورة لجثة قرد مسلوخ بالمتحف

فيما يستقبل هذا المتحف سنوياً عددا كبيرا من الزوار الذين يقودهم الفضول لمشاهدة محتوياته.

إلى ذلك، سمي هذا المتحف باسم فراغونار نسبة للعالم والخبير بعلم التشريح الفرنسي هونوري فراغونار (Honoré Fragonard) الذي صنع عددا كبيرا من هؤلاء المسلوخين المعروضين بالمتحف.

مسيرة هونوري فراغونار

ولد فراغونار يوم 13 يونيو 1732 بمدينة غراس (Grasse) الواقعة بمنطقة بروفونس آلب كوت دازور (Provence-Alpes-Côte d’Azur) التي تضم بيومنا الحاضر مدينة مرسيليا. ويصنف هونوري كأحد أقرباء الرسام الفرنسي الشهير جون هونوري فراغونار (Jean-Honoré Fragonard) الذي اشتهر بفن الروكوكو (rococo) وبرز من خلال رسومه الخفيفة والحسية.

ومنذ بدايته، أبدى فراغونار إعجابه بمجال الطب. فدرس الطب بباريس وأعجب بمجال علم التشريح ومكونات أجسام الكائنات الحية.

صورة لجثة مسلوخة ومحفظة بالمتحف

صورة لجثة مسلوخة ومحفظة بالمتحف

ثم توجه الشاب الفرنسي لاحقاً، إلى دراسة الطب البيطري بمدرسة الطب البيطري بألفور التي كانت قد نشأت عام 1766 على يد الطبيب البيطري الفرنسي كلود بورجيلا (Claude Bourgelat) بموافقة من الملك الفرنسي لويس الخامس عشر.

لكنه سرعان ما تحول إلى واحد من أبرز مشاهير هذه المدرسة بسبب براعته في عمليات التشريح. فعين فراغونار أستاذا ودرّس علوم التشريح بهذه المدرسة.

صورة تعبيرية

صورة تعبيرية

أعمال فنية من جثث مسلوخة

وأثناء مسيرته، ابتكر هونوري طريقة غريبة وسابقة لعصرها لتحنيط الجسم البشري والحفاظ عليه.

ففي البداية، عمد هذا الطبيب الفرنسي لإزالة الجلد للحفاظ على العضلات والأعصاب ومن ثم لجأ لتنظيف الجسم وإزالة السوائل به قبل تركه يجف.

كما عمد أيضاً إلى إفراغ الجسم عبر انتزاع عدد الأعضاء ولجأ لاستخدام بعض المواد الأخرى مثل الكحول وحمض الخليك (Acetic acid) وكلوريد الزئبقيك (mercury dichloride) للحفاظ على الأنسجة ومنع تآكلها وتعفنها.

صورة جانبية لفارس القيامة

صورة جانبية لفارس القيامة

ولاحقا، قام هونوري بطلاء الأوردة باللونين الأزرق والأحمر بينما استخدم اللون الأبيض لكل ما يتعلق بالأعصاب.

ثم وضع في النهاية الجثة بوضعية معينة ليضفي عليها طابعا خاصا.

هذا وعرضت أعمال فراغونار التشريحية بالمتحف التابع لمدرسة الطب البيطري بألفور. فوصف هذا المتحف بمتحف المسلوخين، وضم أعمالا فنية لقبت بالجنائزية.

صورةللجثة المسلوخة فارس القيامة

صورةللجثة المسلوخة فارس القيامة

ومن ضمن أعماله الفنية الشهيرة، نجد الجنين الراقص وسيدة عيد الحب وفارس القيامة الذي كان عبارة عن جثة مسلوخة تمتطي حصانا مسلوخا.

فيما أوضح عدد من المؤرخين، أن الجثة المسلوخة الموضوعة على الحصان كانت لحبيبة هونوري التي عرفت بعشقها للفروسية، وتوفيت بحادث أثناء ممارسة هذه الرياضة.

عام 1771، طرد فراغونار من عمله كمدرس بسبب خلافه مع الطبيب البيطري كلود بورجيلا الذي أدار المدرسة.

فاتجه لمواصلة عمليات صناعة المسلوخين وبيعها للأثرياء محققا بذلك شهرة إضافية وثروة هامة.

ليفارق الحياة بحلول العام 1799، عن عمر ناهز 66 سنة.

لكن حتى يومنا الحاضر، لا تزال أعماله محفوظة بمتحف فراغونار في ألفور.